سائقو "طلبات" يتعرضون للسرقة والتهديد.. تفاصيل
اخبار البلد - يتعرض سائقو تطبيق "طلبات" إلى العديد من الانتهاكات، ليس أولها التسعيرة الثابتة غير المنصفة التي أقرتها الشركة العام الماضي وعدم الوفاء بوعودها بتمليكهم سيارات التوصيل التي يقودونها، وإنما يتعرضون إلى تهديد وسرقة ما يملكونه من قبل العملاء.
يطلب العملاء خدمة من خلال التطبيق، وعند وصول السائقين موقع تسليم الطلب يلغونه، ويتكبد السائقون كلف التوصيل على حسابهم الخاص، وأحياناً يدفعون ثمن الطلب أيضاً، أو يتعرضون إلى تهديد من العميل بتسليم الطلب بدون مقابل وإلا اعتدوا عليهم.
يؤكد عدد من سائقي تطبيق طلبات في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي"، أنهم لا يشعرون بالأمان الوظيفي، ويبقون في حالة قلق دائم عند توصيل الطلبات، خوفاً من أن يتعرضوا إلى تهديد والسرقة، وبخاصة من يعملون على الدراجات، إلى جانب عدم وجود أي جهة يشتكون إليها عند تعرضهم لمثل هذه المواقف.
ويلفت السائقون إلى أنهم لا يتمتعون بالحمايات الاجتماعية، ولا يوجد أي جهة تدافع عن حقوقهم وتحميهم مما يتعرضون إليه من تهديد، ولا حتى نقابة تطالب بحقوقهم وتدافع عنهم، ويقصُر الأمر على عدد قليل من السائقين الذين يطالبون بحقوقهم العمّالية والوظيفية من خلال الاحتجاجات والإضرابات.
الكابتن (م. ج) البالغ من العمر 19 عاماً، لم يتعد عمله سائقا لدى طلبات الأشهر، تعرض لمحاولة سلب وتهديد، إذ وصل إليه طلب توصيل من أحد المطاعم في شارع وصفي التل إلى دوار الواحة بعمّان، وكان الوقت متأخراً، قرابة الواحدة بعد منتصف الليل، وتجاوزت قيمة الطلب 128 دينارا.
يقول لـ"المرصد العمّالي" إنه أخذ الطلب من المطعم، "والعمّال في المطعم نبهوني إلى أن الوقت متأخر وعليّ أن أتوخى الحذر، خصوصاً وأن قيمة الطلب كبيرة، غير أن ما جعلني أطمئن أنني سأوصل الطلب إلى مكان فيه حركة وناس وشرطة، اتجهت عبر الدراجة إلى المكان وعندما قاربت الوصول، تواصل معي صاحب الطلب ليخبرني عن تغيير مكان التوصيل".
عندها أخبر (م. ج) الشركة أن صاحب الطلب غيّر موقع تسليم الطلب، واتفقوا أن يبقوا على تواصل في حال تعرض لأي شيء، "وصلت إلى المكان وإذ بثلاثة شبان ينتظرونني، وحينها ألغوا الطلب عبر التطبيق، والتفوا حولي ليحاولوا أخذ الطلب دون أن يدفعوا ثمنه، تشاجرنا وارتفعت أصواتنا، ليأتي بالصدفة عاملان على طلبات وينقذانني من حراجة الموقف، ومباشرة اتصلت مع الشرطة".
ويلفت إلى أنهم هددوه بإنهاء حياته قائلين "من هون لتيجي الشرطة ربع ساعة بنكون خلصنا عليك وعلى زملائك، وبعدها أدركوا خطورة الأمر وعواقب تهديدهم له بالقتل، هربوا تاركين الطلب وراءهم، ليتواصل بعدها أحد رجال الأمن ويطلب مني أن أقدم شكوى لدى المركز الأمني، غير أنه جعلني أقلق عندما أخبرني بعدم جدوى الشكوى".
ويوضّح أن "العقد المبرم مع الشركة وبحكم العمل الحر، لا يخضعني للضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي، ولا يوجد ما يحميني حال تعرضت لأي مكروه".
أما كابتن (ز. ا) البالغ من العمر 22 عاماً، فيعيل أسرة مكونة من ستة أفراد، ويعمل منذ سنة ونصف السنة على تطبيق طلبات، ويستخدم الدراجة في توصيل الطلبات.
