وليد سيف في أولى حوارات "الشرق الاوسط": آن الأوان لانتاج سرديتنا
اخبار البلد – بجموح معتاد، وحالة ثورية مستمرة، واعية لأفخاخ الرواية السردية الموجهة، ينبه المؤرخ والكاتب الدكتور وليد سيف من "أي خطاب وعظي مباشر أو توجيه للمستقبل من خلال نص سردي تاريخي لم يبرأ صاحبه من تحيزاته الناتجة عن قناعات وقيم يحاول فرضها.
صاحب التغريبة الفلسطينية، وعمر الفاروق، وصلاح الدين الأيوبي، وصقر قريش وربيع قرطبة، وغيرها الكثير من الأعمال الروائية التاريخية التي خلدها المشاهد في وجدانه فاستعاد الاحداث في ذاكرته لكن برؤية واقعية وسردية منطقية مهرها بتوقيعه سيف الذي يؤكد أن الاوان آن "لانتاج سردياتنا" بوصفة تستوجب انتهاج سلوك المتقصي والباحث في مجالات المعرفة" فمن يملك المعرفة . يملك القوة.. بل إن الاكثر معرفة هو الاكثر قوة في فرض روايته وقيمه وعولمتها".
على عادته في الوضوح، وبدون رتوش، أطل الكاتب سيف من نافذة" ملحمة يرتبط فيها التاريخ والفكر" ببعضهما لكن من خلال ندوة نظمتها كلية الإعلام حملت ذات العنوان في أولى حوارات أطلقتها جامعة الشرق الاوسط اليوم، ليسترجع تجاربه مع صراع دائم بين الخيال والحقيقة، ويروي قصصه في رسم لوحات التراث وكشف شغف الالتزام بقضايا الامة.
كلفة الابداع باهظة على الكاتب الذي يحاول الاستمرار في ذات المسار، والمؤرخ وليد سيف واحد من هؤلاء الذين يعانون من هذه الكلفة، ويكابدون الكثير في ضمان قصص الابداع الذي يفرض شروطه على المؤلف فهو لا ينطلق من فراغ وله زمان ومكان معينين، فأي عمل أبداعي "لا بد أن ينطلق من سياق تاريخي معين.. والسردية التاريخية الزمانية والمكانية لابد أن تخاطب الانسانية والواقع فأي عمل ابداعي يتجاوز حدود الزمان والمكان ويخاطب وجدان المتلقي الذي يستحضرها ويقرأها من زاويته".
بقلق المؤرخ، يستدرك سيف ويحذر من خطر إقحام الايدولوجيا في السردية التاريخية، مذكرا بسرديات صورت القدس وكأن لا مالك لها "كالسماء"، ليقطع بصوته الحازم ولغة جسده الصارمة أن "القدس مفتوحة لجميع الاديان لكنها ذات سيادة وطنية يجب الاعتراف بها"، وكأن سيف أرد أن يذكر بخطيئة المدون القديم الذي لا يستطيع أن يبرأ من تحيزاته النتاجة عن قناعاته، "فأي قراءة تاريخية لابد أن تقرأ قراءة تحليلية ونقدية فيها مطابقة الرواية للرواية وأن لا تقحم فيها الايدلوجيا".
ولأن الفكر أساس كل شيء، استهل رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الأوسط حديثه بحضور رئيسة الجامعة الأستاذة الدكتورة سلام المحادين، وشخصيات وطنية، وقيادية، وعمداء الكليات، وأعضاء الهيئتين التدريسية، والأكاديمية، وجمعٌ من الطلبة، بالقول إن كل شيء يبدأ بالفكر، وأن الجامعة كرّست أهمية التعلم المستمر لما في ذلك من أهمية كبيرة في غرس مفاهيم الجدّية.
وأضاف في الندوة التي أدارها الإعلامي، عضو هيئة التدريس في كلية الإعلام الدكتور هاني البدري، أن هذه الندوة تأتي ترجمة لقيم الجامعة في توفير الأجواء المناسبة للحوار، وتبادل الأفكار، وتغذية العقول، لجميع الفئات الموجودة فيها من أعضاء هيئة تدريسية، وإدارية، وطلبة، كون ذلك يعد تجسيدًا للممارسات الثقافية التنظيمية.
بدوره، دعا الكاتب الدكتور وليد سيف الطلبة للاجتهاد والجدية، فالمعرفة ليس مجرد وسيلةٍ للحصول على وظيفة، وأن المعارف متداخلة ولا يوجد ما يسمى بالانعزال عن المجالات المعرفية المختلفة.
وأشار إلى أن هناك الكثير من مصادر التفاهة الممتعة، وخطورتها تتمثل في تقويض الوصول إلى المصادر الجادة والمعرفية، خاصةً وأنها لا تعد ترفًا وإنما ضرورة لفرض سرديات القصص وعولمتها.
وأكد أن التعبير عن العالم الداخلي للشخصية قد يكون صعبًا في العمل التلفازي، بعكس العمل الروائي الذي تكثر فيه الأوصاف والتأويلات، الأعمال الأدبية الإبداعية لا تتوقف عند حقبة معينة، وهي تتجاوز حدود سرديات الزمان والمكان، وتخاطب الأسئلة الإنسانية المتجددة.