هل «يُفشل» أردوغان انضمام السويد وفنلندا.. لِـِ«الناتو»؟

أخبار البلد-

 

باشتراطه تسليم السويد «130 إرهابياً» لتركيا كي تصادق على انضمامها إلى الناتو، يضع الرئيس التركي اردوغان نفسه في مُواجهة ساخنة مع «حلفائه» في الحِلف العسكري، وبخاصة الولايات المتحدة ودول أوروبا الشرقية, وعلى رأسها دول البلطيق الثلاث وبولندا الأكثر عداءً وكراهية لروسيا. في وقت لا تبدو فيه ستوكولهم قادرة أو راغبة بتلبية مطالب أنقرة لاعتبارات قانونية وأخرى دستورية. إذ ثمة ما يحول دون حكومتها وتنفيذ المطالب التركية كون معظم المطلوبين والمُتهمين بالإرهاب يحملون الجنسية السويدية أو تصاريح اقامة طويلة في ذلك البلد? ناهيك عن أولئك الذين تم منحهم اللجوء السياسي، وهو ما أعلنه «صراحة» رئيس وزراء السويد/اولف كريسترسون بقوله: إن لتركيا «مطالب لا يُمكننا ولا نريد تقديمها».

وإذ لا يتوقف الأمر على موافقة تركيا وحدها على انضمام السويد/وفنلندا لحلف شمال الأطلسي, حيث ما تزال «هنغاريا» لم تطرح هذه المسألة على برلمانها المطلوب تصديقه رسمياً على معاهدة الانضمام (كما يشترِط ميثاق الناتو, موافقة برلمانات «كل» الدول الأعضاء).. فإن احتمال اندلاع أزمة جدّية في العلاقات الأميركية التركية بات شبه مؤكد، بعد أن بدأت أوساط الكونغرس تدعو إلى ربط موافقته على صفقة طائرات F16 أميركية لتركيا, بقيام الأخيرة بالمُصادقة على انضمام السويد/وفنلندا للناتو، على ما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية يو? 13/1، علماً أن وزير الخارجية التركي شاويش أوغلو سيبدأ زيارة رسمية لواشنطن اليوم/الثلاثاء.

وإذا ما ربطنا بين تصريح المُتحدّث «الإقليمي» لوزارة الخارجية الأميركية/صامويل وربرغ الذي أعرب فيه عن «ثقته» من انضمام فنلندا والسويد للناتو (13/ 12/ 2022) وبيّن الحذَر المحمول على التشاؤم الذي أبداه أمين عام حلف الناتو/ستولستنبرغ الأسبوع الماضي (8/ 1) عندما قال: إنه «يتوقّع انضمام فنلندا/والسويد إلى الناتو اعتباراً من العام 2023, مُستطرداً في ما يشبه «التحذير» أنه «لا يملِك ضمانات بشأن التاريخ الدقيق»، فإن مُجرد الربط بين هذين التصريحين (الثقة الأميركية بانضمامهما وتشاؤم أمين عام الحلف واعترافه بأنه لا يمل? ضمانات"), فإن بوادر أزمة مُتدحرجة بين واشنطن وكل من تركيا (وهنغاريا) باتت تلوح في الأفق, ليس فقط في أن مواقف أنقرة وبودابست، تعكسان موقفاً متشدداً يروم تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية, بل خصوصاً لشكوكٍ بل اتهام من واشنطن وحزب الحرب في الناتو لهما, بأنهما بذلك إنما «يَدعمان» موقف روسيا (ارتباطاً بالطبع لعدم موافقة تركيا على التزام العقوبات الأميركية/الأوروبية على روسيا، كذلك حال هنغاريا التي تُشكّك في جدوى عقوبات كهذه, وترى انها تضرّ أوروبا اكثر مما تمسّ روسيا أو تُضعِف اقتصادها).

العلاقات الأميركية – التركية لم تخل من توترات حتى قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية، وهي ازدادت تأزماً في الآونة الأخيرة بعد «مُعارضة» واشنطن, قيام أنقرة بغزو جديد الشمال السوري. ليس حُباً في سوريا أو حرصاً على سيادتها بالطبع، بل دعماً للإنفصاليين الكرد (قوات سوريا الديمقراطية/قسد وذراعها السياسية/مسد) واتهام أنقرة لواشنطن بتسليح الكرد وتشجيعهم على استهداف الجيش التركي وعرقلة مخططاته، بل وقيام قيادات عسكرية أميركية بحشد المزيد من القوات في مناطق سيطرة كرد سوريا, وطمأنتهم بان اميركا «لن» تسمح لتركيا باجتياح مناط?هم (..) فضلاً عن غضب إدارة بايدن من مواقف أنقرة إزاء الحرب الأوكرانية.

فهل يمضي أردوغان قدماً في «إفشال» انضمام السويد/وفنلندا للناتو؟.

ليس من الحكمة التسرع في الاستنتاج, لأن أردوغان الذي يعاني من مشكلات عديدة في الداخل التركي فلا عن «هموم» معركة الانتخابات الرئاسية الوشيكة (18 حزيران المقبل، إذ لم يجرِ تقديمها), لن يُغامر بإغضاب واشنطن, التي باتت هي الأخرى «قلِقة» من الأوضاع الصعبة التي بدأ يعيشها الجيش الأوكراني, خاصة بعد تحرير الجيش الروسي مدينة سوليدار الاستراتيجية، والاندفاعة الجنونية التي تقوم بها بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبخاصة حلف الناتو, عبر تزويد كييف بأسلحة ثقيلة ومُتقدمة تكنولوجيّاً، على نحو قد تأخذ الأمور إلى?مواجهة مباشرة مع روسيا، التي تعهّدت باستهداف وتدمير تلك الأسلحة، بل خصوصاً تأكيدها أن هذا لن يُغيّر من موقفها, بل هي ماضية في تحقيق أهداف عمليّتها العسكرية الخاصة. وسط حديث متواتر عن إمكانية قيامها بقطع طريق الإمدادات الغربية إلى أوكرانيا عبر الحدود البولندية, وانخراط بيلاروسيا في الحرب مع وجود أزيد من عشرة آلاف جندي روسي على أراضيها.

في السطر الأخير ردود الأفعال الأميركية وتلك الغربية على «اشتراطات» اردوغان لن تتأخر, وخصوصاً في ظل ما ستسفر عنه زيارة وزير خارجيّته/جاويش اوغلو الراهنة... لواشنطن. في ظل بروز دعوات أوروبية «ناتوية» بطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي او تعليق عضويتها فيه لـ"تمرير» قبول الدولتين الإسكندنافيّيتيْن.

kharroub@jpf.com.jo