رفع أسعار الفائدة.. إلى متى؟!
أخبار البلد-
ما يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مستمراً في خوض حربه ضد التضخم المرتفع من خلال آليته الرئيسية وهي رفع سعر الفائدة، لامتصاص فوائض السيولة من الاقتصاد وتقويض الطلب، وكان آخرها الاسبوع قبل الماضي عندما رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس وهي الزيادة السادسة هذا العام.
ولم يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 3.75 نقطة مئوية في عام واحد منذ ثمانينيات القرن الماضي. ولا شك أن هذه الزيادات تؤثر تقريباً على جميع تكاليف الاقتراض في جميع أنحاء الاقتصاد، وهي وتيرة كبيرة تزيد من احتمالية حدوث ركود اقتصادي. وقد جاء هذا القرار بعد أن أظهرت بيانات أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة ارتفاعا مفاجئا في أغسطس على أساس شهري، حيث قوبل تراجع أسعار البنزين بارتفاع في تكاليف الإيجار والطعام، مما أعطى غطاء لبنك الاحتياطي الفيدرالي لإعلان زيادة كبيرة أخرى في أسعار الفائدة.
وبالطبع فان رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يعني الكثير بالنسبة لاتجاه حركة رؤوس الأموال حول العالم فأصبحت ادوات الاستثمار بالدولار جاذبة للمستثمرين ولرؤوس الاموال. بنوك مركزية عديدة حول العالم تتبع قرارات بنك الاحتياط الفيدرالي وخصوصا تلك التي تربط عملاتها بالدولار الاميركي، حتى أن بعض البنوك المركزية الرئيسية الكبرى كبنك بريطانيا المركزي والبنك المركزي الاوروبي بدأت بأخذ خطوات استباقية في رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم في مناطقها. والسؤال الذي يُطرح هو: «الى متى ستستمر البنوك المركزية في رفع اسعا? الفائدة؟»
العديد من المعطيات تشير الى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لم ينته بعد، حيث أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أنه من المرجح أن يأخذ المسؤولون أسعار الفائدة أعلى من 4.5-4.75 في المائة التي توقعوها في البداية في سبتمبر. الا أن تراجع معدلات التضخم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي (7.7%) قد تعني أنه سيتم رفع أسعار الفائدة بمعدل أبطأ، بمقدار نصف نقطة مئوية، في اجتماع شهر ديسمبر/كانون الاول المقبل.
وتشير التوقعات إلى أن صانعي السياسة سيتوقفون عن رفع أسعار الفائدة تماما في وقت ما في عام 2023، على الرغم من أن أسعار الفائدة ستبقى على الأرجح عند مستوى مرتفع لبعض الوقت.
أين سيتجه بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأين سينتهي، يعتمد على مستويات التضخم وبيانات سوق العمل. فقد ارتفعت أسعار المستهلكين بأسرع معدل لها منذ 40 عامًا، حيث أظهر التضخم علامات مقلقة في أغسطس/آب ولكنه تراجع في الشهر الماضي، ولم يتباطأ خلق الوظائف. فبين يوليو/ تموز وسبتمبر/أيلول، أضاف أصحاب العمل ما معدله 372 ألف وظيفة جديدة، حتى أسرع من متوسط الثلاثة أشهر السابقة البالغ 348 ألف وظيفة.
ومع ذلك، يمكن أن يبدأ سوق العمل في اتخاذ منعطف. فقد ارتفعت معدلات الفائدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي رسميًا إلى ما بعد ما يسمى «معدل الفائدة المحايد»–البالغ 2.5 في المائة–ما يعني أن كل زيادة فوق هذا المستوى تبدأ في تهدئة الاقتصاد بشكل أسرع من قدرتها على مكافحة التضخم. ومعدل الفائدة المحايد هو النقطة التي يُعتقد أن تكاليف الاقتراض عندها تأخذ زخمًا بعيدًا عن النظام المالي باتجاه الاقتصاد الحقيقي. إن هذه الخطوة تشير إلى النقطة التي يمكن أن يبدأ فيها سوق العمل والاقتصاد الكلي بالانحناء تحت ثقل السياسة النقدية؛ و?كن ما يهم حقًا على مستوى الاقتصاد العالمي هو متى يمكن أن تبدأ أسعار الفائدة في كبح جماح التضخم.
وبعد أن أظهرت بيانات التضخم لشهر أكتوبر/ تشرين الأول تراجعاً، سيتعين على المسؤولين أن يقرروا هل سيتم إبطاء وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل أم في الاجتماع الذي يليه، ومتى سيتم ايقاف الزيادات تمامًا؟!
في الاردن، سيستمر البنك المركزي الاردني برفع أسعار الفائدة بوتيرة تعكس مثيلاتها في الولايات المتحدة الاميركية حتى لو أظهرت بيانات التضخم المحلية استقراراً أو تراجعاً، فهدف المحافظة على هامش فائدة لصالح ادوات الدينار اقوى من أي هدف آخر لأن انعكاسته الايجابية مهمة ويحتاجها الاقتصاد الكلي.