العروبة.. تستعيد بريقها

أخبار البلد-

 

لا أجد طريقا يمر عبر القومية العربية كفكر مؤدلج لأعبر عن انتمائي لوطني الكبير الذي يحده الأطلسي غربًا وبحر العرب والخليج العربي شرقًا ويقع بين المحيط الهندي والاناضول في عرض الأرض، ولست معنيًا بالفكرة القومية التي نادى بها عبدالناصر في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، ولكني تأججت ولهًا بعروبيتي وأنا أرى الملايين من الذين امنوا بالعروبة وهم يقفون إلى جانب المنتخب المغربي وهو ليس الأفضل بين المنتخبات الكبيرة الأخرى، ولكنه حسُ المواطنة التي حُرمنا منها كبقية القوميات في اوروبا واسيا وامريكا، شعرت كم نحن متعطشون للوحدة في الجغرافيا لأننا توحدنا في الدين والتاريخ، وكان الدم حاضرًا، واللغة حاضرة، وحارس مرمى المغرب ياسين بونو يرفض التحدث في المؤتمرات الصحفية بغير العربية، لم تكن الجماهير العربية التي اجتمعت في مؤتمر شعبي غير مقصود منه هذا الحشد الا مناصرة الفرق العربية التي بقي منها المنتخب المغربي قبيل تراجعه امام المنتخب الفرنسي، رغم العمل البطولي الذي قدمه، ولأننا بحاجة الى نصر ما فقدناه كثيرًا في ساحات الحروب التي فُرضت علينا بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى، وكانت قد نالت من وحدتنا كعرب حين طالبت بتتريك العرب والتنازل عن عروبتهم أو جزء منها للأمة الشقيقة التي تسيدت علينا في السنوات الاخيرة من عمر الدولة العثمانية، ولأن العرب أصحاب القيم الوحدوية في ظلال الدين الواحد، فقد كانوا هم الذين تأخروا عن الغاء الخلافة للبحث عن خلافة عربية لم يكتب لها النجاح بسبب قيام أوروبا باحتلال الولايات التابعة للدولة التي تهاوت، باسم الاستعمار والبحث عن الثروات والبترول.

كم كنت سعيدًا فرحًا وأنا أرى هؤلاء الشبان والصبايا الذين كانوا لا يحبسون دموعهم عند تفوق الفريق المغربي أو أي فريق عربي فرحًا، ويكون الدمع بذات الغزارة وهذا الفريق أو ذاك من المنتخبات العربية الأربعة يخسر موقعة في المونديال، كان الحضور من كل الأقطار العربية في أفريقيا وأسيا، وكم كنت متأثرًا بكل هذا الكم من المشاعر التي تعالت في سماء الدوحة التي صارت بحق عاصمة للعروبة، «الحالة والدم»، عاصمة العربية اللغة والتاريخ والجغرافيا، وكأني بالمشرقيين العرب يتناوبون على حمل العرب المغاربة في بيوتهم وقلوبهم، لقد فعلت هذه الكرة ما لم يفعله الكثير من الكلام والتنظير، والاعلام الذي تهاوى أمام هؤلاء الذين التقت أحلامهم في قطر باسم العروبة، والذين التقت امالهم وهم يأتون من كل حدب وصوب ليقفوا الى جانب أشقائهم.

العروبة تستعيد بريقها من خلال جيل فقدنا الثقة به، وتستعيد مجدها ربما بأقل قليلًا مما نرغب، ولكن لم يحسب أحد أن ما تحققه لقاءات هؤلاء الشباب في ميادين كرة القدم والميادين الحماسية الأخرى لم تحققه الحروب والقمم العربية، ولا حتى العلاقات التي أسست لها الجامعة العربية، والسؤال المطروح، هل نحن ذاهبون الى الطموح الذي يدغدغ مشاعرنا من خلال مساحات أكبر من لقاء الشباب العرب في ساحاتٍ، كساحات كرة القدم وعلى أرض عربية؟

شكرًا قطر، وشكرًا للمنتخبات العربية المشاركة وعلى رأسها المنتخب المغربي الذين عملتم على وجود مساحات التلاقي في المكان والوجدان.