غسل الملابس يدويا يقلل نفاذ ملوثات البلاستيك الدقيقة للسلسلة الغذائية
أخبار البلد ــ كشفت دراسة جديدة أن أحد المصادر الرئيسية للتلوث الناجم عن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة هو الألياف المتساقطة أثناء غسل الأقمشة الاصطناعية، وتتسرب تلك الملوثات -عبر مجاري المياه إلى الأنهار والمحيطات- إلى جميع مكونات السلسلة الغذائية بداية من العوالق الصغيرة إلى الحيتان الضخمة.
وعلى الرغم من أن العديد من الدراسات تظهر أن الألياف الدقيقة يتم إطلاقها أثناء غسيل الملابس ذات المكونات الصناعية في الغسالة، فلم يكن واضحا كيف تسهم طرق الغسل اليدوي في هذا الأمر.
وفي الدراسة التي نشرت في عدد 12 يناير/كانون الثاني الجاري في دورية "إيه سي إس إنفيرومنتال ساينس آند تكنولوجي/ وتر" (ACS ES&T Water) -إحدى دوريات الجمعية الكيميائية الأميركية- أوضح الباحثون أن الغسل اليدوي يمكن أن يقلل بشكل كبير كمية الألياف المتساقطة مقارنة باستخدام آلة.
أطنان من البلاستيك
ينتج العالم أكثر من 10 مليارات طن من المواد البلاستيكية كل عام. ورغم بعض الجهود التي تبذل لتقليل النفايات البلاستيكية، مثل التخلص من الأكياس البلاستيكية في محلات البقالة والتي اتجهت لها بعض البلدان -مصر على سبيل المثال أعلنت شرم الشيخ والغردقة مدينتين خاليتين من الأكياس البلاستيكية- فإن أحد المساهمين غير المتوقعين في الكم الهائل من المواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة قد يكون طريقة غسل الملابس.
وقد وجدت الدراسة الجديدة أن غسل الملابس المصنوعة من الألياف البلاستيكية مثل البوليستر والنايلون باستخدام الغسالات يتسبب في إطلاق كميات كبيرة من اللدائن البلاستيكية الدقيقة في البيئة من خلال تصريفها في مجاري المياه التي تصب في الأنهار والمحيطات، ومن ثم تصل إلى السلسلة الغذائية.
واللدائن الدقيقة هي جزيئات بلاستيكية صغيرة يقل حجمها عن 5 مليمترات. تنتج هذه اللدائن عن معظم المنتجات التجارية، مثل مستحضرات التجميل والملابس، وتكسر المواد البلاستيكية الأكبر حجما.
وتكمن مشكلة اللدائن الدقيقة في أنها مثل جميع أحجام النفايات البلاستيكية، لا تتحلل الألياف بسهولة إلى جزيئات غير ضارة، وتستغرق مئات أو آلاف السنين لتتحلل بالكامل. وحتى الحين، تشير التقديرات إلى أن هناك 24.4 تريليون قطعة من البلاستيك الدقيق تتناثر في محيطاتنا وهي ضارة للغاية بالبيئة.
تجارب عملية
لفهم طرق الغسيل التي تدفع كميات أكبر من جزيئات البلاستيك الدقيقة، قام الباحثون بتنظيف نوعين من عينات النسيج، أحدها مصنوع من البوليستر بنسبة 100% والآخر مصنوع من 95% من البوليستر و5% من الألياف اللدنة.
قام الباحثون بتمرير الأقمشة في الغسالة وغسلوها يدويا أيضا. وعندما تم غسل النسيج الأول المصنوع بالكامل من البوليستر في الغسالة، ألقى في المتوسط 23.723 قطعة من البلاستيك الدقيق، مقارنة بـ1853 قطعة بلاستيكية دقيقة أطلقت عند غسلها يدويا، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح المؤلف المشارك في الدراسة "بوشان زينغ" -الأستاذ في كلية العلوم الطبيعية بجامعة ماساشوستس أمهيرست (UMass Amherst) بالولايات المتحدة- أن غسل الأقمشة يدويا يقلل من تسرب اللدائن الدقيقة مقارنة بالغسيل في الغسالة، إذ تميل الألياف الناتجة من الغسل باليدين إلى أن تكون أطول.
وفي حين أدت إضافة المنظفات والنقع المسبق للأقمشة واستخدام لوح الغسيل إلى زيادة عدد الألياف المحررة بالطرق اليدوية، ولكن لا يزال ليس بنفس القدر مثل استخدام آلة الغسل.
كما أثبتت التجارب العملية أنه لم يكن لدرجة الحرارة ونوع المنظفات ووقت الغسيل وكمية المياه المستخدمة أي تأثيرات ذات مغزى على كمية الجسيمات البلاستيكية الدقيقة المتساقطة أثناء الغسل اليدوي.
ويرى زينغ أن هذه النتائج ستساعد في توضيح مصادر تلوث البيئة بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة، ويمكن أن توفر إرشادات لطرق غسيل "أكثر مراعاة للبيئة"، ولكنه لا ينفي أن الدراسة قد تتعرض للنقد من قبل الباحثين الآخرين، خاصة أن التجارب العملية اعتمدت على استخدام عينات النسيج فقط في هذه الدراسة وليست الملابس نفسها.
ويضيف الباحث أن الفريق يخطط لإدخال الملابس المصنعة من مواد الألياف الصناعية في تجارب المحاكاة في المستقبل.