انتخابات البرلمان الطلابي بطعم « المناسف»

أخبار البلد-

 
جرت قبل أيام انتخابات البرلمان الطلابي في المدارس، حيث يترشح الطالب عن فصله ومن ثم إفراز برلمان طلابي عن المدرسة ككل، وهذا ما حدث في كافة المدارس سواء الحكومية أو الخاصة، والهدف من هذه الانتخابات تدريب الطلاب على اختيار ممثليهم من أجل ممارسة الديمقراطية، وتعليمهم نهجا جديدا للبناء، وأيضا تهدف إلى صقل شخصية الطلاب وإعدادهم للمستقبل، بجيل أسس على الديمقراطية وممارسة الحرية في الانتخاب وكيفية طرح البرامج الانتخابية والحوارات والنقاشات التي تجري بين الطالب المترشح وأبناء فصله ، وهذه ممارسة حميدة لا شك بها وأهداف جيدة تخدم الاجيال القادمة والوطن في المستقبل .
ما حصل في انتخابات البرلمان الطلابي على أرض الواقع كان صدمة وخيبة أمل حقيقية، حيث انتشرت بين الطلاب مجموعات من المترشحين ، قامت بشراء الأصوات الطلابية مقابل دينار للصوت أو ألعاب ومغريات أخرى قد تصل لسدويشة وعلبة عصير وهي ما تعادل عند الكبار «طرد غذائي»، وكذلك تدخلات في عملية الانتخاب من قبل الطلاب وغيرهم ، ناهيكم عن قيام عدد من الطلاب انتشرت صورهم وفيديوهات لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي يقدمون « مناسف « لزملائهم بعد نجاحهم بالانتخابات الطلابية، وللأسف حدثت في ساحات المدارس أو حتى بجانب أسوارها، ومباركات في منازل الطلاب، لكنها حدثت وهذا المهم.
اطراف اخرى لم تعجبها النتائج بسبب خسارتها للانتخابات الطلابية، فنشبت مشاجرات وعراك بالأيادي وكذلك تم استخدام الحجارة في هذه المشاجرات بين الطلاب ، مع وعيد وتهديد بأفعال أخرى، ومشاهدات أخرى تمثلت بقيام عدد من الطلاب الخاسرين للانتخابات وزملائهم برمي الحجارة على مدرستهم ومن فيها من الطلاب والمعلمين، والسبب خسارتهم او خسارة قريب لهم بهذه الانتخابات المدرسية وهو ما أثار حفيظتهم، ومشاهد أخرى تمثلت بعقد حلقات الدبكة والسامر في باحات المدارس فرحا بالناجحين تخللها توزيع الحلوى وتحديدا «الكنافة» ومنهم من تم حمله على الأكتاف والسير به في الشوارع العامة تعبيرا عن الفرح بنجاح زميلهم.
هذه المشاهدات وغيرها ليست نتيجة سلوكيات طلابية فقط، بل هي تقليد أعمى لما يقوم به الكبار خلال الترشح للانتخابات بكافة أشكالها، تلك الانتخابات التي تفرز الأشخاص وليس البرامج ولا حتى الأهداف، المبنية على اساس جهوي ومناطقي، كل ما هنالك فقط انتخاب فلان لأنه ذو جاه ومال، أو فلان لأنه ذو حسب ونسب، وفشلنا في أن نكون قدوة لجيل سيأتي يوما ما يكونون به قادة الوطن وبناته، وبالتالي مثل هذه الممارسات تعطينا مؤشرا أننا مازلنا في المربع الأول ما قبل الإصلاح، وان لا تقدم منشود لاجيال قادمة.
عند كل هذه المؤشرات وجزء كبير لم اذكره ايضا، علينا العمل لإنقاذ أجيال قادمة من مثل هذه الممارسات التي أرهقت الوطن بأكمله على امتداد سنوات طويلة مضت، ولا بد من مناقشة الطلاب في مدارسهم، وتعزيز قدراتهم الشخصية وشحن طاقاتهم، وترسيخ المبادئ والقيم لديهم من اجل مصلحة الوطن ومصلحتهم في المستقبل، وان هذه الممارسات والسلوكيات ليست خيرا عليهم بل ستكون وبالا قادما لا محالة، وذلك من خلال اشراكهم في النقاشات وتكليفهم بادارتها وايضا العمل على بناء منهجية جديدة برؤى مختلفة قادرة على التأثير بعيدا عن القاء المحاضرات من طرف واحد.
بعد اقرار تعليم الطلاب مادة التوعية الاعلامية، فلابد من أن يكون للطلاب في المدارس حصة كبيرة في هذه التوعية، ولابد من إعداد برامج وخطط توعوية فاعلة وتعليم الطلاب الممارسة الحقيقية لخدمة وطنهم ومستقبلهم ، فإعداد قادة المستقبل يبدأ من إعدادهم في الصغر، مع ضرورة عقد مشاركات طلابية بين مختلف المدارس لتنوع الثقافات والبيئة المدرسية.
ما حدث في الانتخابات المدرسية يحتاج إلى مناقشتها وتقييمها، والبدء منذ الآن بوضع الخطط العملية لكي نرى نتائج جيدة في الأعوام القادمة، لا أن تبقى الأمور كما هي عليه الآن .