مــن المنفــى هل يلتزم نتنياهو
أخبار البلد-
لم يأتِ نتنياهو إلى عمان، اكراماً له، أو تقديراً لمكانته، أو تعبيراً عن صداقته، بل أتى سلفاً مصحوباً بالموافقة على الحفاظ على الوضع القائم لدى الحرم القدسي الشريف - المسجد الأقصى، وهي المعركة العنوان الأول بالنسبة لنا كأردنيين وفلسطينيين وعرب ومسلمين ومسيحيين.
لقد سبق لنتنياهو أن بعث رسالة إلى عمان رداً على تطاول وزيره بن غفير وتدنيسه لساحات المسجد الأقصى أن قال فيها إن خطوة بن غفير لا تعني تغييراً من جانبهم بوضع المسجد الأقصى، بعث برسالة طمأنة إلى عمان، أن انقلاباً جوهرياً لن يحدث بالمسجد وستبقى العناوين والإجراءات على ما هي عليه.
نتنياهو معروف بالكذب والنفاق وتبديل أدواته، وهو مكشوف عاري أمامنا، وأمام العالم، وحتى أمام خصومه من اليمين الإسرائيلي: يائير لبيد وبيني غانتس وليبرمان، ورفضهم التحالف معه يعود إلى عدم ثقتهم به.
قبل مجيئة إلى عمان يوم الثلاثاء 24/1/2023، كان في عمان يوم 18/6/2018، وفي 12/7/2018، أصدر قراراً بالسماح للوزراء ونواب البرلمان الإسرائيلي بدخول واقتحام ساحات المسجد الأقصى، مما ترك انطباعاً أنه حصل على موافقة أردنية مسبقة لقراره حينما كان في عمان قبل عشرة أيام من ذاك القرار، فقاطعته عمان التي حاول زيارتها مرتين، وحاول الاتصال تلفونياً ثلاث مرات، ولم تتجاوب معه عمان وأُغلقت في وجهه، كما أُغلقت الأجواء الأردنية في وجه طائرته أدت إلى إلغاء رحلته إلى الخليج العربي وتعطيل مواعيده بسبب الإجراء الأردني.
لقد سمع نتنياهو من رأس الدولة الأردنية جلالة الملك، ما هو مطلوب منه، نحو احترام المكانة والقدسية للحرم القدسي الشريف المسجد الأقصى، باعتباره مسجداً للمسلمين، وللمسلمين فقط، كما هي الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود، والخلوة للدروز، والأيام المقبلة جديرة بالمراقبة، وإعطاء الجواب على صحة ما هو مطلوب، والالتزام بما يجب أن يكون.
نتنياهو حليف اليمين الإسرائيلي المتطرف والديني اليهودي المتشدد المتعصب، ليس طليق اليد، رغم أن لديه أدوات، ولكننا كأردنيين نقف في الخندق الفلسطيني ومعهم، لدينا أدوات عملية على الأرض للمواجهة تتمثل بالشعب الفلسطيني، والمقدسيين منهم، ورجالات الأوقاف وموظفيه 972 رجلاً وإمرأة وتم تعيين مائة موظف جديد رداً على زيارة بن غفير، ولدينا بسالة المقدسيين الذين سبقوا وأحبطوا في تموز عام 2017، مخططات نتنياهو بوضع الأبواب الحديدية والكاميرات الذكية، وكذلك أحبط المقدسيون برنامجه المعادي للكنائس والمقدسات المسيحية في شباط 2018، وتراجع وهُزم أمام إرادة المقدسيين، ولدينا فلسطينيو مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة وحركتهم الإسلامية، وأحزابهم الوطنية والقومية واليسارية، الذي يجدون أنفسهم رعاة وحماة وعناوين متقدمة مع المقدسيين من أجل القدس وحرمها ومسجدها.
لم يجد نتنياهو من يقف معه لدى المجتمع الدولي، وزيارة سفراء المجموعة الأوروبية للحرم القدسي الشريف المسجد الأقصى، الذين عبروا عن احترامهم لمكانة المسجد وقدسيته كمسجد للمسلمين، كانت بمثابة صفعة سياسية إلى نتنياهو وحكومته وأدواته.
كما وجد لدى الولايات المتحدة ربيبته وحامية مستعمرته سوى عدم التقدير لسياساته غير المتزنة سواء نحو المسجد الأقصى أو غيرها من العناوين الخلافية.
سيدفع نتنياهو ثمن زيارته إلى عمان، وستبقى أفعاله اليومية موضع مراقبة شديدة، وستبقى خيارات عمان مفتوحة كما هي عيون المقدسيين والشعب الفلسطيني، وأدواتهم الكفاحية المتوفرة صامدة مشروعة، فهي السلاح الأول الأهم لمواجهة نتياهو وكامل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.