حقيقة التراجع الاميركي والتقدم الصيني

أخبار البلد-

 
حدثان بالغا الاهمية شهدهما العالم العربي في العام 2022 الاول يتعلق بالقمة الامريكية العربية في جدة تموز /يوليو ؛ والقمة الصينية العربية في ديسمبر / كانون اول من العام ذاته .
زيارة الرئيس الامريكي جوبايدن للعربية السعودية ولقائه قادة المنطقة العربية جاءت لكبح جماح الانفتاح العربي على روسيا والصين ومحاولة لاقناع العربية السعودية والدول النفطية التخلي عن اتفاق "اوبك بلس" مع روسيا ؛ وتشجيعها على زيادة انتاج النفط لخفض التضخم في القارة الاوروبية ودعم العقوبات الغربية على روسيا في الان ذاته ؛ مسعى انتهى الى فشل كبير .
في مقابل ذلك جاءت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للرياض لاعطاء دفعة قوية للعلاقات العربية الصينية بعد ان شهدت قفزة كبيرة في حجم التبادل التجاري من 239 مليار دولار في العام 2020 الى 330 مليار دولار في العام 2022 فحجم النمو قارب الـ 50% في اقل من عامين.
تقدم مكانة العالم العربي لدى الصين قابله تراجع مكانة العالم العربي لدى الولايات المتحدة؛ او ما يطلق عليه الامريكان "الشرق الاوسط " اذ تراجعت مكانة المنطقة العربية الى المرتبة الرابعة بحسب الاستراتيجية المعلنة للرئيس الامريكي جو بايدن؛ ليتقدم المحيط الهادي والهندي واوروبا الى مراتب متقدمة من اهتمام الاستراتيجة الامريكية؛عبر عنه بتحركات عسكرية ابرزها الجدل الذي اثارته المدمرة الامريكية "تشونغ هون" بعبورها مضيق تايوان .
التراجع لا تعبر عنه الخطابات السياسية و الدبلوماسية والاستراتيجيات المكتوبة فقط بل و التحركات العسكرية والموازنات الامريكية المرصودة لذلك ؛ فموازنة الدفاع الامريكية ارتفعت من 750 مليار دولار العام الماضي الى 856 مليار دولار العام الحالي 2023 ؛ وهي زيادة جاءت رغم انسحابها من افغانستان وتراجع حضورها في سوريا والعراق .
ذلك ان الزيادة ذهب 10 مليار دولار منها كمساعدات عسكرية ومبيعات اسلحة لجزيرة تايوان ؛ و 50 مليار كمساعدات لاوكرانيا دفع منها على نحو مستعجل اكثر من 2 مليار دولار اميركي لتزويد اوكرانيا بناقلات مدرعة من نوع برادلي.
الاندفاعة الامريكية نحو المحيطين الهادي والهندي وشرق اوروبا لم تمنع الصين وروسيا من تعزيز حضورها في المنطقة العربية؛ فالامر لا يقتصر على تنمية العلاقات الصينية مع العربية السعودية والعراق ومصر على التوالي حيث تحتل السعودية ؛ المرتبة الاولى في العلاقة مع الصين تليها العراق بحجم تجارة تقدر ب 33 مليار تتبعها مصر بـ20 مليار دولار؛ بل تتجه نحو تركيا وايران ؛ بل وتمكنت الصين من اختراق الكيان الاسرائيلي ما اثار الكثير من القلق لدى الولايات المتحدة حول تكنولوجيا السلاح؛ اذ لم تتمكن حتى اللحظة من اقناع حليفتها في المنطقة اتخاذ مواقف اكثر صرامة ضد موسكو في اوكرانيا؛ او وقفت شراكتها مع الصين ومن ضمنها صفقات سلاح لشراء ناقلات جند صينية الصنع وتشغيل موانئ وخطوط سكك حديدية خفيفة.
التراجع الامريكي غرب اسيا والعالم العربي حقيقة تصفها الارقام والشراكات التجارية والامنية بين تركيا وروسيا من جهة ؛و روسيا وايران والسعودية من جهة ثانية والصين والسعودية وايران ودول الخليج من جهة ثالثة ؛ فرغم التهديد والوعيد الاميركي وقوائم العقوبات الا ان جهود اميركا لتضيق المساحات المتاحة لبكين وموسكو للحركة محدودة التاثير ولايتوقع ان تصمد طويلا امام الواقع المتطلب سياسيا واقتصاديا في غرب اسيا والعالم العربي والمدعوم بخريطة معقدة للصراع ناجمة عن الارث الاستعماري الخطير الممثل بالكيان الاسرائيلي وهو احد نقاط الضعف القاتلة واللالغام المتفجرة في الاستراتيجية الامريكية.