مراوحة بين التهدئة والانتقاد: السعودية تتهم إدارة بايدن بالتلاعب بالأسواق

اخبار البلد - قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الثلاثاء إن بعض الدول تستخدم مخزوناتها من الاحتياطي النفطي الإستراتيجي كورقة للتلاعب بالأسواق، في انتقاد واضح لقرار الرئيس الأميركي جو بايدن بيع كميات جرى سحبها من الاحتياطي النفطي الإستراتيجي في إطار مساعيه لخفض أسعار البنزين المرتفعة، وهو الانتقاد الذي يأتي بعد تصريحات هادئة، ما يعكس أن السعودية تعتمد سياسة المراوحة بين التهدئة والانتقاد في علاقتها بالولايات المتحدة.

ويرى مراقبون أن السعودية، التي سعت إلى التهدئة مع واشنطن من خلال تأكيد أن قرار أوبك+ ليس قرارا سياسيا وأنها لا تنحاز من خلاله إلى روسيا، وجدت أن الولايات المتحدة تستمر في توظيف كل أوراقها للرد على خطوة أوبك+ دون أن تأبه بمساعي التهدئة السعودية، ولذلك ظهر الأمير عبدالعزيز ليؤكد أن ما تقوم به واشنطن لا يمكن فهمه إلا على أساس أنه تلاعب بالأسعار، في انتقاد مباشر وواضح لإدارة بايدن.

وفيما توجه الانتقادات الأميركية لقرارات أوبك+ إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عبر الإصرار السياسي والإعلامي على شخصنتها، ترك ولي العهد مهمة الردود القوية لشخصية متمكنة من ملف النفط بشكل ملحوظ وهي أخوه الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة.

ويخطط الرئيس الأميركي لمجازفة محسوبة من وجهة نظره تخفّض الأسعار إلى حدود 65 دولارا للبرميل الواحد، وهو يعرف أنه من الصعب أن تتعافى الأسعار بالسرعة نفسها التي يشهدها انهيارها ليتولى لاحقا إعادة التخزين الذي سحبه وهو يشتري بالرخيص ويكسب معركته مع أوبك+ ويرد على ما يعتبره تحالفا سعوديا – روسيا ضد بلاده.

وقال وزير الطاقة السعودي في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض إن "من واجبي أن أوضح أن خسارة مخزونات الطوارئ قد تكون مؤلمة في الأشهر المقبلة”.

كما وصف الأمير عبدالعزيز المملكة بأنها تظل أكثر مورد للنفط يمكن الاعتماد عليه في العالم وأنها زادت مبيعاتها لأوروبا إلى 950 ألف برميل في سبتمبر من 490 ألف برميل في الشهر ذاته قبل عام.

وتدهورت العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر عندما قررت مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط بقيادة السعودية خفض الإنتاج، وهو ما دفع إدارة بايدن إلى التحذير من أنه ستكون هناك "عواقب” لهذا القرار على العلاقات الأميركية – السعودية.

وقال وزير النفط السعودي إن بلاده اختارت أن تكون الطرف "الأكثر نضجا” عندما سئل عن كيفية إعادة العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة إلى مسارها الصحيح، خاصة ما تعلق منها بملف الطاقة.

وتابع قائلا "لا أنفك أسمع هل أنتم معنا أم ضدنا؟ هل هناك مساحة لأن نكون مع السعودية ومع شعب السعودية؟”.
ويرى المراقبون أن إقرار الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأن بلاده اختارت أن تكون "الأكثر نضجا” يؤشر على إستراتيجية السعودية في التعامل مع التصعيد الأميركي، أي اللجوء إلى تهدئة الخطاب وإطلاق تصريحات تحث على الحوار، خاصة أنها تعرف أن التصعيد الأميركي في جزء منه مرتبط بانتخابات التجديد النصفي التي يحاول الديمقراطيون خلالها الاحتفاظ بسيطرتهم على مجلسيْ النواب والشيوخ.

ويعرف السعوديون أن خطاب معاداة المملكة هو خطاب للاستهلاك الداخلي في الولايات المتحدة، وأن الأمر لن يخرج عن حملات بايدن على الرياض قبل الانتخابات وزيارتها بعد ذلك والبحث عن تعاون أميركي – خليجي بأبعاد إستراتيجية.

وكشفت عن هذه الإستراتيجية تصريحات وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أمام مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار حين قال إن الخلاف بين واشنطن والرياض "عابر”.

وقال الفالح، أمام المسؤولين التنفيذيين العالميين والمستثمرين والمسؤولين الحكوميين السعوديين، "على المدى الطويل نحن حليفان قويان… سنجتاز الخلاف الأخير الذي أعتقد أنه كان غير مبرر وآمل أن يكون سوء تفاهم”.

وكان وزير الاستثمار السعودي قد قال صباح الثلاثاء إن السعودية والولايات المتحدة ستتجاوزان خلافاتهما "غير المبررة” بشأن إمدادات النفط، مسلطا الضوء على العلاقات طويلة الأمد على مستوى الأعمال والمؤسسات.

وبينما أشار الفالح إلى أن السعودية والولايات المتحدة "حليفان وثيقان” على المدى الطويل شدد كذلك على أن العلاقة بين المملكة وشركائها الآسيويين "قوية للغاية”، ومن بين هؤلاء الشركاء الصين باعتبارها أكبر مستورد للهيدروكربونات من السعودية، وهو ما يعد رسالة واضحة مفادها أن السعودية لديها بدائل جاهزة وليست في موقع ضعف.