شغب الملاعب ، ما الحل؟

اخبار البلد-

 

الرياضة بأشكالها ، تنقل الثقافات بين الدول رغم تشابهها، وغالبيتها تطبق عليها نفس القوانين الدولية التي تصدر عن تلك المؤسسات الرياضية العالمية، ولهذه الرياضات مشجعون على المستوى المحلي أو العالمي، وعلى سبيل المثال نجد أن عشاق ومشجعي الدوريات الأوروبية في الأردن بأعداد كبيرة، ويعلمون أدق التفاصيل عن تلك الأندية.

تعد الدوريات الأوروبية مصدرا للدخل السياحي في تلك الدول، فكثير من مشجعي ريال مدريد على سبيل المثال أو برشلونة يقومون بزيارة تلك الدول ومدنها وملاعبها، ويتجولون بها وينفقون أموالا طائلة بشراء التذكاريات التي تباع في تلك الملاعب الخاصة بكل ناد، التي تعتبر (أي تلك الملاعب) مكانا ووجهة سياحية لمختلف محبي تلك الأندية حول العالم، ويحظى لاعبو تلك الأندية باحترام وتقدير عالميين، ولا ننسى تلك الإجراءات الحازمة في هذه الملاعب مع أي تجاوزات قد تحدث.

الملاعب الأوروبية تعتبر مصدر دخل كبير من الناحية المادية، تعتمد عليها الأندية في إيراداتها لشراء وإجراء التعاقدات مع اللاعبين، وتجد الشركات تتسابق لعقد اتفاقيات تجارية من خلال رعايتها للأندية وتدفع الملايين من الدولارات سنويا، السبب في ذلك شهرة النادي وعدد الجماهير التي تدخل الملاعب بعشرات الآلاف أسبوعيا، وهي عملية تسويق جيدة.

في الأردن الرياضة ليست بخير، فلا يوجد ناد رياضي قادر على تغطية نفقاته المالية دون قروض أو رهونات أو تبرعات، السبب يكمن في أن المجموعات التي تدخل الملاعب ورغم علو صوتها إلا أنها فئة قليلة العدد مقارنة مع الرياضات في باقي دول العالم وإجمالي سكان المملكة، ولا أريد الخوض في بعض التفاصيل وسأكتفي بالحديث عما يجري في المدرجات، حيث تخرج ألفاظ بذيئة يندى لها الجبين وإساءات لكل الأطراف، حيث تطور التشجيع في الأردن بشتم النادي الذي يلعب أو لا يلعب، خصوصا ونحن نلاحظ عزوف شبه تام للعائلات الأردنية عن حضور المباريات من على المدرجات، حتى لا تسمع تلك الألفاظ والشتائم التي تطول الأعراض وغيرها.

اذكر أنه في سنوات سابقة تم شراء كاميرات لمراقبة المدرجات ونشرها في الملاعب، تمتاز بالقدرة في الوصول بكل دقة لأي مشجع على المدرجات وتصويره بشكل جيد في حال صدور أية ألفاظ أو تجاوزات تصدر عنه، وأبدينا الترحيب بهذه الخطوة لضبط ما يحدث من تجاوزات على تلك المدرجات، لكن للأسف لا نعلم أين ذهبت تلك الكاميرات واين أصبح مصيرها، واذكر أنها جاءت على زمن المجلس الأعلى للشباب سابقا.

حضور الجماهير يعطي لكرة القدم متعتها، فهم كما يقال فاكهة الملاعب التي تنشر الحماس بين اللاعبين ويصنعون الإثارة الجميلة، لكن ما نراه أردنيا أن تحولت إلى أدوات شحن وبغضاء وتناحر تؤثر على المجتمع الأردني برمته، وتؤثر كذلك سلبا على الوطن الذي ينتمي الجميع له، لذلك لا بد من البحث عن تلك الكاميرات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم وجود أية تجاوزات، ومحاسبة كل من يتجاوز بالقانون ومنعه من دخول الملاعب لشهور أو أكثر، إما أن يتم ترك الجماهير على ما هو عليه الآن ، فنحن أمام حالة من الفوضى السيئة.

لا بد من إعادة النظر بأمن الملاعب والإجراءات المتخذة بداخلها ومحيطها، وتغليظ العقوبات ومتابعة تلك الإساءات ومصادرها، وتجريم مقترفيها قانونيا ووضع عقوبات تشمل السجن والغرامات، ومراقبة الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وما يصدر عنها وتطبيق القانون على أصحابها، فالوطن وسلامته وسلامة مجتمعه والمحافظة على النسيج الاجتماعي أكبر بكثير من كل تلك الاساءات ومطلقيها، وهذا لا يعني التعميم، فهنالك أيضا جماهير تعشق الرياضة وتشجع نواديها بكل احترام، لكن تلك الفئة السيئة صوتها عال وعددها أكثر، وكلما أساء أحدهم شعر بأنه انتصر في معركة وحقق مكسبا لنادية.

اذكر في إحدى السنوات وإنا بمعية أبنائي تم الاعتداء على مركبتي في الشارع العام من قبل مشجعي أحد الأندية فقط لان ناديهم قد خسر، وتابعوا أصحاب المحالّ والمركبات القريبة من ملاعبنا واسمعوا منهم عن عدد الاعتداءات التي تعرضوا لها، ستعلمون حينها أن ما يحدث في الأردن ليست رياضة وان الروح الرياضية قد غادرت الشارع الأردني بلا عودة.

نتطلع إلى ميثاق شرف بين الأندية وكذلك خطوة إجرائية من اتحاد كرة القدم بعيدا عن قصة حرمان الجماهير فالعقاب الجماعي ليس الحل.