الظروف الاقتصادية الصعبة امتداد لظروف اقليمية وعالمية
أخبار البلد ــ أثرت على المملكة على امتداد عشرين عاما ماضية أحداث وأزمات اقتصادية وصراعات سياسية وعسكرية وأمنية اقليمية وعالمية حيث العالم قرية صغيرة ويتأثر بها الأردن باعتباره جزء من الاقتصاد العالمي ولم يعد اقتصاد أي دولة يعيش في جزيرة معزولة .
بدأت في الحرب التي شنها التحالف الدولي على العراق عام 2003وهي الرئة التي كان يتنفس منها الأردن اقتصاديا وسوقا رئيسية لمختلف المنتجات من الصادرات و الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 التي لم ينج منها أحد تبعها موجات الربيع العربي في العام 2011 والتي أفرزت اللجوء السوري الى الأردن وتبعاته الاقتصادية والمالية وعدم وفاء المانحين بكامل التزاماتهم التي قطعوها تجاه الأردن مما رتب على الخزينة العامة أعباءا مالية اضافية وزيادة في المديونية العامة نتيجة انقطاع امدادات الغاز المصري وكذلك اغلاق السوق السوري أمام الشاحنات والبضائع الأردنية وسقطت من تلك الموجات أنظمة سياسية وبقي الأردن صامدا في وجهها بفعل وعي قيادته وأبنائه وغيرتهم على وطنهم وصبرهم على الشدائد في سبيل عزة ورفعة وشموخ الوطن والمحافظة عليه من كل سوء ، ثم الحرب على التنظيمات الارهابية في دول الجوار في عام 2014- 2017، وانتشار أزمة صحية طات دول العالم صغيرها وكبيرها تتمثل في جائحة كورونا في العام في مطلع العام 2020 وما استنزفته من موارد مالية لمواجهتها وتوقف عن العمل جزئيا أو كليا وفرض اجراءات احترازية ووقائية مكلفة وأثرت في محصلتها على الاقتصاد والعمل والانتاج والاستهلاك ، واخرها الحرب في أوكرانيا التي سببت انقطاع في سلاسل الانتاج والتوريد والطاقة والغذاء وارتفاع كلف الشحن والأسعار العالمية وانعكاسها سلبا على المستهلكين والأفراد مع عدم قدرة بعض الدول على تعويض مواطنيها عن ذلك الارتفاع .
لقد انعكست تلك الأحداث والأزمات على معدلات النمو الاقتصادي في المملكة ، حيث لم يزد معدل النمو عن 2% سنويا خلال الاثني عشر عاما الماضية ، وهذا المعدل متواضع وغير كاف لاحداث تنمية اقتصادية حقيقية وملموسة بحيث تعم مكتسباتها على جميع المناطق والمحافظات في المملكة على حد سواء ، وغير كاف لتحفيز أرباب العمل على التوظيف وتوفير فرص العمل الجديدة والحد من الفقر وتخفيف الضغط عن صندوق المعونة الوطنية كأحد أذرع شبكة الحماية الاجتماعية الذي يزداد عدد منتفعيه بدلا من انخفاضه وتخفيض نسبة البطالة التي ترتفع سنويا ووصلت الى 24% بفعل الزيادة المضطردة في أعداد الخريجين وعدم قدرة سوق العمل على استيعابهم والاختلالات الهيكلية في التخصصات ومدى حاجة سوق العمل لها في ظل التطورات والمتغيرات المتسارعة في المناهج وأساليب التعليم والتدريس وضرورة الاتجاه نحو التفكير والابداع والابتكار بعيدا عن أسلوب الحفظ والتلقين .
علاة على ذلك فان الموازنة العامة السنوية تعاني من اختلالات هيكلية ، اذ تمثل رواتب الجهازين المدني والعسكري والتقاعدات في حدود 65% من النفقات الجارية في الموازنة وهي نفقات استهلاكية وغير انتاجية .
والنفقات الرأسمالية فيها بشكل عام غير قادرة على حل مشكلة التشغيل في ظل العدد الكبير من العاطلين عن العمل ومحدودية تلك المشاريع والمبالغ المخصصة لها والتي تبلغ 1،5 مليار دينار والتي يتركز في توجيهها نحو مشاريع قائمة أو مستمرة والقلة منها نحو مشاريع جديدة ، وعدم تفعيل الشراكة الحقيقية في المشاريع الحيوية و الاستثمارية على الأرض بين القطاعين العام والخاص أذ يبدو أنه لا زال هناك تردد وعدم قناعة من القطاع الخاص تجاه ما يطرح من مشاريع شراكة أو العائد المتوقع منها أو الموقع أو الحصة أو طريقة الادارة للمشروع المستهدف .
أما الاختلال الاخر في الموازنة العامة فيتمثل في العجز السنوي المزمن نتيجة زيادة النفقات العامة عن الايرادات العامة وعدم قدرة الايرادات المحلية والمنح الخارجية على تغطية كامل النفقات ، مما تلجأ به الحكومة الى الاقتراض لسد العجز في الموازنة العامة والذي يقدر للعام 2023 بمبلغ ملياري دينار ، وعجز اخر بحدود 800 مليون دينار للوحدات الحكومية المستقلة .
في ظل ذلك ، فان العجز والمديونية البالغة 116% من الناتج المحلي الاجمالي المقدر بمبلغ 37 مليار دينار سيبقى يتصاعدان ، بينما يجب أن يسيرا نحو مسارات واضحة للتخفيض ووفق جداول زمنية ولو امتدت على عدة سنوات قادمة ، والا يصبحان سببان رئيسيان لعدم استقرار الاقتصاد .
خبير اقتصادي ومالي