الإمارات.. تفكر عالمياً.. وتعمل محلياً

الإمارات.. تفكر عالمياً.. وتعمل محلياً
خالد عياصرة – دبي
القانون مهما كان شديدا الا ان الانسان يبقى منحازا له، لإيمانة المطلق بضرورته ومقدرته على تنظيم حياته، بمقابل ذلك تعرف الدول من مطاراتها فهي أول ما يستقبل الزائر وأخر من يودعه.
هذه حقيقة واقعية جسدتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مطاراتها وأمتدت لتشمل كافة أعضاء جسدها الذي يستقبلك بالترحاب المقرون بالإبتسامة ... أهلا وسهلا أنت في الإمارات.
في المطار رجال ونساء وجدوا لتقديم الخدمة للزائر بسلاسة لا تقوم على التعقيد، وسهولة لا تبنى على الترهيب، مثلا : لم أشهد خلال تجوالي في مرافق مطار - دبي الدولي - مدرعات للجيش والأمن مدججه بالأسلحة، كما هو حاصل في مطارات بعض الدول العربية .
الذي ينطبق على المطار، ينطبق على الشوارع الخالية في معظمها من رجال الأمن والسير، هذا ناتج عن تقيد الجميع بالقوانين الناظمة للحياة، تلك الشوارع انتقلت تتحول الى كرنفال من الفرح الدائم خلال الليل،، ما ان ينتهي حتى يبدا من جديد، نتيجة تنظيمها وترتيبها.
تركب سيارة تكسي من أي مكان، فيلفت انتباهك رتابة هندام السائق وتقيده الصارم بالقوانين، ومصداقيته غير الخاضعة لدهاليز الإستغلال. تدخل المولات فتستمتع بإستنشاق الهواء النظيف غير الملطخ بروائح الدخان، كما تستمتع بحقيقة التنزيلات والعروض واتساع رقعتها وصدقية القائمين عليها.
حقا استثارني المكان بجماليته المطلقة، بحيث جعلني أنحاز اليه حد العشق، لكن نفسي لم تسقط في اتون صدمة الابراج العالية والمشاريع الضخمة مع ابداعها مثل : برج خليفة ، برج العرب، اتلانتس، عالم فراري، وجزيرة النخلة، التي تشبة في مشهديتها تلك الاحلام الواقعة في قلب الف ليله وليله.
لكن ما استثارني اكثر له ارتباط بالارض باعتبارها "ثابت" ومقدرتة الإنسان الإماراتي على الإنجاز والبناء والإعمار، فكلاهما يشد من ازر الاخر، حتى باتت الإمارات محجا للجميع. سيما وأن الشعب هنا يعمل ليربح على المدى الطويل. في ظل عموم ثقافة القانون الذي يفرض هيبته على الجميع.
لقد تنقلت ونفسي برفقة عيناي بمتعه حيث الاماكن الاثرية والتراثية التي تؤرخ الانجاز بصفحاته الاماراتية، فمن المكتبات، والشوارع المتوشحة برداء النظافة، الى الحدائق والمتنزهات العامة المرسومة بانامل مهندسيها، ومن علاقة البائع بالمشترى الخاضعة لمبادئ الاحترام. الى كل ما يؤكد الايجابية الفعلية للانسان الاماراتي ومقدرتة على ابتعاث الشي من لا شي، وصولا الى عموم ثقافة القانون الذي يفرض هيبته على الجميع، هذا كله ابتعث من رمال تحدي – الامارات - للصعاب في سبيل بناء الدولة وتطويرها ما استطاع اليها سبيلا.
العلاقة الايجابية هذه امتدت لتشيد جسورا من الترابط بين الحاكم بالمحكوم، أولــــــو الأمـــــــــر فيها يستقبلون الجميع "مواطنين ومغتربين " في يوم محدد من كل اسبوع، باريحية تامة، دون مانع او حاجز من رؤيتهم في بيوتهم المفتوحة للجميع، او في الشوارع حيث يسيرون دون حرس شخصي،وكانهم من عامة الشعب.
لذا وسمت علاقة الحاكم بالمحكوم بانها لا تخضع لفلسفات التعقيد، او لرغبات الحاجب او لرجولة السكرتيرة، او رعونة الحرس الشخصي واسلحتهم، كما هو الحال في بعض البلدان العربية التي يحاصر فيها الجنود والحراس والسكرتيرات ومدراء المكاتب الملك او الرئيس او الوزراء والاعيان والنواب (...)!!!
نعم اجميلة الامارات، الا أن الاجمل هو ذاك التفكير الاستشرافي المستقبلي، الذي يتبناه أصحاب الامر، باعتبارة سلاح استراتيجي يقوي عصب الدولة، ويعظم انجازها انطلاقا من ارض الواقع للوصول الى المستقبل باسلوب قائم على احترام المواطن .
ومن الامور الهامة التي تلفت انتباه الزائر، هو غياب العنف عن المجتمعي، حيث ترتدي الدولة ثوبا من الهدوء المقرون بالعمل القائم على التنافسية وروح الفريق الواحد ، لايمانهم بمبادئ التشاركية الفعلية، باعتبار الجميع شركاء في الوطن.
فلا مشاجرات في المدارس والجامعات، لا شغب في الملاعب، لا امن مصاب بفوبيا الخوف ويمتهن لعبة الارهاب ويغزو الشوارع بحجة الامن والامان، لا تجار ولا احتكار، لا شوارع تنهار بعد مضي اشهر على افتتاحها، ولا فكر امني مأزوم يسيطر على قلب الدولة وعقلها ( ...)
سأعود الى الاردن نعم، لكن سابقي جزء مرتبطا من قلبي في الإمارات. فألف تحية لكم في ابو ظبي ودبي والشارقة والفجيرة وعجمان،ورأس الخيمة،وأم القوين، الف تحية لكم ولروح الاتحاد وقدسيتها الذي يجمعكم.
لكن قبيل عودتي أتمنى نقل هذه الصور في حقيبتي الى بلدي الاردن،الذي يحاصر اليوم من قبل مافيا الفساد وسدنتها، كم تتوق نفسي الى روية القانون يطبق بحذافيرة ،انطلاقا من مصلحة البلد العليا،كم اتمنى ان ارى الشوارع نظيفة والمطارات تسيطر عليها الابتسامة لا النكد وسوء التنظيم ، كم أتمنى ان ارى رتابة هندام سائقي التكاسي وتوحيدها وتنظيمها، كم اتمنى ان تنتهي مظاهر العنف والعنف المضاد في الجامعات واستبدالها بالعلم والمعرفة لا المشاجرات، كم أتمنى ان أعيد صياغة وبناء العلاقة المشروخة بين الحاكم والمحكوم، وترميم جسورا الثقة بينهمللوصول الى ارضية حقيقية للتواصل.
فهل ينظرون الى تجربة اخواننا في الامارات؟ حقا يمكن الاستفادة من التجربة ؟

خالد عياصرة
khaledayasrh.2000@yahoo.com