انفراجة مشروطة لمطربي المهرجانات بمصر مع النقيب الجديد

اخبار االبلد - ينتظر مطربو المهرجانات في مصر انفراجة مع انتخاب نقيب جديد للمهن الموسيقية خلفًا للمطرب هاني شاكر الذي خاض معارك عديدة معهم على مدار أكثر من سبع سنوات، وأصدر قراراً بمنعهم من مزاولة المهنة وحظر إقامة حفلات لهم، وباتت الساحة الموسيقية قابلة للتغيير مع المزيد من الحرية لمطربي المهرجانات.

وأعلنت نقابة المهن الموسيقية الثلاثاء فوز الفنان مصطفى كامل بمقعد نقيب الموسيقيين في الانتخابات التي أجريت عقب استقالة شاكر من منصبه إثر وقوع مناوشات بين مطرب المهرجانات حسن شاكوش وعازف الإيقاع سعيد الأرتيست في أثناء مؤتمر عقد للصلح بينهما كان يمهد لمنح شاكوش رخصة مزاولة مهنة الغناء.

احتفى عدد كبير من مطربي المهرجانات بفوز كامل، والذي يمثل أحد الألوان الشعبية الشهيرة وذاع صيته بمصر منذ عقدين، كمقدمة لمرحلة جديدة في العلاقة مع نقابة المهن الموسيقية التي استخدمت أساليب ملتوية لتعطيل انضمامهم إليها.

وينتظر هؤلاء تحديد آليات قبولهم في الفترة المقبلة، حال قرر النقيب الجديد طرح القضية للنقاش أمام مجلس النقابة، الذي تباينت مواقفه من قرارات هاني شاكر.

قال النقيب الجديد، والذي من المقرر أن يستمر في منصبه لمدة تقارب العام إلى حين إجراء انتخابات لمجلس النقابة، إنه سيستعين بأعضاء مجلس النقابة وشيوخ المهنة لوضع ضوابط عاجلة لمطربي الراب والمهرجانات للعمل في إطارها خلال الفترة المقبلة من خلال الحفلات والأفراح وطرح الأغاني الخاصة بهؤلاء.

ضوء أخضر لكن بشروط محددة 
وتعهد في تصريحات إعلامية بفتح المزيد من النقاش حول تحديد الإطار السليم الذي يعمل من خلاله مطربو المهرجانات، و”لن يقطع عيش شخص، وجميع القرارات ستكون صادرة بإجماع آراء مجلس النقابة، والفيصل بين المطربين والنقابة يتمثل في مدى قدرتهم على تخطي اختبارات الصوت تمهيداً لقبولهم دون الحاجة إلى الدورات التدريبية التي كانت تستخدم في السابق كوسيلة لعرقلة اعتراف النقابة بهم”.

واستخدم مصطفى كامل صيغة وسطية منح بها الأمل لعودة مطربي المهرجانات إلى الغناء في الحفلات، لكنه لم يفتح الباب أمامهم على مصراعيه، ما يشير إلى وجود محاذير في أذهان أعضاء مجلس النقابة وربما جهات حكومية تتعامل بتريث مع هذا اللون من الغناء الذي يشكل تهديداً حال توظيف الحالة التي يخلقها في أوساط الشباب من خلال المزيد من السلوكيات الخارجة عن التقاليد.

ولعب كامل على وتر دعم الألوان الغنائية القريبة من الفن الشعبي، وأن حضوره القوي يعتمد على دعم من أيدوه بكثافة وساندوه في الانتخابات الأخيرة، من دون أن يزج بنفسه في معارك مجانية، حيث يهدف إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية معينة لصعوبة حظر مطربي المهرجانات، ويضع مطربي الراب في نفس الدائرة بعد أن حظيت أغانيهم بانتشار واسع ولم يواجهوا بحملات مماثلة من النقيب السابق هاني شاكر.

وأوضح الناقد الفني طارق الشناوي أن مصطفى كامل استخدم مصطلح "ضوابط”، لتحديد علاقته مع مطربي المهرجانات، وهي كلمة مطاطة لا تصل إلى حد المنع الذي أصر عليه هاني شاكر، وهناك فرق كبير بين توجهات كليهما، ما يجعل الآمال معلقة على انفراجة موسيقية بعد سبع سنوات من التخبط والتقييد، مع إجراءات أكثر حسما في استخدام كلمات الأغاني الخارجة أو تلك التي تحتوي على سب أو قذف.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن كامل لن يسير على نفس طريق سلفه الذي استنفد طاقاته في معارك لا طائل منها، أوقعته في تناقضات بعد أن سمح لحسن شاكوش بالحصول على رخصة غناء مع إصراره على رفض آخرين، وفي بعض الأحيان اتخذ قرارات حظيت بقدر كبير من السخرية عندما أعلن عن تغيير أسماء المطربين.

