هل يشهد عام 2023 عودة بوريس جونسون إلى رئاسة الوزراء؟

أخبار البلد ــ يحب بوريس جونسون أن يضايق أعداءه. في مقالته المنشورة ضمن قسم اليوميات في إصدار عيد الميلاد من مجلة "ذي سبكتاتور" The Spectator التي شغل منصب رئيس تحريرها سابقاً، تكلم عن "الانقطاع غير المتوقع في مسيرتي المهنية". وأثناء مغادرته منصب رئيس الوزراء، ذكر رجل الدولة الروماني سنسيناتوس الذي أعيد استدعاؤه وهو يحرث الأرض عندما احتاجته الدولة، ثم قال "أستا لا فيسا بيبي" (إلى اللقاء يا حبيبي).

لديه مجموعة من المناصرين الذين يكرّسون أنفسهم لضمان عودته إلى سدة الرئاسة. أُطلقت هذا الشهر منظمة الديمقراطيين المحافظين Conservative Democratic Organisation للمطالبة بحق أعضاء القاعدة الشعبية بـ"استعادة السيطرة" على حزب المحافظين. وما يريده أبرز أعضاء المنظمة، وعلى رأسهم بيتر كروداس الملياردير الذي حصل على لقب لورد بفضل جونسون خلافاً لنصيحة لجنة التعيينات في مجلس اللوردات، هو إعادة عقد انتخابات رئاسة حزب المحافظين على مستوى أعضاء الحزب وإدراج اسم جونسون كمرشح.  

تحمّس بعض مناصري جونسون بعد تصريح السير غراهام برايدي، رئيس لجنة 1922 البرلمانية [لجنة تضم نواب المقاعد الخلفية لحزب المحافظين وتشرف على عمل الحزب البرلماني]، في مقابلة له هذا الأسبوع بأن ترشيح جونسون في انتخابات الرئاسة في أكتوبر (تشرين الأول) يحظى بدعم 110 نواب. وهذا أكثر من عدد النواب اللازم لإدراج اسمه ضمن لائحة المرشحين، وهو 102 من النواب، وقد اعتُقد سابقاً بأنّ هذا الرقم هو الحد الأقصى لداعمي جونسون. 

ولكن مع ذلك، لا يزال هذا العدد يساوي 31 في المئة من النواب، مقابل 197 نائباً أعلنوا عن تأييدهم العلني لريشي سوناك (55 في المئة)، وكان جونسون مصيباً في استنتاجه بأنّه "لا يمكنك الحكم بفعالية ما لم يكن حزبك موحّداً في البرلمان". (حتى عندها، استهلّ الإعلان عن انسحابه بقوله إنه كان من الممكن له الفوز: "احتمال نجاحي في الانتخابات بمشاركة أعضاء حزب المحافظين كبيرة - ما يعني بالتالي عودتي فعلياً إلى داونينغ ستريت يوم الجمعة"). 

على رغم انسحابه، يصرّ العديد من أنصاره على أنه وقع ضحية مؤامرة؛ وأنه تعرّض للخيانة من قبل سوناك عندما استقال الأخير من الحكومة في يوليو (تموز)؛ وأن "تتويج" سوناك شكّل مؤامرة على العدالة.

اعتبر مناصرو جونسون أن حكومة ليز تراس انهارت بسرعة شديدة، وأنّ فرصة عودة بطلهم المظلوم قد حانت قبل أوانها. إنما لديهم خطة، وهي أنه بعد الانتخابات المحلية في مايو (أيار) من العام المقبل، وبعد أداء المحافظين السيئ فيها، سوف تسقط الغشاوة عن عيون الحزب والبلاد ويزداد زخم المطالبة بإعادة بوريس لدرجة كبيرة لا يعود ريشي سوناك قادراً على مقاومتها.  

اعتقدت لوهلة أنّه من الممكن وجود بعض الدعم الشعبي لهذه الفكرة حين رأيت استطلاعاً للآراء أجرته إيبسوس يسأل الناس عن توقعاتهم في السياسة للعام 2023: إذ أجاب نحو نصفهم (46 في المئة) بأنهم يرجحون خروج سوناك من رئاسة الوزراء السنة المقبلة.

لكن تبيّن أن سبب ذلك الرد يعود إلى أن 50 في المئة يرجحون إمكانية انعقاد انتخابات عامة في العام 2023. أرى ذلك الاعتقاد منطقياً نظراً للاضطرابات التي سادت العام الماضي، لكنه احتمال بعيد جداً بسبب إعادة تطبيق القانون الذي ينص على أن رؤساء الوزراء يقررون موعد انعقاد الانتخابات.

وبالتالي، فالذين يتوقعون مغادرة سوناك في عام 2023 يعتقدون بأنّ كير ستارمر سيخلفه في انتخابات عامة. وفي المقابل، لا يعتقد سوى 16 في المئة من البريطانيين البالغين باحتمال عودة جونسون إلى منصب رئيس الوزراء بنهاية عام 2023. ولا شك في أن هذا الرقم مرتفع نظراً إلى مدى غرابة تلك المناورة، لكن من المؤكد أنه لا يشكل دعماً حاشداً لسينسيناتوس البريطاني. 

وفعلياً لو تمعنّا في الأرقام، لوجدنا أن الذين يتنبؤون بعودة جونسون لا يتكلمون جميعاً عن حدث يرغبون أن يتحقق. إذ إن الناخبين الذين صوتوا للمحافظين والعمال المرة الفائتة كان من المرجح أن يتوقعوا عودة جونسون بالقدر نفسه. لذلك لا بد أن يكون عدد مناصري العمال- والعديد من مناصري المحافظين- الذين يخشون عودة جونسون، يساوي على أقل تقدير عدد مناصري حركة أعيدوا بوريس الذين يأملون في أن تتحقق هذه العودة. 

لدي ما أخبرهم به. كانت بعض توقعاتي لعام 2022 غير دقيقة، وقد راجعتها البارحة. لكنني غير مضطر أن أحتاط وآخذ حذري في هذه النقطة. بوريس جونسون ليس بعائد. ليس في عام 2023 ولا 2024 ولا أي عام آخر. لديه بعض الخصال الجيدة، وقد يكون حتى ضرورياً لتنفيذ بريكست، لكنه لم يكن جيداً بما يكفي كرئيس للوزراء لكي يبدد الشكوك التي ساورت الشعب البريطاني تجاهه.

ربما لم يتوقع هو حدوث هذا الانقطاع في مسيرته المهنية، لكن ذلك لم يفاجئ بقيتنا. انتهت مسيرته المهنية كرئيس وزراء.