المصلح الأول... عبد الله الثاني
تقدم السن بمليكنا وأنتقل من عقد الأربعينيات مرحلة الشباب
ليدخل عقد الخمسينيات مرحلة الشيوخ، فأنت سيدي شيخ العرب
وملك ملوكهم ، وعميد الحكام وشريف آل البيت الأطهار، ولو أن
المرحلة التي نعيش لا تتحمل كلام المدح في ظل حراك أخر
البلاد وأدمى العباد.
فثبت حقا ً وُنطق صدقا ً بأنك صمام الأمان لهذا البلد الذي تجرئ
نفر من سفاسف قومه أن يمس السيادة التي يمثلها شخصك الكريم ،
وجناب فضلك الحليم ، الذي تعامل بحلم الشيوخ القديرين،مع معطيات
الحراك فأغلقت الطريق على كل من كانت نفسه .
تأمره بسوء وتحثه بسيئ الفعل وقبيح القول، ولكنك أخرست الأصوات
النشاز ، وطمست من تجاهلوا الدولة وقدرتها بعد أن فكروا أن يأخذوا
دورها السيادي ، وقدرتها على حماية الوطن وممتلكاته ومواطنيها
الذين أحبوك كلهم بدون إستثناء.
مخيمهم قبل مضاربهم القبلية ومدينتهم قبل قريتهم العائلية قليل منهم
من خرج باحتجاج كان .
من الضرورة أن يجري ومن الأصح أن يكون الحراك الممنهج، وعن
المصلحة الوطنية لن يخرج ، لأن الربيع العربي شامل للجميع
وأنت قطفت زهرهُ قبل أن يقطع شجره ، ويدمر ما حوله فالعقل منك
كانت حكمته تتجلى.
بشورك الصائب وتصرفك المصاحب لتطلعات الشعب، الذي يريد
الإصلاح وحاولت ونعم المحاول ، ولكن فساد البطانة حال دون التنفيذ
الفوري ، وتسلط المفسدين أعاق المسير وقد خافواعلى مواقعهم
القيادية ، التي حازوا عليها في زمن فساد كان .
أما الأن
فالتغيير واجب عليك سيد كقائد توجه من هم مسئولي التنفيذ ، بأن يبدأوا
التغيير الحقيقي وليس التمثيلي ضمن مسرحيات قد خطط لها ، بعض
المستهدفين بالفساد وأبطاله، والمختلسين للأموال والناهبين للثروات.
الفساد في كل المواقع سيدي وأنت المسؤول أمام الله بالدرجة الأولى
بأن تبرئ ذمتك أمام ملك ملوك الدنيا ، وأنت وليه في الأرض الأردنية
التي يقطنها شعب همك همه وهمه همك.
أنت ربان السفينة أذا خرقت غرقنا جميعا ً ،وأذا أوصلتنا شواطئ الأمان
فجزاؤك عظيم عند الله، والجزاء على قدر العمل والعمل يراد له
إخلاص ، والإخلاص يراد له نوايا حسنة والنوايا الحسنة نشعر
بصدقها ونلمس نتائجها .
ونواياك الطيبة وإن أغاظت بعض المنافقين ، وأكره عليها بعض
المستفيدين من سياسة فرق تسد ، وهذه سياسة تدميره خلقتها بريطانيا
الخبيثة التي صنعت بعض الأزلام كعملاء لها ، في زمن فات كان
للعملاء سوق رابح لبعض العائلات .
التي تسيدت المجتمع كقياديين نصبوا ، وبأنتخابات صورية فرضوا
على مجتمعاتهم وعلى بلداتهم ومناطق سكناهم، فالزمن تغير والعمل
تبدل ، بعد أن نوت أمريكا تغيير المنطقة ، لنظام ديمقراطي بدل
عن الدكتاتوري الذي كان سائد قبل الربيع.
أما الآن فأصبح الكبير والرضيع مواطنين سواء وأصبح الحراك
يشكل نقطة تحول ، لمستقبل يطبق فيه القانون بدل عن دولة الغير
قانون ، التي كانت فيها الواسطة هي التي توظف ، والرشوة هي
تحكم والفساد هو السائد ، والحق هو البائد ،فالآن تبدلت الموازين
وأنقلبت المعايير .
أدام الله من يريد العدل الذي أخذ يعود ليسود ، ويقود فهذا حال تغيير
الأحوال ، ومن الله وعلى الله الاتكال يا عبدا لله الثاني... فبك نقتدي
وخلفك نسير نحو أردن كلنا فيه سواء ، بعد أن أخذت تغيب الظلمة
وتتلاشى العتمة .
التي عشناها أربعون سنة في ظلامها الدامس ، الذي تاهت طريقه
وتبددت أحلام الشباب وبدون أسباب ، فمستقبلهم مجهول كما كان
مستقبل الآباء معدوم في ظل الفساد المستشري ، من قبل من كان
يحكم في الظل ومن أظله لا نعلم ومن يوجه الظل وحكومته
لا أحد يدري .
مع العلم كان كلام الملك في كتب التكليف كلها وكأنها دستور مقدس
من عدل كلماتها ، ونور أحرفها وجزل العطاء في جملها ، والتي
تحث على تحسين نوعية التعليم ، وسن قوانين التأمين الصحي الشامل
لكل المواطنين بدون استثناء.
والحد من البطالة وإيجاد فرص عمل للخريجين الجدد ،وبسط العدل
والمساواة بالحقوق والواجبات ، وعدم التفرقة بين مواطن ومواطن
والكلام يكون موجه لرئيس الحكومة ، الجديدة ويجاوب الكتاب السامي
بكلام السمع والطاعة .
وبعد إنتقاء وزراء المحاصصات ، يبدء تنفيذ الشخصنة في تبديد
الموازنات لدى بعض الوزارات ، التي يستلمونها وزراء الحكومات
المتجدده ، كل عام وكل وزير يدير النار على قرص جماعته وأبناء
محافظته وأقاربه .
وعلى سبيل المثال لا الحصر اذا عين وزير تنمية من منطقة تذهب
مخصصات صناديق التنمية لمنطقته ، وكذلك وزير الأشغال يرسل
كل المشاريع والصيانات للطرق لبلده وما جاورها ، وكذلك
وزير الصحة يحسن مراكز الصحة في منطقة نفوذه ويصبح
الهم شخصانيوليس مؤسسي ، كما يجب.
وهذا حال وزرائنا يا سيدي ولا ينفذ ما جاء بكتاب تكليفك السامي
ولا بند من البنود ، سوى فرض الضرائب وجباية الغرامات وكل
تعليماتك تذهب أدراج الرياح .
وأستشف بأن هناك حكومات ظل هي التي تحكم وليس حكومات
أنت أمرت بتشكيلها، لمن وضعت ثقتك به وبطاقمه الوزاري الغير
متكافئ كثير من أعضائه ، لا في التخصص ولا في الشهادة
وقد تكون مزورة كما كشف عدد كبير من الشهادات مزورة.
وقد يكون الشكل والهندام للبعض لا يصلح أن يكون وزير، لخلل
في تركيبة شخصية الوزير المعين ،من قبل رئيس فرض عليه
بعض الأشخاص.
تقوى الله هي التي تنجى بلدنا من الفتن ، والعدل أساس الملك
والحكم به يديم دولة العدالة على الأرض ، ويبسط نفوذها على
كافة المواطنين بنفس الدرجة تحت قانون يساوي بين الجميع
على أرض الأردن الطاهر.