استئجار الصحافيين

يعتقد وزير في الحكومة, مثل غيره من الوزراء, بإمكانية تشكيل لجنة إعلامية, مكوّنة من صحافيين عاملين في الصحف اليومية والتلفزيون, للقيام بترويج نشاطات وزارته لقاء "مكافأة مالية".

حكومات تأتي وأخرى ترحل, والنهج المتبع في "تدجين" الإعلام لا تتم مراجعته, إذ لا يجوز أن يقوم الصحافي بدوره الرقابي وهو يتلقى, في الوقت نفسه, مكافأة من إحدى مؤسسات الدولة نظير تسويق أخبارها.

التعامل مع أخبار الحكومة ووزاراتها, في الصحف والإعلام, لا يتطلب تشكيل لجان إعلامية, إنما تُنشر وفق أهميتها ومضمونها, على أسس مهنية, لا من باب الترويج, وإظهار محاسن الدولة ومسؤوليها. 

الحديث عن "فصل" الإعلام عن السلطة التنفيذية ليس ترفاً, فأن يخاطب وزير الثقافة رؤساء الأقسام الثقافية في الصحف للانضمام إلى لجنة إعلامية تنوي الوزارة تشكيلها, لا يختلف كثيراً عن سياسة تعيين الصحافيين كمستشارين لعدد من المسؤولين, من أجل الاستمرار ب¯"التلميع", أو لإسكاتهم أحياناً أخرى.

وأن تجري هذه المخاطبات لتشكيل تلك اللجنة, من دون توضيح مهام أو أهداف هذه اللجنة مسبقاً, هو استمرار في هدر المال العام مغلفاً بشعارات رنانة تتحدث عن خبرات الإعلام ودوره الأساسي في الإنجاز.

المعادلة الثقافية والوطنية والمهنية, التي يجب أن تكون حاضرة لدى جميع وزراء الحكومة أن هذه الخبرات يجب أن تُوظف في رقابة الدولة وتقييم أداء مسؤوليها, لا أن تخضع لبرنامج دائم في التدجين.

وهل تصبح خبرات الصحافيين مهمة لو أنهم غادروا عملهم في وسائل الإعلام, واتجهوا إلى مجالات أخرى? هذا هو السؤال الحرج, الذي يتجاهل هؤلاء المسؤولون طرحه.

اللجان الإعلامية تتطلب, كذلك, تطوير الكفاءات العاملة في الوزارات عبر إيجاد وحدة علاقات عامة جيدة ومفعّلة, بدلاً من أداء متواضع لموظفي هذه الوحدات غالباً, وبذلك يقوم كل من الصحافي والمؤسسة, التي يغطي أخبارها, بدوره الحقيقي.

لسنا "خبراء" بالقطعة لدى أجهزة الدولة, إنما صحافيون نؤدي دوراً رقابياً فقط.