السلطات الإيرانية تحجب وسائل التواصل الاجتماعي

اخبار البلد - انتقدت صحيفة "جهان صنعت” تلقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي "علامة التحقق الزرقاء” لحسابه في إنستغرام رغم أن نظامه يقيّد وصول الشعب الإيراني إلى جميع منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة بما في ذلك إنستغرام  وواتساب.

والعلامة الزرقاء توضع بجوار اسم المستخدم أو الصفحة مثلما يحدث مع المشاهير أو العلامات التجارية الكبرى.

وحجبت وزارة الاتصالات الإيرانية بأمر من وزير الداخلية العميد أحمدي وحيدي منصتي واتساب وإنستغرام عقب اندلاع الاحتجاجات المستمرة منذ 16 سبتمبر الماضي على خلفية وفاة الشابة الكردية مهسا أميني التي أشعلت احتجاجات واسعة خلفت المئات من القتلى والجرحى وأسفرت عن اعتقال الآلاف.

وقالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية إن هذا الإجراء اتخذ بسبب "أعمال نفذها مناهضو الثورة ضد الأمن القومي عبر شبكات التواصل الاجتماعي”.

وكان إنستغرام وواتساب التطبيقين الأكثر استخداما في إيران منذ حجب منصات مثل يوتيوب وفيسبوك وتلغرام وتويتر وتيك توك في السنوات الماضية. بالإضافة إلى ذلك يخضع استخدام الإنترنت لقيود من قبل السلطات.

الإيرانيون يُحرمون من الاستخدام الحر لوسائل التواصل الاجتماعي بينما يستخدمها المسؤولون بشكل رسمي

وتساءلت صحيفة "جهان صنعت”، "لماذا يُحرم المواطنون من الاستخدام الحر لوسائل التواصل الاجتماعي بينما يستخدمها المسؤولون بشكل رسمي؟”، مؤكدة أن ذلك تناقض صريح من قبل مسؤولي النظام.

وقالت إنه يجب على رئيسي أن يتخلى عن علامة التحقق الزرقاء أو يأمر برفع الحجب عن التطبيقات ليسمح للمواطنين باستخدامها بشكل حر ودون قيود.

واتهم المجلس الأعلى للفضاء السيبراني الإيراني المنصات التي تمتلكها شركة ميتا بنشر أخبار كاذبة، والترويج للسلوك التمييزي والبغيض، والحض على العنف والاضطرابات وانتهاك السيادة الإيرانية وحقوق المستخدمين من خلال تطبيق معايير مزدوجة وإنشاء الدعاية والأنشطة التنفيذية للجماعات الإرهابية.

واعتبر المجلس الإيراني أن المنصات التابعة لشركة ميتا الأميركية تتسبب في "تعميق الانقسامات الاجتماعية والتمييز العنصري والعرقي، والنزعة الانفصالية، وإيجاد أسس للجريمة المنظمة، بما في ذلك نقل وتجارة الأسلحة والمخدرات على المنصات التابعة للشركة”.

وفي 30 أكتوبر الماضي ردت شركة ميتا المالكة للمنصات الاجتماعية الثلاث (فيسبوك وواتساب وإنستغرام) على اتهام الشركة بتحريك الاحتجاجات بأوامر من وكالة الاستخبارات الأميركية؛ حيث قال متحدث باسم الشركة في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالنسخة الفارسية "نحن فخورون بأن يستخدم الناس (المحتجون) في إيران إنستغرام لتوثيق حقيقة الاحتجاجات”.

وأضاف المتحدث الذي لم تكشف عنه بي بي سي "نحن نؤمن بشدة بحق جميع الأشخاص، بمن فيهم الإيرانيون، في الوصول إلى الإنترنت. ونحن كذلك ضد أي تحرك يمنع الناس، في مناطق أخرى من العالم أو في البلدان الأخرى، من التواصل”.

ويقول المتحدث باسم ميتا "نحن فخورون بأن الناس يستخدمون إنستغرام بطرق متنوعة لتوثيق حقيقة الاحتجاجات المستمرة ودعم المحتجين”.

