لماذا تتشابه كل عروض نتفليكس؟
اخبار البلد -
تحولت العروض على نتفليكس إلى حلقة متشابهة تعتمد على مؤثرات خاصة عالية الجودة (مواقع التواصل) تحوّلت نتفليكس خلال فترة قياسية من مجرد منصة عرض للأفلام، إلى عملاق في عالم الإنتاج. وعلى الرغم من تراجع أسهمها مؤخرا، فإنها لا تزال نهرا متدفقا من العروض والأفلام. لكن ثمة شعور يغلب على المشاهدين بأن هناك شيئا ما متشابها في عروض نتفليكس
ومع كل مسلسل جديد على شاشة نتفليكس تظهر هذه الملاحظات المتكررة، إذ تبدو الصورة مظلمة عموما، والألوان مشبعة للغاية، وغالبا ما يكون هناك الكثير من الإضاءة الملونة في المشاهد الليلية، مما يجعل كل شيء وكأنه مضاء بالنيون، كما يبدو الممثلون وكأن الزينة (الماكياج) تلطخ وجوههم، فضلا عن تشابه تفاصيل أزيائهم، كما تقول جيتا جاكسون في مقال لها بموقع "فايس ماذاربورد" (VICE s Motherboard)
يحدث ذلك نتيجة خوارزميات نتفليكس التي تتبع رغبات الجماهير، إذ يعتقد القائمون على المنصة أن المتفرّج عندما يشاهد فيلما ما ويوصي به، فإنه يحب مشاهدة فيلم آخر يشبهه. تتعقب هذه الخوارزميات بيانات كل شخص وتحاول الحفاظ على ذوق الجماهير
وتشير إليسا ميلر في مقال بموقع "نوفيلم سكول" (nofilmschool) إلى أن من الجيد أن يتلقى كل شخص توصيات بأفلام تشبه ما يحب، لكن يبدو أن ذلك الأمر تحول إلى حلقة من العروض المتشابهة التي تعتمد على مؤثرات خاصة عالية الجهد، نتيجة حسابات الخوارزميات
عروض متشابهة لكن ما الذي يجعل العروض تبدو متشابهة؟ يعزو أستاذ دراسات السينما جي دي كونو الأمر إلى أن نتفليكس تطلب تقنيات ومواصفات متشابهة لكل عروضها الفنية، مما تسبب بتلك اللغة المرئية الآمنة غير المغامرة
ويوضح كونور أن لدى نتفليكس قائمة صغيرة من الكاميرات التي تلبي المعايير، مما يؤدي إلى توحيد في الصورة. فلماذا تصرّ المنصة على تلك القائمة؟ يجيب المتخصص في أنظمة الكاميرات كريس بريغروكي على هذا السؤال قائلاً إن نتفليكس تريد من صانعي الأفلام تقديم أفضل ما عندهم، وتشجعهم على استخدام أحدث التقنيات لالتقاط صورهم وإخبار قصصهم. وعلى الرغم من الدقة العالية والتقنية المتقدمة لتلك المجموعة من الكاميرات، فإنها تعيد إنتاج الصورة ذاتها والنطاق اللوني نفسه
الشيء الآخر الذي تسبب بتلك الصورة المتشابهة هو رغبة نتفليكس في التدقيق المستقبلي لمحتواها، إذ يطلب القائمون على المنصة من منتجي الأفلام والمسلسلات تصوير كل شيء بدقة "4 كيه إتش دي آر" (4K HDR)، وهي دقة تجمع بين تقنية "4 كيه" (4K) وتقنية "إتش دي آر" (HDR)
وتشير"4 كيه" إلى نطاق ديناميكي عال، فيما تشير "إتش دي آر" إلى تباين أعلى بين درجات الألوان الفاتحة والداكنة. ومع ذلك، توفر تقنية "4 كيه" صورة أكثر وضوحاً وتحديداً
تحاول نتفليكس تحري الصورة الجيدة حتى عند انتشار الهواتف المحمولة بتقنية "4 كيه" مستقبلاً، وهي رغبة تبدو منطقية لمنصة عروض قائمة على الأجهزة المحمولة والعروض المنزلية. لكنها تحد من خيارات المخرجين في التكنولوجيا التي يستخدمونها، كما أن الملفات المصورة بدقة "4 كيه" تعد ملفات كبيرة للغاية، وعندما يتم ضغطها للعرض في شاشة صغيرة يظهر تأثير هذا الضغط في الصورة المعروضة
يقول كونور "يشبه الأمر أفلام السبعينيات التي تبدو مؤثراتها المرئية رائعة على شاشة ضخمة، لكنها تصبح أسوأ كثيراً على شاشة هاتف صغير، وهو ما يحدث تماماً عندما نلتقط صوراً كبيرة ونضغط بياناتها لعرضها على شاشة الهاتف"
موت السينما الحقيقية هناك انطباع عام بأن موت السينما الفنية الحقيقية بات وشيكاً، بسبب تغير طريقة إنتاج الأفلام. فقد أنتجت نتفليكس عام 2021 وحده 129 فيلماً متنوعاً، وبعد 10 سنوات من ظهورها، غيّرت مفهوم البث التلفزيوني التقليدي ونماذج السينما المسرحية، ووضعت نفسها في المركز، حيث نمت من 24 مليون مشترك عام 2012 إلى 214 مليون مشترك عام 2022
وهذه المنصة متوافرة في أكثر من 190 دولة، وأصبحت عاملاً أساسياً من عوامل الترفيه العالمية، على الرغم من كل المآخذ على العروض، إذ أصبح الإنتاج الفني والجمالي اليوم مندمجاً في سلعة يمكن بيعها واستهلاكها وتجديدها مجدداً وبيعها مرة أخرى، لأن الفن حالياً أصبح منتجاً استهلاكياً يُباع ويُشترى
يقول الرئيس التنفيذي لنتفليكس تيد ساراندوس إنه عندما يتحدث النقاد عن جماهير معينة تهتم بجودة الفيلم، فإنهم لا يتحدثون عن الحشود الجماهيرية الكبيرة. وعليه، يرى ساراندوس أن الجماهير الكبيرة لا تهتم بالجودة، فلماذا تهتم بها نتفليكس؟