خبراء يؤكدون ضرورة تفعيل تطبيق توصيات قانون المسؤولية الطبية

أخبار البلد ــ بين حق المريض وخوف الطبيب، تكثر النقاشات والوارات اليوم حول قانون المسؤولية الطبية لعام 2018 وآليات إنفاذه وتفعيله في تلبية احتياجات المرضى والكوادر الطبية، فما بين بين الاعتراف بحق المريض، وعدم ترك الطبيب متخوفاً على مصيره، من ينصف الطرفين في هذه المعادلة الصعبة؟

فقطاع الرعاية الصحية في الأردن من بين أكثر القطاعات تطوراً ونمواً، لكن الفجوات في التغطية الصحية وأطر المساءلة تعد من القضايا الملحة التي تواجهنا كأردنيين، لذا بادرت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بالتعاون مع جامعتي باث ببريطانيا، وويسترن في كندا، ومؤسسة فريدريش إيبرت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومركز الأبحاث الاجتماعية في لبنان، بعقد مختبر سياسات أول بعنوان "تفعيل توصيات تطبيق قانون المسؤولية الطبية رقم 25 لسنة 2018"، السبت 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022.

وشهد المختبر الذي ادارته المستشار الأول في شركة درة المنال، د. سوسن المجالي، بمشاركة خبراء يمثلون قطاعي الصحة والعدالة ونشطاء اجتماعيين وممثلي مجتمع مدني، استعراضاً لدراسة تحليلية نفذها مركز النهضة الفكري حول القانون، فضلاً عن نقاشات وحوارات مستفيضة للوصول لفهم مشترك للثغرات ونقاط الضعف التي تواجه القانون الحالي.

وأكدت المجالي على أن الأخطاء الطبية تحدث في مختلف العالم، وأن نسبة وقوعها في الأردن ضمن المعدلات الطبيعية وقد تكون أقل من المستويات العالمية، لكن من الضروري اتباع الإجراءات الطبية اللازمة لمنع حدوث الخطأ، والتأكد من جاهزية الكادر الطبي من حيث اختصاصاتهم وأعدادهم وتواجدهم، وصولاً إلى تفعيل قانون المسؤولية الطبية ووضع معايير له، فالهدف ليس إنزال العقاب على الأطباء وإنما تنظيم المهنة والرقابة عليها.

بدوره، أشار وزير الصحة السابق، د. محمود الشياب، إلى أن القانون بصيغته الحالية لا يخدم الطبيب والمريض، بسبب طول أمد التقاضي في الشكاوى سواء للأردنيين أو الوافدين، وعدم وجود معايير واضحة وعلمية، مشدداً على ضرورة تفعيل بنود القانون وتوفير قواعد مهنية للخدمات الصحية.

أما عضو اللجنة الفنية العليا للأخطاء الطبية سابقاً، د. مؤمن الحديدي، فذهب إلى ضرورة تعيين أمين عام للمسؤولية الطبية للنهوض بهذا القطاع، إلى جانب وجود خبراء متخصصين وممارسين من المجال الطبي والقانوني على حد سواء، لدراسة وجود الأخطاء الطبية من عدمها، وكيفية التعامل معها.

وبشأن القضايا المتعلقة بالمساءلة الطبية، بين رئيس اللجنة الفنية العليا لقانون المسؤولية الطبية، د. عبد الهادي بريزات، أن هناك ازدياد واضح بعدد القضايا التي تصل وزارة الصحة ونقابة الأطباء والقضاء، موضحاً أن هناك قضايا كثيرة متراكمة في وزارة الصحة بسبب عدم دفع المستحقات المالية لأعضاء اللجان لهذا الحين، مما يتطلب إعادة تصويب أوضاع اللجنة، والالتزام بوضع معايير طبية وصحية للقواعد المهنية الواجب اتباعها من قبل العاملين في القطاع الصحي.

فيما شدد نقيب الأطباء، د. زياد الزعبي، على أهمية توحيد المرجعيات لضمان عدم ضياع المسؤولية، في ظل عدم وجود آليات واضحة وإجراءات معقدة يتبعها المريض المشتكي للحصول على حقه، ناهيك عن أن كثير من الأشخاص لا يعرفون أين يذهبون حين يمسهم سوء، منبهاً في ذات السياق على ضرورة إدماج القطاع الخاص والمجتمع المدني في صنع السياسات وإقرار القوانين.

من جهتها، لفتت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض)، سمر محارب، إلى أن المنظمة تواجه ازدياد كبير في استقبال الحالات المتعلقة بملف الأخطاء الطبية، خصوصاً تلك الفئات الأقل قدرة على الوصول لوزارة الصحة أو نقابة الأطباء، مؤكدة ضرورة وضع توصيف معياري موحد خاص بالإجراءات الطبية المستخدمة، مع خطة عمل واضحة لرفع الوعي لدى الأطباء حول هذا التوصيف وكيفية تطبيقه والالتزام به.

بينما ترى عضوة الائتلاف الصحي لحماية المرضى، د. فادية سمارة، أن هناك حاجة ضرورية لإعادة النظر في تشكيل اللجنة العليا للقانون، ومشاركة جميع الجهات ذات العلاقة في موضوع الأخطاء الطبية، بما يضمن ويحمي حقوق المرضى بشكل أساسي باعتبارهم الجهة الأهم وفق قانون المسؤولية الطبية.

وعن الأسباب العامة للأخطاء الطبية، أشار رئيس الجمعية الأردنية للحماية من الأخطاء الطبية، د. إسحاق خيري، إلى أنها تعود إما لوجود تقصير من الطبيب أو مساعديه من جانب الالتزام بالأسس العامة والخاصة المتعلقة بمهنة ممارسة الطب، وفقاً لما تقره اللجان التحقيقية أو القضاء، أو عدم تنفيذ العمل بشكل دقيق وعلى الوجه الصحيح، فضلاً عن الإهمال، أو عدم التشخيص الجيد الذي يعد نصف العلاج، وفي المقابل نجد أن التشخيص الخاطئ هو أصل المشكلة.

هذه كانت أبرز ملامح النقاش بين المتحدثين، الذين أوصوا أيضاً بضرورة إنشاء قواعد بيانات حول أرقام وإحصاءات قضايا الأخطاء الطبية، وتنفيذ كافة مستويات القانون وإنفاذه بشكل صحيح ومتكامل، إضافة إلى تفعيل دور متلقي خدمات الرعاية الصحية والمجتمع المدني، ونشر التوعية المجتمعية بقانون المسؤولية الطبية والصحية، إلى جانب تفعيل صندوق التأمين ضد الأخطاء الطبية، وتحسين الأنظمة الخاصة باللجنة الفنية العليا واللجان الفرعية.

كما أوصوا برفع مكافأة الخبرة للمتخصصين والخبراء في اللجان الذين يشرفون على التدقيق بقضايا الأخطاء الطبية لتكون مجزية، ونشر المعلومات بشفافية في هذا السياق لزيادة مصداقية النظام الطبي في المملكة، وتفعيل السجل الوطني، مع أهمية مراجعة ومتابعة القانون بين حين وآخر، وصولاً إلى أهمية تعميم الجهات الأكاديمية لمعايير قانون المسؤولية الطبية والصحية على الطلبة.