الاحتلال يتعامل مع الأسرى كرهائن ولا بد من حشد إعلامي لنصرتهم

أخبار البلد-

 

أكد حقوقيون وقانونيون أن قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، تحتم ضرورة بذل مزيد من الجهد الإعلامي لنصرتهم وبيان حقيقة ما يتعرضون له من صنوف القهر والتعذيب وامتهان الكرامة على يد المحتل الذي يتعامل معهم بوصفهم "رهائن”.
جاء ذلك خلال ندوة عقدتها الحملة الأكاديمية الأردنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني مؤخرا عبر تقنية زووم، تحت عنوان "الأسرى في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي والتضامن معهم”.
وتحدث في الندوة، نائب رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبدالله زعاري، الذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الأسرى بوصفهم "رهائن”، ويمارس بحقهم مختلف أصناف القهر والظلم والاضطهاد والتعذيب في محاولة لامتهان كرامتهم، ويحتجز جثامين الشهداء الأسرى داخل مقابر الأرقام وثلاجات الموتى.
وبالنسبة للأسيرات، قال زعاري إنّ "المحتل لا يدرك خصوصية المرأة الفلسطينية الأسيرة ويقوم بانتهاكها”.
كما تحدث عن قضية الأسرى المرضى وسياسة الإهمال والقتل الطبي التي تمارس بحقهم، مبيناً أنّ القانون الدولي ينص على أن يتم إجراء فحوصات دورية للمعتقلين منذ لحظة اعتقالهم، ولكن هذا لا يحدث، مشدّدا على أنّ قضية الأسرى هي قضية قانونية وسياسية بالإضافة إلى أنها إنسانية، وأنها قضية كل الشعب الفلسطيني وأحرار العالم.
وأفاد بأنّ المعاناة تبدأ منذ لحظة الاعتقال، مروراً بالتحقيق والمحاكم العسكرية الظالمة، وفقدان الأسرى لآبائهم وأمهاتهم وهم في الأسر، دون السماح لهم بإلقاء نظرة الوداع عليهم.
وتحدث عن الحبس المنزلي للشبان والأطفال في القدس، وعن الاعتقال الإداري، واصفا إياه بأنه جريمة بحق الإنسانية، كما ذكّر بارتفاع عمليات الاعتقال اليومي بحق الشبان الفلسطينيين في ظل صمت عربي ودولي، مضيفاً أنّ الاحتلال يمارس سياساته الممنهجة بحق الأسرى وبحق الشعب الفلسطيني لأنه لا يجد رادعا له.
أما عن دور نادي الأسير، فبين زعاري انه يقوم بالمتابعة اليومية لقضايا الأسرى منذ لحظة اعتقالهم، مروراً بالمحاكم والتواصل مع عائلاتهم،موضحا أنّ القضية كبيرة وتحتاج الى جهود من مختلف الجهات.
وطالب بأن يكون هناك تعاون كبير على المستوى القانوني من أجل إيصال هذه الجرائم الى المحافل الدولية، مشدّدا على ضرورة أنسنة قضية كل أسير، وضرورة أن يعمل المسؤولون والرؤساء ووزارات الخارجية المختلفة على قضية الأسرى سياسياً.
واختتم زعاري كلامه بأنّ كل ذلك لا يثني شعبنا عن الصمود وعن الإيمان بعدالة القضية وحتمية الانتصار، وأنّ الصمود هو سيد الموقف رغم كل ما يمارس بحق شعبنا الفلسطيني من ظلم وقهر واضطهاد.
وتناول المستشار السابق لرئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والمراكز العلمية الدكتور ابراهيم بدران، دور الإعلام في قضية الأسير الفلسطيني، وقال إنه لا بد أن ينظر الإعلام إلى قضيتهم بعمق ومن جوانب متعدّدة، حيث لا ينتهي الأمر بالإعلان عن الأسر، بل إنّ هناك نتائج وتبعات تنعكس على أطفالهم وعائلاتهم وأحبائهم الذين يتعرضون للمعاناة الإنسانية والاقتصادية والصحية.
وأضاف بدران: "كما أنّ هناك قصصا يومية حول الأسرى، وجب على الإعلام أن يكشفها ويعرضها للآخرين ويظهرها في جانبها الإنساني والقانوني والسياسي، ليعرف العالم أنّ الأسرى ليسوا مجرد أعداد، وليتفاعل المجتمع الدولي مع قضيتهم”.
وتابع أنّ الحركة الصهيونية تضخم الاضطهاد الذي تعرض له اليهود عشرات المرات، وتختلق القصص والأفلام، أما فيما يخص الأسرى الفلسطينيين، فالأمر واقع وتسجيله يتم في كل لحظة.
