شتاء 2011 .. وما حملت غيومه


في الشتاء تضعف حريتنا عندما يسقط الثلج والمطر فنحن لا نستطيع الخروج من ابواب منازلنا – لكننا قادرين على صنع التغيير – كما اننا لا نبتعد عن المدفاءة التي تمدنا بالحرارة .
الان بعد مرور عام على حراكنا الاردني وإسقاط بعض الانظمة العربية وتصحيح مسار البعض الاخر , هانحن نستمد الدفء من الذكريات التي نقلت حريتنا من هامش الورقة إلى قلب النص في بلدنا وبعض البلدان الاخرى .
لن ننسى قطرة النفط التي اشعلها البوعزيزي والميادين والتظاهرات المصرية كلها تكاثفت لتشكل لنا غيمة الشتاء التي امطرت حرية وبردّا لإزالة حواجز الخوف عند البشرية جمعاء , لاننكر ان هذا الشتاء كان مصحوبا بالدماء الزكية التي نترحم على ارواحهم في الصباح والمساء ومع كل قطرة ماء تنزل من السماء , حتى ان رياح الشتاء نقلت الغيوم التي تشكلت من ابخرة الدماء الزكية إلى كل الارض كل العالم , فتلك ثورة هي الاولى من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية في بريطانيا وذلك اعتصام في اسبانيا وتلك تظاهرة في امريكا حتى روسيا صاحبة الحزب الواحد امطرت غيومنا مسيرات فيها .
كما ان هذا الشتاء جعل من بعض الاشخاص يظهرون على الشاشات ويتكلمون بعدما كانوا جزءا من الانظمة القمعية واشخاص لم نتوقع يوما انهم يفكرون , لقد حفز هذا الشتاء الكثير من البشر ومنهم من استغل فرحتنا بنزول المطر – الذي كنا نرقبه على النوافذ – فاخذوا يتكلمون باسمنا , نحن فرحنا لانه اول شتاء لايسقط به المطر فقط بل سقط به انظمة ايضا فهذا السقوط جاء بعد كثيرمن صلوات الاستسقاء التي لم يشارك بها اؤلئك الذي استغلوا فرحتنا .
لا ننسى ان هذا الشتاء ايضاً انبت امراء ودول يتنافس كل منهم لقيادة الانظمة العربية , كما ان هؤلاء الامراء لاينطقون إلا ما اوحي لهم , وتلك الدول تبحث في نقاط ضعف امتنا منها من يريد اعاده امجاده التي مضت ومنها من يفرض قوته بإختلاق حرب التسلح التي ترهق امتنا وتنعش اقتصاداتهم .
كما نلاحظ ان بعض الثورات قد غُيبت عن اعيننا كي لانكون قادرين على وصفها , هنا يجب الوقوف مطولا تحت المطر حتى نستطيع الحكم عليها , فنحن اصبحنا لا نرى إلا ما يصور لنا ولا نسمع إلا ما يريده الاعلام الذي " يضخم الاحداث تضخيما يجعل من الذبابة ليس فيلا فقط بل اكثر من ذلك "
م.مراد جلامده
Murad.saleem@gmail.com