يقول لـ"المرصد العمّالي"، "نحن نتعرض للنصب، نوصل الطلب إلى مكان العميل بعد قطع كيلومترات وإذ به لا يرد، نُرجع الطلب إلى المطعم ولا أحد يعوضنا خسارة التوصيل".
وهو يعمل من ثماني إلى عشر ساعات يومياً، والأجور يتم احتسابها على كل طلب دينارا وعشرة قروش، "عندما يلغى الطلب لا أتكبد كلف التوصيل على حسابي الخاص فقط، وإنما يحتسب أنني أوصلت الطلب، وبذلك يؤثر على عدد الطلبات المسموح بها يومياً وفق سياسة الشركة".
ويشير إلى أن لا أحد يهتم للمعاناة التي يتعرضون لها بشكل يومي، "ما يهم الشركة هو توصيل الطلب فقط، أما العاملون فهم آخر اهتماماتهم، ونبقى في الشارع إلى أن يأتي طلب نذهب لتوصيله ونرجع ننتظر في الشارع، ولا يوجد مكان محدد نتجمع فيه".
ورغم أنه يحصل على راتب 450 دينارا شهرياً، فإنه لايكفيه، "لا يشمل الراتب كلفة البنزين، ويكلفني كل يوم 15 دينارا بنزين، ناهيك عن تصليح الدراجة، وفي نهاية المطاف أعمل دون مردود".
ويوضّح أنه لا يوجد تأمين شامل لسائقي الدراجة، "إذا تركت الدراجة وذهبت لإيصال الطلب على الباب للعميل، وعدت ولم أجد الدراجة لا أحد يتحمل مسؤولية ذلك، والعميل عندما تطلب منه أن ينزل ويأخذ الطلب كي لا تُسرق الدراجة يرفض ذلك".
بينما يعمل كابتن (ع. ا) البالغ من العمر 28 عاماً، لدى شركة طلبات منذ عام ونصف العام، وهو متزوج ولديه إلتزامات أسرية غير قادر على تغطيتها بعمله سائقا على طلبات، فيما يعتمد على عمله اعتماداً كلياً، "أحصل على أجر 300 دينار شهرياً ولا يكفي الأجر أدنى متطلبات الحياة لي وزوجتي".
ويقول لـ"المرصد العمّالي"، إن "النظرة العامة لسائقي التوصيل وبحكم التعامل مع مختلف أطياف وفئات الشعب هي نظرة تهميشية طبقية، أَجبَرت كثيراً من زملائي ممن لم يتحملوا المعاملة السيئة على ترك العمل".
ويوضّح أن أخلاقيات القيادة في الأردن هي من أكبر المشكلات التي تُشكل خطراً على حياة سائقي طلبات، "لا توجد أدنى درجات الأمان للقيادة ليلاً أو نهاراً، وبخاصة الخطر الذي يلاحق سائقي الدرجات الهوائية والسكوترات، الذي أودى بحياة العديد من زملائي".
ويؤشر إلى أن العمل ليلاً من أكثر الأوقات تعرضا للخطر من قبل فارضي الأتاوات والخارجين عن القانون، "الكثير من زملائي ممن تعرضوا للسلب والنهب تقدموا بشكاوى رسمية للجهات الأمنية، بلا فائدة، لا يوجد أمان وظيفي مطلقاً".
ويلفت إلى أن الأجور التي يتلقاها كباتن طلبات هي الأقل سعراً على مستوى أجور النقل العام والخاص والتطبيقات الذكية، وأن شركة طلبات تعمل بلا رقيب أو حسيب.
أما كابتن (م. ز)، فتعرض لما هو أسوأ، فقد أصيب في يده من قبل أحد العملاء بالاعتداء عليه بأداة حادة، بعد أن رفض تسليم الطلب بلا مقابل، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد اتصل العميل بالشركة يشكو من سوء تعامل السائق، وأنهت الشركة خدماته على الفور، ضاربة ما تعرض له السائق عرض الحائط.
ويقول لـ"المرصد العمّالي"، إن بعض المناطق التي يذهبون إليها لتوصيل الطلبات، يتواجد فيها فارضو الأتاوات وقطّاع الطرق، وعند تعرضهم لأي شخص من هذا النوع، لا تُبدي الشركة أي اهتمام، وتذكّرهم بضرورة تسليم الطلب مهما كان الحدث الذي يتعرضون له.
