طاقة إيجابية هائلة
أخبار البلد- أتيحت لي فرصة خلال عطلة نهاية الاسبوع أن التقي مجموعة صغيرة حالمة من شابات وشباب الاردن اليافعين الباحثين عن المعرفة والرغبة في أن يكون لهم دور فاعل وأكبر في خدمة الوطن بنشاط له مردود ويشكل بداية لحياتهم العملية. بالرغم من ان جميعهم يعمل بصورة او بأخرى، إلا أنها الرغبة في المزيد بان تكون مساهماتهم أكثر فاعلية وعائد لهم. وقد امتد اللقاء، الذي كان بتنظيم من أكاديمية مرونة التابعة لمنتدى الفكر الحر، لأكثر من سبع ساعات متواصلة تخللها استراحات محددة وكان حول الثقافة الاقتصادية. وما لمسته من المشاركين جميعا التعطش للمعرفة، والبحث عن الحقيقة، والرغبة في التعلم والاستزادة من كل شيء رغم أن المحاضرات والتفاعل تركز على المواضيع الاقتصادية المحلية والاقليمية والعالمية.
وقد حرصت أن التقي بهم لمدة نصف ساعة مساء الخميس للتعرف عليهم ولمعرفة اسئلتهم المحددة وما هي المواضيع التي يرغبون أن يطلعوا عليها في اليوم التالي، يوم الجمعة. وقد سجلت زوجتي التي سعدت بمرافقتها، مشكورةً، كل المواضيع التي طرحوها، واذ بها تصل الى أكثر من 26 موضوعاً وسؤالاً، وكانت البداية رغبتهم بالتعرف على هوية الاقتصاد الاردني، وقصص النجاح والاخفاق في الاقتصاد الاردني، مروراً بالخطط والرؤى الاقتصادية والقطاعات التي تقود النمو، ودورهم كأفراد في الاقتصاد، والتعرف على ابرز الموارد الاقتصادية المتوفرة في الاردن، وقصص الاستثمار في مئة عام، وسياسات سعر الصرف التي اتبعت في الاردن، ودور الدولة في الاقتصاد، وتأثير الفساد على النمو الاقتصادي، وأثر التطورات التكنولوجية على الاقتصاد، ومدى تأثر الاقتصاد الاردني بالهزات والصدمات التي تحدث في الاقتصاد العالمي، وغيرها الكثير الكثير، وصولا الى مصداقية الاعلام في نقل واقع الاقتصاد.
باختصار، كان اللقاء عبارة عن عدد من الحصص الاقتصادية التفاعلية لمجموعة متنورة من الشابات والشباب الراغبين في الاستزادة من المعرفة الاقتصادية المتخصصة. وقد لمست فيهم حدة في الذكاء، وعمقا في التفكير، ورغبة في التعلم، وكان ذلك واضحاً في لمعان عيونهم، ودقة الانصات، ووضوح الاختلاف والاتفاق معي عند طرح ومناقشة المواضيع. وكما قالوا لي في نهاية اليوم الطويل الشيق الممتع: كم كانوا محظوظين بي، أقول لهم كنت محظوظاً أكثر بهم، فقد عُدْتُ بطاقةٍ إيجابيةٍ هائلةٍ شعرتُ بها طوال طريق عودتي من منطقة البحر الميت الى تلال الحُمر.
فبلا أدنى شك، يلعب محور الثقافة الاقتصادية دورًا حاسمًا في تحفيز وتشجيع الشباب الأردني من الرجال والنساء على الإبداع والتفوق والابتكار والبحث عن مبادرات لبدء حياة عملية منتجة. ويشير محور الثقافة الاقتصادية إلى القدرة على فهم واستخدام المفاهيم والمبادئ الاقتصادية لاتخاذ قرارات مستنيرة حول استخدام الموارد النادرة. وهنا يكمن تعريف علم الاقتصاد؛ وهو فرع من فروع العلوم الاجتماعية الذي يهتم بكيفية توظيف واستغلال الموارد الاقتصادية النادرة أو المحدودة لانتاج السلع والخدمات لاشباع رغبات الافراد وزيادة رفاهيتهم.
وتتمثل إحدى الفوائد الرئيسية للثقافة الاقتصادية في أنها تساعد الأفراد على فهم كيفية عمل الاقتصاد وكيف يمكن لأفعالهم أن تؤثر عليه. ويمكن أن يساعدهم هذا الفهم في تحديد فرص النمو الاقتصادي والتنمية، واتخاذ قرارات مستنيرة حول كيفية استخدام مواردهم لتحقيق أهدافهم.
ويمكن للثقافة الاقتصادية أن تساعد الشباب الأردني أيضًا على فهم أهمية التعليم والتدريب واكتساب المهارات. فالقوى العاملة المتعلمة والمدربة جيدًا تعتبر متطلباً اساسياً وضروريًا للنمو الاقتصادي والتنمية، ويجب أن يكون الشباب الأردني على دراية بفوائد الاستثمار في تعليمهم وتدريبهم من أجل أن يكونوا قادرين على المنافسة في سوق العمل.
ويمكن للثقافة الاقتصادية أن تساعد أيضًا الشباب الأردني على فهم أهمية ريادة الأعمال وتطوير الأعمال التجارية الصغيرة. فيمكن أن يكون بدء عمل تجاري صغير طريقة رائعة للأفراد للسيطرة على مصيرهم الاقتصادي، ويمكن أن تساعدهم الثقافة المالية والاقتصادية على فهم الفرص والتحديات التي ينطوي عليها بدء عمل تجاري. وقد استمعت لقصص نجاح رائعة من بعضهم بدأت صغيرة واصبحت أكبر.
بشكل عام، تعتبر الثقافة المالية والاقتصادية أداة قوية يمكن أن تساعد الشباب الأردني على الإبداع والتفوق والابتكار والبحث عن مبادرات لبدء حياة عملية منتجة. فمن خلال فهم طريقة عمل الاقتصاد والفرص التي يوفرها، يمكنهم اتخاذ قرارات مستنيرة حول كيفية استخدام مواردهم لتحقيق أهدافهم، ولإحداث تأثير إيجابي على الاقتصاد والمجتمع ككل.
هذه الفئة من الشباب الاردني منتشرة في كل قرية وحي ومدينة وبلدة على أرض الاردن الجميل الرائع بطيبة أهله وبتنوع مناخاته وخاصة في منطقة البحر الميت في مثل هذا الوقت من السنة. حمى الله شابات وشباب الأردن.