وقال إنّ على الإعلام أن يستعين بالمثقفين والكتاب والمفكرين ليكشفوا المسلسل الذي يلحق بعملية الأسر والاعتقال ولأنسنة قضيتهم، وإنّ الإعلام الذكي والمتفاعل مع الخبراء والقانونيين والمثقفين هو الذي يظهر التفاصيل ومعانيها ضمن إطار القانون الدولي، لتظهر صورة الاحتلال على حقيقتها، ويظهر نضال الشعب الفلسطيني على حقيقته.
وقال إنّ الإعلام الفلسطيني والعربي والدولي بحاجة إلى إعادة القراءة في موضوع الأسرى ومعاناتهم حتى يكشف جوانب أخرى لا تظهر عادة في الأخبار، كتفاصيل حياتهم اليومية في الأسر والأجواء الداخلية في السجون، وتفاصيل ما يمارسه الاحتلال ضد الأسرى من تعذيب وترهيب وإذلال.
واقترح بدران ضرورة وضع دليل إعلامي جديد يسير بموجبه الإعلاميون، لمتابعة قضايا تعكس معاناة الأسرى وأطفالهم وعائلاتهم وأحبائهم، الإنسانية، بحيث توضع في إطار القانون الدولي.
وتحدث المحامي عمر زين من لبنان، مطالبا بضرورة الانتقال من مرحلة التوصيف للواقع المأساوي الذي يعيشه الأسرى والمعتقلون في سجون الاحتلال وأهاليهم منذ عشرات السنين، والذي يشكل جرائم ضد الإنسانيةوعنصرية ناجزة، إلى مرحلة العمل الجاد والتنسيق العام والخروج من النشاطات الفردية للأشخاص والمنظمات المعنية.
كما أوضح المحامي زين الوسائل الواجب اتباعها لتحقيق الأهداف، من اعتصامات دورية وحملات إعلامية ودراسات وبحوث حقوقية، والتركيز على عنصرية الكيان الصهيوني دولياً، وعقد محاكمات رسمية وشعبية بشأن الأسرى في الدول التي يمكن إقامة هذا النوع من المحاكماتفيها.
وتحدث أستاذ السياسات العامة في كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين العراقية الدكتور عماد الداوود، عن أهمية المساعدات القانونية في دعم الأسرى، شارحاً معاناة العراقيين من قبل الاحتلال الأميركي الذي لا يختلف كثيراً عن الاحتلال الإسرائيلي، وعن ظهور عدد من المشكلات في العراق عقب الاحتلال، منها مشكلة "المخبر السري” والاعتقال التعسفي وغيرها من أشكال الاعتقالات.
وتابع: "إنّ المساعدات القانونية للأسرى في فلسطين، تقدم من قبل بعض منظمات المجتمع المدني، وإنه يجب أن يترافق تقديمها للأسير مع مرشد نفسي أو باحث اجتماعي وتوفير الرعاية الطبية له والسلة الغذائية إلى عائلته”.
وتحدث الأسير المحرر الدكتور أحمد شديد عن الساعات الأولى من اعتقاله، حيث أسر بعد إصابته في الدبوية في الخليل عام 1994، ونقل الى مستشفى عالية الحكومي الذي اقتحمته سلطات الاحتلال، ثم نقل إلى منطقة قيادة جيش الاحتلال في الخليل، حيث بدأت رحلة المعاناة والتعذيب، وبعدها نقل الى مستشفى هداسا، حيث بدأت مرحلة جديدة من العذاب قبل أن ينقل إلى المسكوبية، وبعد ساعات الى زنازين سجن الخليل.
وقال إنّ الأسر لا يثني من عزيمة الشعب الفلسطيني، حيث أكمل تعليمه بعدما تحرر حتى نال الدكتوراه.
من جهته، قال الأمين العام للحملة الأكاديمية الأردنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور محمد مصالحة،إنّ قضية الأسرى لم تعط الاهتمام الواجب، إن كان على مستوى عربي أو على مستوى دولي، وإنّ الفلسطينيين يجهدون كبقية القضايا الأخرى ليعطوها ما يستطيعون، لكنها أكبر من جهد فلسطيني وحده، بل تحتاج الى جهد عربي مشترك.
واضاف مصالحة: "إننا في الحملة الأردنية اليوم نلقي الضوء على هذه القضية، لننقلها إلى المجتمع الأردني على مستوى الفرد، وعلى مستوى المنظمات أو على مستوى السلطات الرسمية”.
وقال إنّ هناك أكثر من 60 نوعا من التعذيب الذي تتفنن سلطات الاحتلال بممارسته، وإنّ الشباب الفلسطيني يستمر في المقاومة بعد فك أسره، وهذا حقه، حيث المعادلة واضحة: إما أن ينتهي الاحتلال وبالتالي يتوقف موضوع الأسر ولا أحد يقاوم، أو يبقى الاحتلال وتبقى دوامة الأسر والإجراءات القمعية التي يزاولها.
وقال إننا في الأردن نريد أن نشجع المجتمع المدني هنا على الاهتمام بقضية الأسرى.