انقسامات "الناتو" تخدم بوتين

أخبار البلد ــ حذرت صحيفة "دايلي تلغراف” البريطانية من مآلات النقاش الدائر في أوساط حلف الناتو بشأن دعم أوكرانيا عسكريا. وأكدت في افتتاحية لها بعنوان "الانقسامات في حلف الناتو لا تخدم في النهاية إلا بوتين”، أنه رغم حالة الاقتصاد الروسي المزرية، لا يزال ممكنا أن يخطف الرئيس فلاديمير بوتين نصرا ما من بين "فكّي الهزيمة”.

وشددت على أن المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر مكّن روسيا من تعزيز نفوذها في قطاع الطاقة في أوروبا.

واعتبرت أن المستشار الحالي، أولاف شولتز، ربما يقدم خدمة للرئيس الروسي.

وأشارت إلى أن وزراء دفاع الناتو أوضحوا خلال اجتماع، أمس الجمعة، في رامشتاين جنوب ألمانيا، أن مثل هذا السلوك لم يعد مقبولا.

وتحدثت عن "خلاف بغيض” دار بين الوزراء حول ما إذا كانت برلين ستزود أوكرانيا بدبابات ليوبارد 2 الألمانية الصنع التي تعرب كييف عن حاجتها إليها.

وأكدت الصحيفة أنه يظهر أن ثمة خلافات عميقة في صفوف الحلف بشأن النتيجة المرجوة من الصراع.

الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف اتهم الدول الغربية "بالتشبث بوهم مأساوي بقدرة أوكرانيا على تحقيق النصر على أرض المعركة”

واعتبرت أنه من الواضح أن البعض داخل الناتو يفضل طرد القوات الروسية بشكل كامل من أوكرانيا، بما في ذلك من شبه جزيرة القرم.

لكن آخرين، بحسب التلغراف، يخشون من أن هذا قد يؤدي إلى أحداث، بما في ذلك داخل روسيا، سيكون من الصعب السيطرة عليها، ومن المحتمل أن يؤدي كذلك إلى استخدام الكرملين للأسلحة النووية.

وأضافت الصحيفة أن آخرين لا يزالون يعتقدون أن مآل الحرب هو تجميد الوضع الحالي، إذ يعجز الطرفان عن تحقيق اختراق.

ولفتت إلى أنه لا يوجد دليل على أن الرئيس الأوكراني قد يقبل بأقل من هزيمة كاملة للروس.

وأكدت الصحيفة أنه يتعين الخوف من أن يستغل فلاديمير بوتين أي انقسامات داخل حلف الناتو.

ورأت أنه يجب أن تكون الأولوية لدى الغرب هي ضمان قدرة أوكرانيا على منع بوتين من قلب الطاولة بهذه الطريقة.

وشددت على أنه إذا كانت هناك أي صفقة مع الكرملين في أي وقت، فعلى "الناتو” التأكد من أن يدرك الروس أنهم يتفاوضون من موقع ضعف. وهذا يعني، بحسب التلغراف، إعطاء كييف الأسلحة التي تحتاجها.

مطالبة أوكرانيا بمنحها دبابات ثقيلة لا تلقى إجماعا

وقد فشل حلفاء أوكرانيا في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا في الاتفاق على تسليمها دبابات ثقيلة، أمس الجمعة، ما يحبط آمال كييف ويضطرّها لانتظار إجراء مزيد من النقاشات للحصول على ضوء أخضر من ألمانيا.

وكشف وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بعد اجتماع للدول الغربية في القاعدة الأميركية في رامشتاين بألمانيا، أن الألمان "لم يتخذوا قرارًا بشأن دبابات ليوبارد”.

كانت توقعات كييف عالية قبل هذا الاجتماع الذي شاركت فيه نحو خمسين دولة بهدف تنسيق المساعدة العسكرية لصدّ الغزو الروسي.

ويرى خبراء أن الدبابات الثقيلة الحديثة ذات التصميم الغربي ستعطي أفضليّة حاسمة لكييف في المعارك التي تلوح في الأفق في شرق أوكرانيا، حيث عاودت روسيا الهجوم بعد تعرضها لانتكاسات شديدة هذا الشتاء.

عرضت بولندا وفنلندا تسليم دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا، لكن إعادة تصدير أي من المعدات العسكرية الألمانية الصنع مشروطة بالحصول على موافقة برلين.

وقال وزير الدفاع الألماني الجديد بوريس بيستوريوس على هامش الاجتماع "واضح جدا أن الآراء ليست متطابقة” بخصوص هذا الموضوع.

وأكد بيستوريوس الذي تولى منصبه الخميس أن "الانطباع” السائد لجهة أن ألمانيا ترفض وحدها تسليم الدبابات لكييف هو انطباع "خاطئ”.

