الغارديان: لم تمض أيام على ريشي سوناك في الحكم وأخطاؤه الفادحة تبشر بأوقات سيئة

أخبار البلد - قالت الكاتبة في صحيفة "الغارديان” بولي توينبي، إن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك تولى الحكم منذ عدة أيام، لكن أخطاءه تتراكم. مضيفة أن رئيس الوزراء وعد بريطانيا بـ”عهد جديد من التفاؤل”، ولكن بناء على الأدلة من أسبوعه الأول، فالأسوأ قادم.

وأضافت أن الأسبوع الأول لم يمض على خير، وبدا طويلا وحافلا وتراكمت فيه الأخطاء التي تنذر بشرٍّ في الأيام القادمة. وعلّقت أن السياسة ليست هي عن فهم طريقة عمل البيانات وانسيابها بل هي فن بارع. ويبدو ريشي سوناك "مبتدئا نسبيا وليس تلميذا سريع التعلم”.

وكانت أكبر كارثة له هي تعيينه سويلا بريفرمان، كوزيرة للداخلية، فبماذا كان يفكر؟ فما أطلق عليها زعيم العمال كير ستارمر بـ”الصفقة القذرة” ارتدت عليه بعد أيام. ولن تكون بريفرمان سوى مشكلة، فالتسريبات لحسابها الإلكتروني لحلفائها من اليمين المتطرف، وتعهدها بتخفيض حجم المهاجرين إلى عشرات الآلاف هو تجاهل للحقائق. فقد وصل أكثر من 270 ألف شخصا إلى بريطانيا في عام، ودخلوا بتأشيرات دخول. ومع أن الأشخاص الذين يصلون على متن القوارب الصغيرة عددهم قليل، إلا أن الإعلام جعلهم أقلية واضحة. وأدت "أحلامها” برواندا، والقسوة من خلال وضع المهاجرين في مركز احتجاز مزرٍ، وتحول ذلك إلى فوضى سياسية. ولكنها استمتعت بإطلاق النار على الوزراء الذين يريدون ملء الفراغات من العلماء وخبراء تكنولوجيا الكمبيوتر ومنح تأشيرات عمل للهنود كجزء من اتفاقية التجارة.

وترك سوناك، مايكل غوف، وزير المجتمعات للتظاهر في التلفزيون، والقول إن بريفرمان هي "سياسية من الدرجة الاولى في المقاعد الأمامية”، ولكنها ستذهب وتنسى قريبا.

ولكن خطأ سوناك المريع كان عدم المشاركة في قمة المناخ السابعة والعشرين بشرم الشيخ، وهو فعل كبير يعبر عن حماقة سياسية وأخلاقية، بحسب قول الكاتبة. فغطرسته اللامبالية بإخبار جو بايدن وإيمانويل ماكرون بأنه مشغول، وكأنهما لا يواجهان مسائل محلية ملحة يجب عليهما التعامل معها، ويتجاهل في الوقت نفسه حاجته لهما.

وضيّع سوناك ما تبقى من حسن نية في  القيادة البريطانية لقمة المناخ، وهو آخر ما تبقى من سمعة بريطانيا التي حطمها بوريس جونسون وليز تراس منذ البريكسيت.

كما أن منع الملك من حضور القمة كان عملا غير مهذب. وكذا الأخبار عن تغيير سوناك قراره والمسارعة لمصر بعدما علم أن جونسون سيحضرها، هي إشارة أخرى عن الفزع. ولم يكن قرار تحجيم وزارة المناخ وإلغاء مشاركة ألوك شارما في اجتماعات الحكومة عارا، بل عملا سياسيا ينم عن عدم الخبرة. وقد حذر من أن اليمين في أستراليا خسر السلطة بعدما فشل باتخاذ تحرك لمواجهة أزمة المناخ. وفي الوقت الذي يعارض فيه سوناك مولدات الهواء، ويريد فرض ضرائب على التنقيب عن النفط، قدم حزب العمال خطة ازدهار خضراء وشركة الطاقة البريطانية الكبرى للاستثمار في الطاقة المتجددة، وحظيت بالشعبية وذكرت في مجموعات العمل في القمة.

وتوقع سوناك استعادة شعبيته في استطلاعات الرأي بعد وصولها إلى 14%، لكن حزبه ليس أمامه طريقه للصعود في الاستطلاعات، فقد هبط العمال إلى نسبة 44% مقابل نسبة 28% للمحافظين، حسب مركز "أوبونيوم”، ولم يرد البرفسور جون كيرتس (خبير الاستطلاعات) التضحية بسمعته عندما أشار إلى حقيقة تاريخية، وهي أن أيّ "حكومة تقف على قمة أزمة مالية لن تنجو في صناديق الاقتراع”.

