الحق في الخصوصية وأخلاقيات النشر

أخبار البلد-

 

مما لا شك فيه أن الإعلام يتصدر المشهد في الأحداث التي تشهدها الدول بصورة عامة، فهو الضامن لحق الجمهور في المعرفة، وهو القادر على إيصال الحقيقة بجوانبها كافة طالما التزم بالمعايير المهنية وفي مقدمتها الموضوعية والتوازن والدقة والحياد وعدم الانسياق وراء الإثارة على حساب الحقيقة والمصداقية.
أحداث متلاحقة نشهدها بين الحين والآخر بعضها تضمن تطورات مؤسفة طالت أرواح ثلة من أبناء الوطن، إلا أنّ هذه الأحداث رافقها مسائل أثارت الجدل من قبل بعض وسائل الإعلام التي قامت بنشر صورهم بما في ذلك نشر صور ذويهم في حالة ضعف إنساني وكذلك إظهار صور المصابين.
في الواقع كفلت المنظومة التشريعية الوطنية في الأردن حرمة الميت والحفاظ على كرامته الإنسانية، وكذلك الحال فقد أكدت المعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات العلاقة بحرية الصحافة والإعلام هذا الأمر، إلا أنّ الالتزام بأخلاقيات ومواثيق الشرف الصحفي والإعلامي يبقى الركيزة الأساسية في الحفاظ على كرامة الإنسان في أحداث مماثلة، فالضابط وفقًا لهذه المواثيق وفي حال وجود مصالح متعارضة فإن المادة يتوجب أن تخضع لاعتبارات القيمة المضافة بأن يكون نشر الصورة يخدم القصة الإخبارية ويشكل قيمة خبرية مضافة، مع مراعاة مشاعر ذوي الضحايا أو مشاعر المواطنين كافة. وفي السياق ذاته فإن الحصول على نشر صور الأشخاص يجب أن يكون بناء على موافقتهم والتي يتوجب أن لا تؤخذ تحت تأثير المرض أو الإصابة أو سيطرة مشاعر الحزن التي قد لا يكون الإنسان خلالها مدركا لكُنه قراراته بصورة جلية، فالمطلوب هو الموافقة المستنيرة؛ فالصورة أحد أبرز مكونات الحق في الحياة الخاصة الذي يعد من أهم الحقوق وأعمقها نظرا لارتباطه بحياة الإنسان وتفاصيله التي يحرص دوما على تحديد المساحة والأشخاص الذين لديهم القدرة على اختراقها.
في الواقع إن هذه الصورة لا تنفي وجود إعلام يعمل في إطار رؤية ورسالة واضحة المعالم ومؤمنة بأخلاقيات النشر، وفي الوقت ذاته فإن كلّ ذلك يستدعي التوقف مليا أمام حقيقة غياب تطبيق مواثيق الشرف الصحفي والإعلامي أو حتى عدم المعرفة بها ابتداء والخطوات التي من شأنها أن تغير واقع الحال.