وحاول وزير الدفاع الأميركي تخفيف الضغط على برلين، واصفا إياها بأنها "حليف موثوق”.

لكن أوستن صرح في الآن نفسه "نستطيع جميعا القيام بالمزيد” لمساعدة كييف.

في افتتاح الاجتماع، حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحلفاء على تسريع تسليم بلده الأسلحة الثقيلة. وقال عبر الفيديو "في مقدوركم إطلاق عملية إمداد واسعة توقف الشر”.

ورد الكرملين على الفور بأن تسليم أوكرانيا دبابات ثقيلة لن يغير أي شيء على الأرض.

واتهم الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الدول الغربية كذلك "بالتشبث بوهم مأساوي بقدرة أوكرانيا على تحقيق النصر على أرض المعركة”.

ومساء الجمعة، اعتبر زيلينسكي أن "لا خيار آخر” سوى ان ترسل الدول الغربية دبابات ثقيلة الى بلاده.

وقال "نعم، علينا أن نواصل القتال للحصول على دبابات حديثة، وكل يوم نؤكد بوضوح أكبر أن لا حل آخر سوى اتخاذ قرار في شأن الدبابات”.

وأضاف "لدى شركائنا موقف مبدئي، سيدعمون أوكرانيا ما دام ذلك ضروريا من أجل (تحقيق) انتصارنا”.

– هجوم أوكراني مضاد في الربيع –

إلاّ أن الأمور يمكن أن تتغير في الأسابيع المقبلة.

فقد أعرب وزير الدفاع البولندي الجمعة عن "اقتناعه” بأن الحلفاء المجتمعين في رامشتاين بألمانيا سينجحون في تشكيل تحالف لمنح أوكرانيا دبابات ليوبارد.

وأشار نظيره الأميركي إلى أن "لدينا فرصة سانحة بين اللحظة الراهنة والربيع… أي عندما يبدأون عملياتهم، هجومهم المضاد”.

وأضاف أوستن أنه حتى ذلك الحين، فإن حزم المساعدات العسكرية الإضافية المتنوعة التي وعدت بها دول عدة مؤخرًا توفر للقوات الأوكرانية "القدرة التي تحتاج اليها لتحقيق النجاح” على الميدان.

قبل ساعات من هذا الاجتماع، تعهدت الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد والدنمارك إرسال شحنات جديدة كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا.

وستفرج واشنطن عن مساعدة عسكرية جديدة بقيمة 2,5 مليار دولار تشمل 59 عربة مصفحة من طراز برادلي، تضاف إلى 50 مركبة مدرعة خفيفة من هذا الطراز تم التعهد بها في السادس من كانون الثاني/يناير، و90 ناقلة جند مصفحة من طراز سترايكر، وفق البنتاغون.

لكن الدفعة الجديدة لا تشمل أي دبابات ثقيلة، مثل أبرامز.

أعرب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي عن شكوكه الشديدة في تمكن أوكرانيا من دحر القوات الروسية من أراضيها هذا العام

وتعهدت بريطانيا إرسال 600 صاروخ بريمستون إضافي لأوكرانيا، والدنمارك بتوفير 19 مدفع قيصر فرنسي الصنع، ووعدت السويد بمد أوكرانيا بمدافع آرتشر.

أما فنلندا، فتعهدت الجمعة بمساعدة عسكرية بقيمة 400 مليون يورو لأوكرانيا، وهي أكبر مساهمة لها حتى الآن وتشمل أسلحة مدفعية وذخيرة.

وأعلنت الحكومة الهولندية الجمعة أنها ستساعد أوكرانيا على التزود بنظام الدفاع الجوي باتريوت، ويأتي ذلك فيما تسرّع الدول الغربية وتيرة تسليم الأسلحة إلى كييف.

إلى ذلك، أعرب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي الجمعة عن شكوكه الشديدة في تمكن أوكرانيا من دحر القوات الروسية من أراضيها هذا العام.

وقال ميلي إثر اجتماع رامشتاين "من وجهة نظر عسكرية، ما زلت أرى أنه سيكون من الصعب جدا في هذا العام دحر القوات الروسية عسكريا من كامل… أوكرانيا المحتلة”.

من جهته اعتبر مسؤول أميركي كبير الجمعة أن على أوكرانيا ألا تسعى للدفاع عن مدينة باخموت بأي ثمن، وأن تركز أكثر على الاستعداد لشنّ هجوم مضاد كبير.

ورأى أن الأولوية المعطاة للقتال في باخموت تعرقل أوكرانيا في مهمتها الأساسية المتمثلة في التحضير لهجوم استراتيجي ضد الروس في جنوب البلاد خلال الربيع.