ليث شبيلات ...على روحك السلام
أخبار البلد ــ حينما اتهم المرحوم ليث شبيلات والنائب يعقوب قرش في قضية النفير الشهيرة شكلتُ مع عدد من المهنيين في مجمع النقابات المهنية لجنة إعلامية للدفاع عن ليث ونفي التهم الموجهة له وللنائب قرش وتم عقد مؤتمر صحفي في قاعة الرشيد، وبدأنا في حملة الدفاع عنه ونشر الأخبار المنصفة، ما استطعنا الى ذلك سبيلا ..وقد تم ايقافي في الاستخبارات العسكرية وتدخل المرحوم موسى الكيلاني وكان وقتها رئيسًا لتحرير الدستور وتم اطلاق سراحي ..
لم أتراجع عن دعمي وقناعتي ببراءة ليث وزميله قرش وأن التهمة باطلة مثل غيرها من التهم التي يرمى بها أي معارض شريف في العالم العربي وتأكيدًا على ذلك أطلقت اسمه على ابني الثاني ليث الذي ولد في تلك الأيام.
وأعتقد أن المرحوم الملك حسين قام بنفسه بالإفراج عن ليث وحمله بسيارته حتى أوصله إلى بيت والدته، وأصدر عفوا ملكيا عنه وعن زميله.
ومن المعروف أن ليثا لم ينس تلك المكرمة الملكية وظل يقدر الملك حسين، وإفراجه عنه، لكن ذلك لم يجعله يقبل أي منصب، او يتراجع عن مواقفه وظل حرًا معارضًا، صلبًا ورفض كل اغراءات السلطة، ونحن نعرف كيف تهاوى ويتهاوى كثيرون أمام إغراءات قليلة وبسيطة بل أبسط وأقل مما عرض على أبي فرحان.
ورغم نجاحه المتكرر كنائب مستقل، ظل أبو فرحان يرفض التحالف مع الإخوان المسلمين وكانت له فلسفة خاصة، ورغبة بالبقاء مستقلًا، وعدم جدية الحياة الحزبية في البلد.
ظل ليث شبيلات ملتزمًا بنهجه العروبي ودفاعه المستميت عن فلسطين والعراق وسوريا وله مواقف معروفة في ذلك.
كنا نختلف معه وهذا حق طبيعي وقد عارضت قرار اتحاد الكتاب العرب حين منحه جائزة الحريات العامة فهو قادم من جماعة دار القرآن ومع احترامي لهذا النهج لكنه يحمل وجهة نظر واحدة. إلا أن ذلك لم يمنعني من رؤية حرقة ليث ودفاعه المستميت عن الأردن وعن فلسطين وعن العالم العربي ولا ننسى مواقفه العديدة ورسالته الشهيرة إلى الرئيس السوري بشار الأسد حين بدأت أحداث درعا، ودفاعه عن العراق من قبل، وإفراجه عن الأسرى الذي كانوا في سجون العراق أيام صدام حسين.
اختلفنا أو اتفقنا معه لكن الرجل بلغ الثمانين من عمره، ولم يتراجع عن موقفه وظل واضحًا حادًا غير مجامل وكان من الجرأة بحيث أنه لم يفكر بالخروج من الأردن مهما كلف الأمر، تم الاعتداء عليه بالضرب من قبل مجهولين، وغير ذلك مما لا يستحب ذكره، ويحسب للنظام عمومًا أنه كان متسامحًا معه الى حد كبير، وخاصة في السنوات الأخيرة، فقد صارت له شعبية كبيرة لا يمكن مواجهتها، وإن تعرض في سنوات سابقة للعديد من التهم والافتراءات لإسكات صوته ولكنه لم يلن ولم يستسلم.
رحم الله ليث شبيلات والذي تأثر وتأسف على رحيله الكثيرون ليس في الأردن وحده بل في العالم العربي كله فقد نعاه المؤتمر القومي العربي وأقيمت عليه صلاة الغائب في المسجد الأقصى ومن ذهب او سيذهب اليوم وهو اليوم الأخير الى بيت الأجر الذي أقيم له في المدينة الرياضية في عمان سيدرك كم كانت لهذا المناضل شعبية كبيرة من كافة التيارات السياسية والأيديولوجية والشعبية.
رحم الله المهندس ليث شبيلات والذي كان صوتًا حرًا لم يركن على عشيرة أو جهة رغم محبة أهله وأقاربه وأبناء عشيرته وبلدته له.
على روحك السلام يا أبا فرحان ...