 إلا أن العمال يراقبون منحنى بيانيا آخر بقلق، وهو "الثقة بإدارة الاقتصاد” وهنا يعطي استطلاع "أوبونيوم” سوناك نسبة 33% إلى 29%، وسنرى ماذا سيحدث في "الخيارات” القاسية بميزانية 17 تشرين الثاني/ نوفمبر.

ولكن توقعات إدارة الاقتصاد كانت مثيرة للضحك عند مراقبتها، وعليك أن تكون عارفا بالبرشامة المرة و”القرارات الصعبة جدا” وبتوفير 70 مليار جنيه من النفقات. ففي ميزانيته العام الماضي، قال سوناك إن "حزب المحافظين هو الحزب الحقيقي للخدمات العامة”، ولكن الوزراء حذروا الآن من "نجاعة” متشددة. وتقدم تجربة وزير الخزانة السابقة جورج أوزبورن مثالا عن الطريقة التي تضرب فيها سياسات التقشف الهدف، فقد كان جيدا بتحميل التقشف للمجالس المحلية. واليوم نصح الوزراء باختيار نسب تخفيض النفقات ما بين 10-15% . وبالنظر لوضع البلد الذي تسببت به بشكل عام سياسات أوزبورن: فعدد القضايا المتراكمة في المحاكم تعني أنه لن يُنظر في الكثير منها حتى عام 20024، وهناك أكثر من 100 ألف طلب لجوء لم يتم اتخاذ قرار فيها وتحتاج لمعدل 480 يوما للنظر فيها.

وتسبب خفض النفقات في المدارس بظهور فجوة اجتماعية متزايدة في أداء التلاميذ. ويقال إن الصحة الوطنية محمية، ولكنها بحاجة للنجاة في الشتاء واحتواء قائمة انتظار بـ7 ملايين وهي في تزايد، علاوة على بدء خطة قوة العمل التي دعا إليها جيرمي هانت: ستنهار الخدمة بدون مال للخدمات الاجتماعية لكي تفرج عن المرضى وتخلي الأسرة. وكل المخاوف هي مهددة من خفض المزايا وتأمين المعاش التقاعدي الذي صوّت عليه، وكذا تجميد حد الضريبة الذي يعتبر قاتلا صامتا. ويعد قطع نفقات رأس المال مضادا للنمو وتعديل المستوى عندما يتعلق بمشاريع الشمال. ولأول مرة، تحتج المجالس المحلية التي يسيطر عليها المحافظين بسبب سقوط الفأس على سلامة الأطفال والكبار الضعاف، وبدلا من الاحتجاج، عليهم التهديد بالاستقالة الجماعية من الحزب. وعلينا توقع آلام كبيرة بسبب خفض النفقات على الخدمات الضرورية ولكن غير المرئية، إلى جانب خفض في الدعم الدولي وميزانيات دعم الفنون.

وعلينا تذكر أن العجز في الخدمات العامة بحاجة إلى السداد، وعلينا الحذر من حماية المتقاعدين على حساب تعليم الأطفال، فتجاهل هؤلاء يعني عجزا في بناء مستقبل عظيم وخسارة في الإنتاج.

وربما قام سوناك بدهاء بتنظيف سجل عائلته الضريبي والهجوم على سياسة حزب العمال في إلغاء الضريبة على المواطن المقيم، ويطالب بإعادة ضريبة على بيته في الخارج. وربما فرض ضريبة على المليارديرات الذين يعيشون في الخارج. ومهما كانت خططه، فسيردّ العمال بخطط مالية قوية. وحتى لو ظهر ما هو أسوأ، فالميزانية المقبلة لن ترضي الصحافة المؤيدة للحزب أو صحافة روبرت ميردوخ، ولن ترضي نواب المقاعد الخلفية الذين يحتجون على زيادة الضريبة ويخشون في الوقت نفسه على مقاعدهم.

ولن يترك تحقيق كوفيد سوناك بدون ضرر، وسيكون انهيار الحكومة في أيرلندا الشمالية بسبب البريكسيت الذي دعمه. وستشهد البلاد إضرابات، فقد خرجت الدعوات للمعلمين هذا الأسبوع إلى جانب إضرابات العمال على زيادة الأجور بنسبة 2.4% مقابل القطاع الخاص 6.4%. وربما لا يستطيع أي زعيم الظهور بمظهر القائد الحازم في هذه الأوقات، إلا أن القرارات السيئة التي اتخذها سوناك هذا الأسبوع لا تبشر بمستقبل "حافل بالفرص”  أو "عصر جديد  من التفاؤل” والذي وعد به قراء صحيفة "ديلي ميل” وهو يعرف أن التلويح بالكعكة هو نوع من الوهم، فالأسوأ قادم.