نتنياهو كبير المتطرفين اليمينيين الإسرائيليين!!!

أخبار البلد-

 
كثرت التعليقات والمقالات والتخوفات، وفغر الكثيرون أفواههم دهشة وخوفا وتحسبا بتعيين المتطرفين اليمينيين سموتريتش وبن غفير في مناصب وزارية إسرائيلية في الحكومة القادمة كوزارات الحرب والأمن القومي، وما علم هؤلاء الكتاب والفاغرين أفواههم، أن ربّ التطرف اليميني الإسرائيلي في المجتمع الإسرائيلي قاطبة وقبل كل هؤلاء، هو رئيس الحكومة الإسرائيلي المقبل ذاته، بنيامين بن صهيون نتنياهو الذي يقتنص الفرص ويرتدي لباسا عصريا يخدع الناظرين والسامعين، بكلماته البراقة المخادعة. ولا تضارب بين هاجسه الشخصي من الخوف بإدانته في جرائم الرشوة وخيانة الإئتمان والفساد، وإخراجه من سدة الحكم، وبين يمينيته المفرطة وتطرفه بل هي الوسيلة الوحيدة.

نتنياهو الملقب ببيبي بذكائه وحنكته، سعى لتوحيد أحزاب اليمين المتنافسة المتناحرة قبل الإنتخابات الأخيرة، وهي حزب بتسلائيل سموتريتش ( الوحدة الوطنية – تكوماه )، وحزب إيتمار بن غفير ( الجبهة الوطنية اليهودية - عوتسماه يهوديت )، وحزب آفيجدور ماعوز ( نوعام ) في حزب يميني متطرف واحد سمي ب ( الصهيونية الدينية ) بهدف منع التشتيت للصوت اليهودي اليميني بل تكريسه، وتعلم الدرس من الإنتخابات السابقة. وسعى بالمقابل لتفريق ومنع محاولات التوحيد، بين حزب العمل وحزب ميرتس في قائمة واحدة، حتى لا تجتاز واحدة أو كلتاهما نسبة الحسم، وهذا ما حصل. فمن هو رأس اليمين إذا، أليس نتنياهو الذي سيكون أطول رؤساء إسرائيل حكما؟! ألم يشارك في المظاهرات الحاشدة التي قامت بالتحريض على إسحق رابين، بعد أوسلو، وألبسه رداء النازية وشعارها والكوفية الفلسطينية، بل إن بعض الإسرائيليين اتهموه بالتسبب باغتيال رابين.

بنيامين نتنياهو يلتقي مبدئيا وآيدولوجيا ومذهبيا مع سموترتش وبن غفير بل هو متحالف معهما فيما يعتقدون ويؤمنون ويتصرفون. فوالد نتنياهو العقائدي وهو الأب الروحي له بن تصيون كان من جماعة زئيف جابوتينسكي منظر الصهيونية التنقيحية التصحيحية، وترك اثرا واضحا عليه، وبخاصة فيما يؤمن ويعتقد. ووالد سموتريتش كان حاخام مستعمرة كريات أربع، موطن حركة كاخ العنصرية ومنفذ مذبحة الخليل عام 1994 ، باروخ جولدشتاين قاتل أكثر من خمسين مصليا فلسطينيا.

وبن غفير نفسه كان متهما بمخالفات جنائية أبرزها عضويته في حركة كاخ العنصرية الفاشية. وليس بعيدا عن هؤلاء أرييه درعي رئيس حزب شاس ربيب الحاخام عوفاديا يوسف، الذي يود أن ينجو بغنيمته في هذه المعمعة التي يصعب تكرارها.

يجتمع نتنياهو وسموترتش وبن غفير ودرعي على إنكار الشعب الفلسطيني ووجوده وحقوقه التاريخية كما اعتقد بن غوريون وغولدا مئير سابقا، ويسعون إلى طرده من أرض آبائه وأجداده. أربعتهم متفقون على أن هذه الأرض هي أرض الميعاد ولا مكان للفلسطينيين فيها.

فلا غرابة أن يسعى ويشكل نتنياهو حكومة معهم وبتآلفهم، رغم بعض العبارات النابية التي تفوه بعضهم تجاهه ووصفه كذاب ابن كذاب، وعدم الثقة به حتى يسن قوانين تؤمن لهم عزمهم ومن هنا تسارعهم في إصدار هذه القوانين قبل حلف اليمين لهذه الحكومة اليمينية المتطرفة. وحديث نتنياهو عن قبول خطة الدولتين سابقا ، بعد خطابه في جامعة بير إيلان في بئر السبع ، في عام 2009، لم يكن سوى ذر بالعيون وهي خطة لم تعد مذكورة في أدبياته ولا خططه حتى لا ينخدع القوم بمسمياته وذكرياته الزائفة بل إن الوضع السياسي الفلسطيني الضعيف يساعد نتنياهو في مقولته.

