الإعلام المجتمعي… ضرورة لازمة

اخبار البلد-

 
يشكل الإعلام المجتمعي أداة رئيسة في تنمية وتقدم المجتمعات؛ ذلك أن الدور الذي يقوم به على درجة من الأهمية فهو الإعلام الناقل لقضايا وتحديات وصوت منطقة أو فئة محددة والملاصق لها في تفاصيلها الدقيقة والمعبر عن ضميرها ووجدانها من خلال تغطية مهنية متوازنة، وهو في الوقت ذاته إعلام ينهض بمستوى المعرفة ويرفع وعي هذه المناطق والفئات بحقوقهم وواجباتهم ويسهم في مشاركتهم في عملية التخطيط بالتشارك في اطار المجتمعات المحلية ويقرب وجهات النظر بين الأفراد والجهات المعنية الأمر الذي يترك نتائج واضحة في تلبية احتياجات الأفراد في اطار الإمكانات المتاحة.
في الواقع ان نشأة الإعلام المجتمعي وظهوره في ستينيات القرن الماضي جاء ابتداء كفكرة لإيصال الأصوات المهمشة عندما وجد نشطاء من اقليات معينة تجاهل وسائل الإعلام الموجودة لهمومهم وثقافتهم ومتطلباتهم وأحلامهم وثقافتهم الفنية فعبروا عن ذاتهم من خلال إنشاء إذاعات مجتمعية تعبر عن ثقافتهم وعما يجول في خاطرهم، لتتطور وتمسي أداة أساسية في نقل الأصوات واحداث التغيير.
يشكل الإعلام المجتمعي مكانة رئيسية ويلعب دورا محوريا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفي تحقيق شعارها القائم على فكرة "ان لا يبقى أحد بالخلف”، ولا يمكن السعي إلى جعل هذه الأهداف أمرا واقعا ومستمرا ابتداء من القضاء على الفقر والقضاء على الجوع وتوفير الصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد، ومرورا بالمساواة بين الجنسين وتوفير العمل اللائق ونمو الاقتصاد وبنية تحتية ملائمة والحفاظ على المناخ، وانتهاء بإقامة مؤسسات قوية وعادلة وتوفير انسياب في المعلومات، لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة جميعها دون وجود إعلام ينهض بمسؤولياته، قادر على تحليل قضايا التنمية المحلية بعمق وتوجيه الأنظار نحو الاشكاليات والاختلالات المحلية التي تحول دون تحقيق أهداف التنمية واستدامتها وتشجيع الأفراد على التعبير عن أنفسهم وفتح قنوات اتصال بينهم وبين الجهات المعنية.
إن أبرز ما يحققه الإعلام المجتمعي هو القدرة على احداث التغيير في نطاقات محلية محددة، هذه التغييرات وتراكمها من شأنها أن تحدث تغييرا تدريجيا على مستوى الدولة ككل، وفي رحلة احداث التغيير هذه يكون العنصر الفاعل واللاعب الاساسي في التحول نحو التغيير، هو الفرد الذي يصبح محور العملية الاعلامية المجتمعية، ويكون صوته هو القادر على تحديد الفجوة بين ما هو قائمٌ وما يجب أن يكون، وهو الأمر الذي ينعكس بالمشهد الأكبر على تعزيز العملية الديمقراطية وتفعيل حق الافراد في المشاركة العامة وفي مخاطبة السلطات، ويعمل أيضا على تغيير الاتجاهات والمساهمة في عملية الضبط الاجتماعي والحفاظ على أمن المجتمعات.
هذه المكتسبات التي يحققها وجود إعلام مجتمعي تجعل من الضرورة بمكان العمل أردنيا على دعم هذا النوع من الإعلام وإدراك دوره في النهوض بالمجتمعات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان لدى الأفراد ودوره في تطوير عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا الدور يقتضي إفراد مساحة كافية وبحجم الدور الذي يلعبه هذا الإعلام في التشريعات الأردنية ذات العلاقة واقرار التسهيلات كافة التي من شأنها تشجيع وجوده واستمراره.