بكري


دعا الدكتور احمد إبراهيم بكري اختصاصي إدارة واقتصاد الشركات الأوروبية الداخلية والخارجية وإدارة القوى البشرية الحكومة إلى الإسراع في البدء فورا بعملية الإصلاح الضريبي لاسيما في الوقت الراهن الذي تعتمد فيه الدولة سياسة التحديث والإصلاح للبنية الكلية لسائر قطاعات الاقتصاد ، وإعطاء الإصلاحات الضريبية أولى أولويات عمليات الإصلاح الاقتصادي من خلال تطبيق نظام اليكتروني يضبط عملية التهرب الضريبي على مختلف المستويات الفردية والمؤسسية والشركات .
وأكد في حديث مع " الدستور " إن الحاجة إلى الإصلاح الضريبي تأتي بهدف زيادة النمو الاقتصادي، وأن ترتفع إيرادات الضرائب ليس بسبب ارتفاع معدلاتها ، بل نتيجة لتحسين نظام التحصيل الرقابي مع مراعاة تحقيق العدالة وفرض الضريبة على الجميع ، وتخفيف آثارها على الفئات غير القادرة مبينا انه لابد من تخفيض الأعباء الضريبية على الدخل ومدخلات الإنتاج لتحسين وتشجيع بيئة الاستثمار والإنتاج والادخار وتخفيف أعباء الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة لتخفيض كلف الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق عند التصدير بدعمه بإعفاء الصادرات من الضرائب والرسوم وتذليل العقبات الإدارية .
وبين أن المشكلة لا تكمن بزيادة الضرائب ورفعها وإنما في قوانين الرقابة والتنظيم والتحصيل الضريبي غير المعلنة للوقاية وضبط عملية التهرب الضريبي بسبب غياب القوانين والأنظمة التي تحول دون تحصيل الضرائب بشكل جيد .
كما ودعا إلى استصدار سجل ورقم ضريبي لكل مكلف يشبه الرقم الوطني لكل مواطن أردني بحيث يتوفر لكل شخص ولو كان غير مسجل في سجل تجاري بحيث تتمكن الجهة المسئولة عن الضريبة من متابعة السجل الضرائبي إما شخصي وإما تجاري ليخضع لعملية رقابة ومتابعة من جهات الاختصاص ودوائر التنفيذ والرقابة المختلفة حتى لا تسنح الفرصة للتهرب من الضريبة .
وأوضح إن الحاجة ملحة لتفعيل لجان متخصصة من جهات أخرى ليست ضرائبية فقط وإنما حكومية وأمنية للتدقيق على السجلات الضرائبية لتامين إلزامية دفع الضريبة وان لا تبقى اختياريا للشخص المستحقة عليه الضريبة مشيرا إلى أهمية تعديل قوانين الضرائب لتصبح قوانين ضابطة ورادعة لكي لا يتلاعب المواطن في عملية دفع هذه الضرائب وتأهيل أشخاص يتمتعون بالثقة والمعرفة لهذا النظام .
وأشار إلى أن تحسين نظام تحصيل الضرائب لا يعني رفع نسب الضرائب بل قد تلجا الحكومات من خلال ضمانة عدم التهرب إلى تخفيض نسب الضرائب نتيجة لتحقيق عمليات تحصيل مردودات مالية ضرائبية أضعافا مضاعفة كما إن ذلك سيساهم في تحسين نظام التامين الصحي والضمان الاجتماعي لكل المواطنين وباقي الخدمات لان المستفيد من عملية التهرب بشكل اكبر هم الفئات من ذوي الدخل العالي جدا ، مؤكدا إن بعض الحكومات اخطات في رفع شعار أن لا تتحول الدولة إلى دولة جباية للضرائب كما تخطيء الحكومات التي تلجا إلى رفع نسب الضرائب لان ذلك يعيق مناخ الاستثمار ليصبح طاردا للاستثمار بدلا من أن يكون جاذبا له .
وشدد على ضرورة تثقيف المواطن حول أهمية دفع المكلفين للضريبة في أوقاتها لان في ذلك يكون الانتماء الحقيقي للوطن وان التهرب معول هدم وفساد في تدمير الاقتصاد الوطني .
وقال : ان ذلك يتطلب الاهتمام وربط مردودات الضرائب بمواضيع تحسين التامين الصحي والضمان الاجتماعي لدى شركات ومؤسسات القطاع الخاص لكل المواطنين من خلال توفير قوانين صارمة تمنع مسالة التهرب من إشراك المواطنين في القطاع الخاص بالتامين الصحي والضمان الاجتماعي حيث تنتشر ظاهرة تهرب القطاع الخاص من قضية الربط بالتامين والضمان وهو أمر يعدّ خسارة كبيرة على المواطن أولا والدولة ثانيا .
وقال : إن آلية التعامل مع نظام التحصيل تكون بتشكيل لجان مختصة وبمساندة رقابة الكترونية وفواتير مرقمة معتمدة لدى الجهات ذات العلاقة ولجميع الحركات والنشاطات الداخلية والخارجية مهما كان نوعها خدماتية أم تجارية أو صناعية أو فردية أو مؤسساتية مع مراعاة وجود نوعية الموظف وتخفيض العدد ثم السعي للتخفيف عن كاهل المواطن من ذوي الدخل المحدود ومساعدة الفقراء والعاجزين عن العمل وكبار السن والمرضى وخلق حالة تكافل اجتماعي مناسبة تساعد ذوي الدخل المحدود .
وأضاف : أن تحسين نظام التحصيل الضريبي يعمل على تحسين مستوى المسؤولية الاجتماعي ويحقق نظام اجتماعي سليم ويحافظ على الطبقة الوسطى التي تعتبر صمام أمان للمجتمع تقيه وتحد من انتشار الجريمة ، كما أن ذلك يدفع الجميع إلى الالتزام الضريبي نظرا لعملية المساواة وتجنب الاستثناءات والواسطات والتمييز مبديا أهمية المحافظة على المواد الاستهلاكية الأساسية في متناول الفئات الفقيرة مؤكدا أن نظام التحصيل مطبق ومعمول به واثبت فعاليته في كل الدول المتقدمة .
وشدد على ضرورة إلغاء عملية التخمين في النشاطات التجارية والصناعية والتي لا تناسب إلا في عمليات بيع العقارات والأراضي ضمن نطاق ضيق موضحا إن الجميع يسال الدولة عما تقدمه له بينما لا يطرح المواطن السؤال على نفسه من اتجاه آخر عما قدمه المواطن نفسه للبلد وبنائها ، لان المواطن الصالح هو من يدفع الضريبة وليس من يتخاذل عن أدائها لأنه نوع من أنواع الفساد ، لذا علينا إصلاح أنفسنا أولا وعدم تقييم الآخرين ومحاكمتهم لان هناك جهات مسئولة عن ذلك ولا ننصب من أنفسنا قضاة .
وختم حديثه بالدعوة إلى إعادة النظر في تعديل أنظمة وقوانين الضرائب بمختلف أنواعها وتوحيدها في إطار دائرة مختصة بكل الضرائب في كل المحافظات والعمل الفوري على تطبيق نظام تحصيل ضريبي صالح وغير فاسد ليضبط عملية التهرب الضريبي حفاظا على الاقتصاد الوطني من الانهيار والتراجع لا قدر الله مشيدا بخطوات جلالة الملك في زياراته الداخلية والخارجية خلال لقاءاته مع قادة الدول ورجال الأعمال لرفد الاقتصاد الوطني وإنعاشه وتحسين مستوياته .