السيناريو القادم ..بعد عودة حماس للأردن!

محمد سليمان الخوالده
عودة حماس إلى الأردن تحت العباءة القطرية لها دلالات سياسية ويمكن من خلالها استشراف المستقبل للقضية الفلسطينية وعلاقتها بالدولة الأردنية.
وحقيقة ما كان لهذه العودة أن تكون لولا أن هناك تفاهمات سابقة تم الاتفاق عليها ما بين التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والاستخبارات الأمريكية وبمعرفة إسرائيلية ، كنت قد أشرت لها في مقال سابق قبل عدة شهور تحت عنوان طلبات الإخوان والمصالحة مع حماس جزء من صفقة كبرى .
عودة حماس للأردن الآن، تؤكد برأينا أن هناك تحولا في مسار الحركة منذ أن أعلن مشعل انه اتفق مع عباس على إطلاق المقاومة الشعبية من القطاع والضفة والتخلي عن المقاومة المسلحة ، بعد اجتماعه الأخير في القاهرة ، وبذلك تكون الحركة قد تبنت خطاً براغماتياً ، بدأته سابقا بقبول مبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967والالتزام بالهدنة المؤقتة مع إسرائيل .
هذا القرار الصعب كان نتيجة عدة عوامل وأحداث جسام تراكمت على كاهل الحركة ،خاصة بعدما فقدت قيادة حماس الغطاء والدعم المالي واللوجستي من قبل دمشق وطهران ، نتيجة موقفها الرافض لطلب إيران بدعم وتأييد نظام بشار الأسد الذي بات يعد أنفاسه الأخيرة ، مما أدى إلى توقف ضخ الأموال من إيران للحركة والتي كانت تساهم في الصرف على نحو 50 ألف موظف في حكومتها بغزة.
ناهيك عن فشل الحركة في تحقيق أي اختراق على الصعيد الإقليمي والدولي يصب لصالحاها نتيجة اختلال ميزان القوى لصالح الدول العظمى الداعمة لاسرائيل .
هذا التحول في مسار الحركة نحو الواقعية السياسية "البراغماتية" كان بناء على نصائح قدّمتها جهات عربية وغربية إلى حركة حماس بضرورة إعادة بناء فرع الإخوان المسلمين في فلسطين بديلا عن اسم حماس الذي ارتبط اسمها كمنظمة إرهابية ،بهدف الحصول على الاعتراف الدولي وخصوصا بعد الاعتراف الدولي المتنامي الذي حصلت عليه أحزاب الإخوان المسلمين في العالم العربي في تونس ومصر وسوريا وغيرها بعد انطلاق مسيرة الربيع العربي ، حيث أعلنت هذه الأنظمة الجديدة بأنها ملتزمة بمعاهدات السلام مع إسرائيل وبعضها أعلن انه سوف يقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل .
مثل هذه الخطوة تم اتخاذها قبل عدة شهور، وتعتبر حركة حماس الآن جزءا من التنظيم العالمي تحت مسمى جماعة الإخوان المسلمين فرع الضفة الغربية وغزة، و لم تعد تابعة لإخوان الأردن.
وها هي قيادة حركة حماس وصلت إلى الأردن تمهيدا للخطوات القادمة التي سوف تتكشف خلال الفترة القادمة ، وبنظرنا الخطوة القادمة بعد إعلان المصالحة الفلسطينية -الفلسطينية رسميا ،هي انتخاب السيد خالد مشعل مرشدا عاما للإخوان المسلمين في الضفة والقطاع تمهيدا للدخول في الانتخابات القادمة لرئاسة الحكومة الفلسطينية تحت مسمى حركة الإخوان المسلمين ( باسم حزب جديد ) وهي بداية نهاية اسم حماس الذي ارتبط بالمقاومة المسلحة من تاريخ الشعب الفلسطيني وللأبد وبالتدريج ،لاستيعاب بعض أصوات المعارضة في قيادة حماس والتي ارتبط اسمها باسم حماس ، وترك منصب رئاسة السلطة ومنظمة التحرير لحركة فتح وهو ما تم التوافق عليه خلال جولات المصالحة السابقة .
بالتأكيد مثل هذه الخطوات لن تكون قبل الانتخابات الأمريكية القادمة فالإدارة الأميركية لن تتخذ قرارات جوهرية والمغامرة بالاعتراف بإرث حماس ، طالما أن إسرائيل تعتبر حركة حماس منظمة إرهابية، وبالتأكيد لن تكون إلا بعد ترتيب أوضاع سوريا ما بعد نظام بشار الأسد.
وتأسيسا على هذا التوافق الفلسطيني -الفلسطيني سوف تظهر على السطح سلطة فلسطينية قوية تحت مظلة التحرير الفلسطينية بثوبها الجديد القوي الذي يضم داخلها جميع الأحزاب الفلسطينية بما فيها حزب الإخوان المسلمون للضفة والقطاع ، وبعد تحقيق انتخابات رئاسية وبرلمانية ناجحة سوف تلاقي استحسانا واعترافا أمميا ، مما يعطيها ورقة قوية في استكمال المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية لانتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس مرجعية التفاوض التي استطاعت إسرائيل انتزاعه أخيرا ، ودليل ذلك لقاءات عمان الأخيرة بين الفلسطينيين والاسرائيلين، وبدعم أمريكي .
هذه المفاوضات سوف تصل إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإسرائيلي المتوقع حدوثه ، لان إسرائيل اتخذت جميع الخطوات التنفيذية لدولة إسرائيل من بناء الجدار العازل وبناء المستوطنات وتهويد أجزاء كبيرة من القدس المحتلة ، وبذلك تكون إسرائيل رسمت دولة فلسطين الغير قابلة للحياة مسبقا ، وأمام هذا التعنت سوف تلجأ السلطة الوطنية الفلسطينية إلى الحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل مجلس الأمن وان تعذر ذلك فسوف يكون عن طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما ستناله قطعا ، وهذا الاعتراف سوف يثير حفظيه الإسرائيليين ويكون رد فعلهم أحادي الجانب بالانسحاب وفجأة إلى خلف الحدود التي رسمتها إسرائيل وهو جدار الفصل العنصري كما فعلت ذلك عندما انسحبت من قطاع غزة وترك الفلسطينيين شرق الجدار وسط استنكار أممي وعربي ، مما يؤدي إلى ردة فعل قوية من قبل الدولة الأردنية يتمثل بتجميد اتفاقية وادي عربة وسحب السفير الأردني من إسرائيل وهذا ما تريده إسرائيل فعلا وهو عودة باقي الضفة الغربية لسلطة الحكم الإداري الأردني أو بشكل اتحاد فيدرالي مع الأردن على أن يكون المسجد الأقصى تحت رعاية الدولة الأردنية ، كل ذلك سوف يحدث بعدما تكون أوضاع اللاجئين الفلسطينيين قد تم ترتيب توطينها في الدول العربية كل في مكانه وبانفتاح ودعم خليجي على مكونات الشعب الفلسطيني والأردني الذي بدأت أبوابه بالانفراج بعدما كانت بعض الدول الخليجية تمانع في دخول الأردنيين !!!!
والله من وراء القصد
msoklah@yahoo.com