وأفادت تقارير بأن استمرار الحجب الشديد للإنترنت في إيران أدى إلى تكبد خسائر مالية ضخمة لمشغلي الهاتف المحمول والشركات الكبرى التي يأتي دخلها الأساسي من استهلاك الناس للإنترنت. يأتي ذلك في حين أن شكاوى هذه الشركات للمؤسسات الحكومية لم تلق أي رد.

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) الأحد مطلع يناير أن 5 شركات إيرانية كبرى للهاتف والاتصالات تكبدت خسائر تقدر بمليارات التومانات ووصلت إلى حافة الإفلاس في الشهر الأول من الاحتجاجات وحدها.

ويشار إلى أن ما بين 60 و70 في المئة من دخل المشغلين من الإنترنت يأتي عبر الهاتف المحمول، وقد أثر تطبيق الرقابة أو الحجب الشديد للإنترنت بشكل كبير على بيع بطاقات الإنترنت من قبل المشغلين.

وتظهر الأبحاث أن النظام الإيراني قام يوميا بإغلاق الإنترنت وأنواع أخرى من الانقطاعات والإخلال بخدمات مزودي الإنترنت.

ونظرا إلى استمرار القيود الشديدة على الإنترنت في إيران طوال موسم الخريف وامتدادها حتى يناير، من المحتمل أن تكون الأضرار التي لحقت بشركات الاتصالات الهاتفية والإنترنت الرئيسية في البلاد أضعاف الأرقام التي تم نشرها في رسائلها إلى السلطات.

وفي بعض مناطق البلاد حيث لا تزال الاحتجاجات مستمرة، انقطعت الإنترنت تماما، ولا تزال تتعطل.

ويُظهر البحث الذي قدمته مجموعة من خبراء الإنترنت في الولايات المتحدة مؤخرا إلى حكومة واشنطن كيف أصبح قطع الإنترنت أو تقييدها بشدة أداة في أيدي النظام الإيراني لقمع الاحتجاجات.

وقد أظهرت الأبحاث التي أجراها خبراء أميركيون أن النظام الإيراني، بالإضافة إلى حظر برامج المراسلة ووسائل التواصل الاجتماعي، منع وصول المستخدمين إلى المتاجر الخاصة لشراء وتنزيل البرامج المختلفة، ويطبق بشكل أساسي مجموعة واسعة من حجب الإنترنت والرقابة مقارنة بالماضي.

ويشير تقرير الإعلام الإيراني في الفترة الأخيرة إلى أن واحدا من بين كل 4 أشخاص، دخلهم من الإنترنت، أصبح بلا دخل.

ويستخدم حوالي 45 مليون إيراني منصة إنستغرام، وأشارت تقارير إيرانية في وقت سابق إلى أن "حوالي 10 ملايين شخص إيراني يكسبون المال من خلال إنستغرام، وإن هناك أكثر من 400 ألف متجر إيراني على إنستغرام”.

وجاء في تقرير لموقع إيراني "تظهر مقارنة نشاط المستخدمين على إنستغرام في إيران، قبل التصفية وبعدها، أن هناك انخفاضًا كبيرًا في نشاط المستخدمين الإيرانيين”.

وأضاف تقرير موقع "ديجتاتو” الإيراني "انخفض عدد منشورات إنستغرام بنسبة 69 في المئة خلال هذه الفترة وانخفض عدد المستخدمين النشطين بنسبة 64 في المئة”. فيما ذكرت منظمة "نت بلاكس” المعنية بحرية الإنترنت أن الخسارة الاقتصادية الناجمة عن قطع الإنترنت وحجب إنستغرام في إيران تقدر بأكثر من مليون ونصف المليون دولار في الساعة.

يذكر أنه منذ بداية الاحتجاجات كان النظام الإيراني يسعى بشدة لدفع الناس إلى استخدام التطبيقات المحلية من أجل الحصول على المزيد من السيطرة وفرض الرقابة على المستخدمين، الأمر الذي لم يحل المشكلة بسبب مقاومة المواطنين.