أضف أن نتنياهو البراغماتي الدكتاتور الطامع والطامح في أن يكون ملك إسرائيل غير المتوج، وزعيم الأمة بغير منازع – إن كان هناك شعب يهودي أصلا - ، غير راغب في الظهور بمظهر اليميني المتطرف ،ويود أن يختفي خلف غيره أمثال سموترتش وبن غفير وماعوز ودرعي، بإلصاقها بهم وهم ممن قامت شهرتهم وأفعالهم على عنصريتهم، وعدوانيتهم الفاضحة والظاهرة. وهذا سيعطيه قناعا وقدرة في المناورة، في التوفيق بين التيارات المتصارعة في حكومته، وكأنه بريء منها مع أنه عرّابها.

الغريب في الأمر أن نتنياهو يتبنى نظرية صراع الحضارات لصموئيل هينتنجتون، ويعملها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أجل استعداء القوى الغربية على القضية الفلسطينية عملا بالمشاركة الدينية في الإرث التوراتي الذي أنتج التيار المسيحي الأنجليكاني المناصر لإسرائيل، وكذلك باعتبار أن المشروع الصهيوني ما هو إلا الخط الأول المدافع عن الحضارة الغربية وجزء من قيمها في الحرية والديموقراطية في مواجهة الخطر الإسلامي وظلاميته وإرهابه، لذا هو ينادي باستعمال مصطلح " الإرهاب الإسلامي " وبخاصة بعد هجوم سبتمبر 2001. بل اتهم المرحوم الحاج المفتي أمين الحسيني بأنه كان المحرض لهتلر بشأن تعامله مع اليهود.

ويبدو أن نتنياهو – كما أشار احد الكتاب - يحمل ثأرين في صدره، واحد يتعلق بأبيه حيث تم إبعاده عن موقع القرار والسلطة، وثانٍ يتعلق بأخيه القتيل في عنتيبي في أوغندا، فأفرغ كل هذا الحقد الشخصي لموضوع القضية الفلسطينية فأنكر وجود الشعب الفلسطيني وزور التاريخ ، واتهم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وروج لهذا المفهوم عبر تلاعبه بالألفاظ ولغته القوية وتلونه وعلاقاته مع اليمين في العالم.

دكتاتور كولونيالي تبنى النهج الإستعماري اليميني في العالم الغربي، فهو من أشد المعجبين به فاستعمل مضمونه وطبقه في الضفة الغربية عملا بآيدولوجيته وإعجابه به كنهج غربي، فزرع زعران المستوطنين على تلالها عبر بؤر استعمارية، وأعطاهم شرعية، وزودهم بالماء والكهرباء، وقدم لهم كل التسهيلات، وختمها بالتحالف معهم رغم أن محكمتهم العليا نزعت الشرعية القانونية الإسرائيلية عنهم. وهو دكتاتور في حزبه يمنح ويحجب، فليومنا لا يعلم نواب الليكود، من سيكون وزيرا، وأية وزارة سيتولى تحدوه مصالحه وبقاءه في الحكم. فتحالف سابقا مع بينيت وليبرمان، وحينما كشفوا نرجسيته رغم أن اليمين والتطرف يجمعهم، نبذوه وتخلوا عنه، ليبحث عن شركاء جدد.

شيخ اليمينيين المتطرفين هذا ودكتاتورهم ووجههم المخادع الذي يهوى السلطة والإستعمار الغربي بجنون غريب، في حقيقته شخص يتسم بالجبن والتردد ومتهم بالفساد ويمثل أمام القضاء بتهم خطيرة. وقد ظهر ذلك واضحا في قضية عرب الجهالين وضرب صواريخ حماس في مسيرة القدس الإستيطانية.

ليس معنى ما تقدم الإستخفاف بتقلد سموتريتش مسؤولية الضفة الغربية بدل وزير الحرب، ولا بشغل بن غفير منصب ما يسمى بوزير الأمن الوطني، فكلاهما يمثل فكرا يمينيا متطرفا، لكن رئيسهما يشاركهما هذا الفكر بل أكثر منه منذ زمن طويل وإن أخفاه نفاقا وتزلفا. لكن الحذر واجب والوحدة مطلوبة في زمن استوحش فيه اليمين الإسرائيلي وضعف فيه النظام السياسي الفلسطيني فالأيام حبلى بما هو قادم.