وأشار الشناوي إلى أن النقيب الجديد لديه علاقات قوية بمطربين شعبيين ومؤدي المهرجانات، ويعمل على كسبهم إلى صفه وإن كان مقيداً بآراء أخرى تعارضهم، ومرجح أن يسود التوازن في التعامل معهم بلا تدخل في مدى جودة الكلمات وركاكتها، ويمكن أن يخلق أجواء ملائمة للجميع من دون الخروج عن الذوق العام.

يتوقع البعض من النقاد استمرار أزمة مطربي المهرجانات، حيث يصعب حلها سريعًا، لأن البعض من المطربين قد لا يتخطون اختبارات القبول، كما أن ضوابط الكلمات غير معروفة، والرقابة في هذه الحالة ستكون سائدة، ما يُدخلهم في دوائر أخرى من الأزمات، فمؤلفو الأغنيات يستخدمون مصطلحات رائجة بين قطاعات شعبية، وتتعامل معها جهات رقابية على أنها خادشة للحياء.

كما أن بعض الكلمات بالفعل لا تكون صالحة لتداولها أمام الرأي العام، ومع كل أغنية قد يتجدد الجدل حول ما إذا كانت تتماشى مع الضوابط الموضوعة من عدمه.

أزمة مطربي المهرجانات قد تستمر
ويمكن النظر إلى حالة التفاؤل التي تسود عددا من مطربي المهرجانات كون منافس مصطفى كامل الرئيسي في الانتخابات كان الموسيقار مصطفى حلمي، وخاض مع هاني شاكر معارك شرسة لتحجيم انتشار هذا النوع من الفن، وكان يرى في شاكر أبا روحيا له، وسعى دوما للسير على نهجه.

ويواجه مطربو المهرجانات أزمة تتعلق بكون النقاد الموسيقيين في مصر لدى عدد كبير منهم نظرة سلبية تجاه هذا اللون من الفن، وأن قدرتهم على اختراق النقابة وتشكيل كتلة قوية داعمة لهم ليس بالأمر السهل، ووجود نقيب يدعم حضورهم على الساحة، وإن كان ذلك مصحوبا باشتراطات، يعد أفضل من لا شيء، مع إمكانية دخول عدد منهم كأعضاء إلى الجمعية العمومية للنقابة في الفترة المقبلة.

وذكر الناقد الموسيقي إيهاب صبري أن لجان التقييم عليها دور مهم في تحديد المطربين الذين يملكون قدرات على توصيل الرسالة الغنائية من عدمه، والتي تتمثل في تمتعهم بالحد الأدنى من القدرة على الغناء، وما إذا كان الصوت البشري يملك من الإمكانيات ما يساعده على توصيل باقي عناصر المنظومة الغنائية إلى الجمهور التي تتضمن أيضا الألحان والكلمات، أو لا.

وشدد في تصريح لـ"العرب" على ضرورة وضع ضوابط ومعايير لانضمام المطربين إلى النقابة من الموسيقيين، على ألا تكون صعبة للغاية، ومن المهم أن تتوافر عند المطرب ملكة الغناء والقدرة على توصيل صوته بأريحية، وبعد اجتياز الاختبار تقوم لجان فنية بالنقابة على تقويتهم وتعريفهم بأصول الغناء، ويتطلب الأمر بالتوازي مع ذلك جهوداً من المطربين أنفسهم للتثقيف والتدريب والمزيد من التعلم، وهي عملية معتادة في الهيئات والكليات الإبداعية التي تتطلب إجراءات اختبارات للقبول بها.

وتتعلق الضوابط التي تحدث عنها نقيب الموسيقيين بالكلمات التي تلهم الملحن في تشكيل ألحانه، وتؤثر في أذان المستمعين بشكل مباشر وتناجي شجونهم، وتسهم الضوابط في تعريف المطربين بأن لهم دورا اجتماعيا لا بد من مراعاته، وقد أثبت الواقع أن غياب أدوار الجهات الرقابية يقود إلى فوضى في كلمات الأغاني، وهناك حاجة إلى استعادة هذا الدور المهني، مع إتاحة الفرصة أمامهم للتواجد على الساحة.