جاهزية القطاع الخاص لتصدير الخدمات والسلع

أخبار البلد-  عقد رئيس مجلس النواب واعضاء الوفد الذي رافقه في زيارة العاصمة العراقية بغداد خلال الاسبوع الماضي اجتماعا مع ممثلي القطاع الخاص الاردني في أروقة مجلس النواب وكان هدف الاجتماع التعرف على تحديات دخول السوق العراقي وحثهم على تصدير السلع والخدمات والدخول في شراكات مع نظرائهم من الجانب العراقي وذلك عقب الاجواء السياسية الإيجابية التي رافقت زيارة النواب الى بغداد.

سرني حماسة قطاع الخدمات المالية والمصرفية للعمل والنظرة الايجابية للمستقبل بناء على قصص نجاح حققها هذا القطاع، وفي ذات الوقت فلا أكتمكم تجهمي من نظرة غير متفائلة لقطاعات أخرى مثل تصدير المقاولات والانشاءات مثلاً، والذي أظهر عدم جاهزية كافية لهذه الفكرة فقطاع المقاولات عانى خلال السنوات الاخيرة كثيرا بسبب قلة المشاريع الرأسمالية وتأخر تسديد مستحقاته المالية المترتبة على الحكومة، اضافة الى اشكالات فنية اخرى مثل صعوبة تقديم الكفالات البنكية خارج الأردن، فيما اشتكت قطاعات اخرى من ارتفاع كلف الانتاج الامر الذي يحد من المنافسة عند دخول السوق العراقي مقارنة مع منتجات دول اخری مثل إیران وتركیا والتي عادة ما تكون أرخص ثمنا.
كل هذه التحديات موجودة ونحن لا ننكرها او نتغافل عنها ولكن لا ينبغي أبدا أن تكون سببا لإغلاق الباب وعدم اجتراح الحلول والمحاولات، فكل شيء قابل للنقاش وكل تحد تقابله فرصة، نعم صحيح يوجد مقتضى سياسي مهم في تطوير العلاقات الاقتصادية مع العراق الشقيق وهو امر مفهوم نتيجة ترسبات سابقة، ولكن لا يمكن اسقاط هذا الامر بالمجمل على كافة تفاصيل العلاقة الاقتصادية بين البلدين، فحقيقة الامر ان القطاع الخاص الاردني يجب ان يكون اكثر استعدادا واكثر حماسة لتطوير هذه العلاقة وخاصة انه تنعم بحالة استقرار سياسي و امني لم تتوفر لنظيره القطاع الخاص العراقي مما يجعله اكثر قدرة على التحرك الايجابي لتعزيز الشراكة الاقتصادية الفاعلة.
‏القطاع الخاص الأردني يجب أن يكون ديناميكيا، ففي الوقت الذي تعاني فيه المنتجات التقليدية من المنافسة يمكن التوجه إلى المنتجات ذات القيمة المضافة العالية و التي تشكل فيها الكلف نسبة اقل كصناعة الادوية أو أنظمة التبريد والتكييف أو تكنولوجيا المعلومات مثلا. كما ان القطاع الخاص مطالب بتبني انظمة الجودة ومواكبة المستجدات الفنية والتكنولوجية، فالسوق ليس موجها بالسعر فقط بل بالجودة وخدمات ما بعد البيع ايضا. ولا يغيب عن بال القطاع الخاص اهمية اقتصاديات الحجم economy of scale وتوسيع قاعدة السوق عبر التصدير وبالتالي تخفيض حصة وحدة الانتاج الواحدة من اجمالي التكاليف الثابتة والمتغيرة.
لقد أظهرت حالة الاستقرار الامني التي يمر بها العراق حاليا وتشكيل حكومة السيد محمد السوداني الحاجة الى جهد كبير في مجال اعادة الاعمار والنهوض ببنية تحتية ضخمة في ظل وجود فائض مالي نتيجة عوائد النفط مما يعني ان المشاريع ستكون كبيرة وتحديدا في مجالات التعمير والانشاءات والطرق والطاقة وخدمات الرعاية الصحية وهو ما يدعو قطاع المقاولات الى البناء على الخبرة الأردنية المتراكمة للمقاول الأردني والتفكير في أساليب جديدة للعمل نحو تشكيل الائتلافات بين شركات المقاولات، مستذكرين اتفاق سابق أجرته نقابة المقاولين الأردنيين مع نظيرتها العراقية باعتماد تصنيف المقاول الأردني كما هو في العراق.
‏الحكومة هي أيضا مطالبة بمساعدة القطاع الخاص، فليس معقول بعد اليوم وجود أي مستحقات متأخرة للقطاع الخاص في ذمة الحكومة بحجة عدم رفع نسبة الدين العام، فهذه المتأخرات تمثل رأس المال العامل وهي تؤثر جوهريا في كفاءة الشركات التشغيلية وهي في نهاية الأمر دين على الحكومة وهي ملزمة بالوفاء به قانونا، كما أن الحكومة مطالبة بتذليل بعض العقبات الفنية واللوجستية لتسهيل ولوج المنتجات الأردنية للسوق العراقي مثل الاعتراف المتبادل لشهادات المطابقة ومثل تسهيل اجراءات تصدير البضاعة والنقل على المنافذ ومثل طول وبطء اجراءات تسجيل الدواء الأردني لدى الجهات المختصة في الجانب العراقي.
إن نجاح الجهود السياسية والبرلمانية في احداث تكامل اقتصادي أردني عراقي مرهون بمقدار ما تحرزه الحكومات في البلدين من اجراءات محفزة من خلال تفاهمات وقرارات عملية جادة في ظل توفر الارادة السياسية ومن ثم الحوار مع القطاع الخاص التعرف على العوائق وايجاد الحلول لها.