المحطة وشفا بدران

‏ لسنوات طويلة وأهالي المحطة في الهاشمي الشمالي، وأهالي ماركا وأبو عليا، ‏يعانون ليل نهار من الروائح الكريهة المنبعثة من محطة دفع وتفريغ المياه العادمة، ‏التي تتمركز في اخفض مناطق شرق عمان، ورغم الاستغاثات المتكررة من الأهالي ‏في المنطقة لإيجاد حلول لهذه المشكلة، إلا أن إيجاد آذان صاغية لاستغاثاتهم حلم ‏يراود صغيرهم قبل كبيرهم، وتعصي مشكلتهم على أي حل ممكن.‏
‏ فالآثار الصحية المترتبة على وجود هذه المحطة لا يعاني منها مسئولي أمانة ‏عمان، والكلفة الاقتصادية لبقاء هذه المحطة لا تؤثر عليهم أيضا، والمعاناة التي ‏يعانيها المواطنين في تلك المنطقة، شان لا داعي لهم به، وخارج مسؤولياتهم ‏الأخلاقية والإدارية والفنية.‏
‏ فإذا الأيام بدأت تكشف لنا قضايا فساد تستأثر بها أمانة عمان عما سواها من ‏مؤسسات ودوائر، فمن غير المعقول أن الأمانة التي توظف الخبراء والمهندسين ‏والفنيين، تقف عاجزة عن إيجاد حل لمثل هذه المشكلة، التي يعاني منها كل من يسلك ‏تلك الطريق بالإضافة لأهل المنطقة، وتبقى المشكلة وتصم الأمانة آذانها ولا تسمع، ‏فهل تنتظر الأمانة خروج مسيرة شعبية تطالب بحل هذه المشكلة، أم تنتظر الأمانة ‏اعتصام أمام مقر الأمانة بهذا الخصوص، أم تنتظر مواطن يشعل النار في نفسه ‏لتدرك أن هناك مشكلة تبحث عن حل.‏
‏ ندرك أن المشكلة كبيرة، وأن الحلول مكلفة، ولكن نعتقد أن الأموال التي ممكن ‏أن توفر بعد كبح جماح الفساد في الأمانة، كفيلة بحل المشكلة إن كانت هناك إرادة ‏وتعامل صادق مع هذه الحالة الإدارية العصيبة، فما المشكلة إن شكلت الأمانة فريق ‏من مهندسيها لدراسة الحالة وإيجاد حلول معقولة لها، نعم نريد من الأمانة الاستفادة ‏من كوادرها، لا جلب خبراء من الخارج لتكون عندنا قضية فساد جديدة اسمها قضية ‏فساد محطة تفريغ ورفع المياه العادمة، فحتما ستكون قضية كريهة للغاية.‏
‏ فإذا عجز الخبراء عن إيجاد حلول لقضية مثل هذه، فهل نثق بأننا سنكون قادرين ‏على التعامل مع ملوثات نووية ستحل المملكة مدفن ومستودع لنفايات العالم منها، ‏للوصول إلى حلم الدولة النووية، الذي يراود البعض بحجة توفير الطاقة الكافية ‏والبديلة و الأرخص للمواطن البسيط والمستثمر المنتظر. ‏
‏ فإذا كنا نقول إن روائح محطة التفريغ والدفع للمياه العادمة أزكمت أنوفنا، ونجد ‏أنفسنا مضطرين للتعايش مع مثل هذا النوع من الملوثات، فهذا التعايش والتأقلم مع ‏الملوثات النووية أمر غير ممكن، فتخزين مواد خطرة في مكتب أو مستودع ‏قرطاسيه كما يشاع، معناه قتل و انتحار بطيء، ليس ثقة بقدرة أجهزة المناعة لأهالي ‏شفا بدران وما حولها على التكيف مع مثل هذا النوع من الملوثات، وحتما أن بعد ‏فقدان الصحة لا معنى للحديث عن الخسائر الاقتصادية في المنطقة، التي أصبحت ‏تشهد حركة عمرانية واستثمارية متزايدة، ولم تكن تدرك أن الخطر متجه إليها، ‏وجاءت بذرته من فرنسا، وتزرعه عقول الطبيعة النووية بين بيوتهم. ‏

kayedrkibat@gmail.com