الدجاج .. كعلاج للاكتئاب !

أخبار البلد-

 
ليس الدجاج كطعام طبعاً بل اطعامه . وليس من أجل بيضه بل ليلون بالبياض تلك الظلال السوداء التي تعكر أحياناً صفاء الحياة . ففي نوبة الجنون والحروب التي تصيب العالم اليوم لا بد من صديق أو أصدقاء صادقين غير مكلفين ، لا يكذبون ولا ينافقون . وكلما انخفض منسوب الانسانية عند البشر تجدها عند الطيور والحيوانات الأليفة .
البعض يجدها عند العصافير والببغاوات و القطط والكلاب فيربيها لتصبح تقريباً أحد أفراد العائلة بما حباها الله بنسبة من العقل والصفات التي منحها للانسان . ولكل منها صفاته «الانسانية» بينها اللطف والحنان والاخلاص والنظام والوفاء الذي للأسف أصبح نادراً لدى بشر اليوم .
تحدثني حفيدتي ابنة الخمس سنوات القادمة في اجازة من الكويت عن قطتها «مشمش» التي تفتقدها كما لو كانت شقيقتها الصغيرة . فيتدخل أخوها الأكبر منها ليكمل تعداد « مناقب» مشمش . وحين ينسيان شيئا تتدخل أمهما لتصحح وأبوهما ليصحح التصحيح باعتباره ولي أمر مشمش و العائلة وهو من يأخذها الى الطبيب حين تمرض .
لكن جدتهما ، زوجتي، ترجوهم أن يتوقفوا عن الحديث «القططي» لأنها من أولئك المصابين برهاب القطط . فهي ترتعب ان مرت بقطة في الشارع أو في مطعم أو حديقة . وكنت اظن أنها تتدلع الى أن وجدت صديقاً لي تجاوز الخمسين يقفز عن كرسيه ان رأى قطة قريبة منه أو سمع مواءها حتى دون أن يراها .
القطط انواع متعددة منها الشيرازي والسيامي و البنغالي و الاميركي وقط الهيمالايا والحبشي وغيرها كثير تتميز باختلاف اشكالها وحجمها . المفاجأة أن هناك سلالات من القطط تسمى «قط أشيرا «يتجاوز سعرها مائة ألف دولار نظراً لندرتها وهي هجين بين القطط المحلية والسرفال و تشبه النمور في شكلها . يليها في ارتفاع السعر «قط السافانا « اذ يبلغ ما بينى 20-30 الف دولار .
أما الكلاب فلها حكايات أخرى وخاصة في الغرب . وكم سمعنا عن أثرياء أوصوا بتركتهم لكلابهم . وعن كلاب بكت عند وفاة مقتنيها .
أما أنا فقد عشقت الدجاج ، تلك الطيور التي لا تطير . وبتشجيع من صديق أقمت لها بيتاً بين شجر الزيتون والتين والتوت في بيتي الريفي الذي أمضي فيه معظم وقتي بعيداً عن صخب المدينة والضوضاء و.. القيل و القال .
اشتريت عشرين دجاجة وطبعاً ..ديك . وضعت في البيت « الخُم» كما كانت تسميه أمي ، جهاز ينقط منه الماء كلما شربت الدجاجات من قاعدته المستديرة في الأسفل . وجهاز مشابه للعلف يكفي «العائلة « ثلاثة أيام .
قبالة البيت ، في ظلال الشجر ، أقمت مقعدين خشبيين وطاولة . ما أن أصل هناك حتى اذهب لأتفقد دجاجاتي اللواتي صرت أعرفهن ويعرفنني ويتجمعن حولي حين أدخل حاملاً لهن أوراق الخس والخضار الطرية أنثرها لهن بشهية محب . أما الحلوى فهي قطع بطيخ أقطعها على طبق من فرح .
أحب صياح الديك الذي يتمختر بين دجاجاته رافعاً رأسه ، نافشاً ريشه ، قائما بدور رب العائلة . لا يتقدم للطعام الا عندما يتقدمن ولا يأكل الا حين يطمئن عليهن .
لا يصيح الا بمزاج خاصة عند الفجر و مغرب الشمس . أتحايل عليه فاطلق صياح ديك من اليوتيوب فيرد عليه بصياح جميل يفرحني.
زاد تعلقي بهن حين أجد في رفوف مبيتهن بضع بيضات « أورغانيك « اعتاد عليها أهل البيت حين شعروا بالفرق بينها و بين بيض السوق .
ان أحببت الابتعاد عن ضجيج الحياة و أردت أن لا تقع فريسة الاكتئاب ولديك وقت فراغ فاملأه بنقنقة الدجاج ، و بصياح الديك، تريحك من «نقنقة» البعض ومن لا يجيدون فعلاً سوى الصياح!