ويوضّح أنه عندما تعرض للإصابة، "أول ما تفوهت به الشركة هو أن تتأكد إذا كنت قد أوصلت الطلب أم لا، ولم تعطني أي حق من حقوقي، لا بل دفعت كلف الطلب على حسابي الخاص، وهذا ظلم كبير تعرضت له من الشركة ومن العميل أيضاً".
ولأن (م. ز) بلا حمايات اجتماعية، لم يحصل على تعويض عن اصابته أثناء عمله، وضاع حقه وأصبح بلا عمل يغطي مصاريفه وإلتزاماته واقساط سيارته التي كان يعمل عليها، ويؤكد أنه تلقى عددا من رسائل التهديد من الشاب الذي أصابه في يده.
ورغم تقديم السائقين الكثير من الشكاوى مما يتعرضون له من تهديد وسرقة إلى الجهات المعنية مثل الأمن وهيئة تنظيم النقل البريّ، فإنها بلا فائدة، ويكون الرد على ذلك أنهم سائقون تابعون لشركة طلبات.
وعلى ضوء ذلك، يقول (ع. ا) إنهم "قدموا شكوى بخصوص الأجور والرقابة إلى هيئة تنظيم النقل، "وعلى أثرها نفذنا إعتصاما لنرى الوجه الآخر لشركة طلبات، إذ عملت على تخدير الإعلام بزعمها تلبية جميع مطالب السائقين، وبعدها أنهت عقود كثير من السائقين، وفتحت باب التوظيف العشوائي وبأعداد هائلة، إستعداداً لأي اعتصامات مستقبلية".
بينما توضّح الناطقة باسم هيئة تنظيم النقل البريّ، عبلة وشاح لـ"المرصد العمّالي"، أن سائقي تطبيق طلبات يتبعون إلى هيئة تنظيم قطاع الإتصالات وليس إلى هيئة تنظيم النقل البريّ. في حين تبيّن هيئة تنظيم قطاع الإتصالات، أنها مسؤولة فقط عن منح رخصة مشغل البريد للسائقين.
من جانبه، يقول الخبير في قضايا العمل والعمّال، حمادة أبو نجمة، إن سائقي تطبيق طلبات يواجهون تحديا حقيقيا في الوصول إلى الشخص المعتدي.
ويوضّح أن عدم شمول السائقين في الحمايات الاجتماعية هي ثغرة، والضمان الاجتماعي يتعامل معهم على أساس الإشتراك الاختياري، "تقارب نسبة الإشتراك الاختياري 17 بالمئة من دخلهم، وهذه النسبة مرتفعة مقارنة مع الأجور التي يحصلون عليها ولا تشجعهم على الإشتراك.
ويرى أنه من المفترض أن يعالج الضمان الاجتماعي هذه الثغرة، من خلال وضع أسس تتناسب وعملهم، وخفض نسبة الاقتطاع من الأجر، "عند شمولهم في الضمان الاجتماعي، تُحل مشكلة تعرضهم لإصابات أثناء العمل وتغطي كلف العلاج وتعويض الإصابات".
ويشير إلى أن الشركة يجب أن توفر وسائل آمنة وبترتيب مع الجهات الأمنية؛ لحماية السائقين من أي إعتداء، "لتجنب تعرض السائقين لأي تهرب من الدفع، يفترض وجود شرط الدفع المسبق لحصول العملاء على الخدمة".
ويرى السائقون أن حل مشكلة الاعتداءات والسرقات يكمن بأن تعمل الشركة للعملاء الذين يدفعون من خلال الفيزا "باركود" عند العميل على هاتفه وعند وصول الكابتن يتم تصوير الباركود، على أن يكون موجودا أيضاً على تطبيق طلبات.
وفي وقت سابق، نفذ مئات السائقين العاملين على تطبيق "طلبات" بمركباتهم الخاصة، سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات، للمطالبة بحقوقهم العمّالية والوظيفية، كان آخرها في آب الماضي، احتجاجاً على تجاهل الشركة مطالبهم التي تقدموا بها سابقا.
وتتمثل أبرز المطالب برفع التسعيرة، وهي "فتحة العداد"، إلى ما لا يقل عن دينار ونصف الدينار بدلاً من التسعيرة الحالية البالغة دينارا وعشرة قروش، واستبدال نظام الشركة الخاص "مانهاتن" الذي يحتسب عدد الكيلومترات التي يقطعها السائق من المطعم إلى الزبون، بنظام الـ GPS كبقية التطبيقات الذكية.