الحكومة وعناصر النجاح الحرجة

‏ يعتبر العمل في القطاع الحكومي من أكثر الأهداف التي يرغب الباحث عن عمل ‏تحقيقها، وذلك لما توفره الوظيفة الحكومية للموظف، من أمن واستقرار وظيفي، ‏ودخل جيد وتأمين صحي، وضمان دخل تقاعدي في نهاية الخدمة، وعلى الرغم من ‏توجه كثير من شركات القطاع الخاص، لتوفير مثل هذه الامتيازات لموظفيها، إلا أن ‏مستوى الثقة بالقطاع الخاص لا زالت على المحك، وخصوصا فيما يتعلق بالأمن ‏الوظيفي.‏
‏ والحقيقة المؤكدة أن القطاع الحكومي غير قادر على استيعاب كل طلبات ‏التوظيف المقدمة له ولن يكون بمقدور الحكومة أن تؤمن لكل مواطن وظيفة في جسم ‏الجهاز الحكومي الذي يفيض بمن فيه، وفي نفس الوقت تتحمل الحكومة المسؤولية، ‏فقصورها وعدم قدرتها على التعامل مع هذا الحق الشعبي سبب في تفاقم المشكلة ‏الاقتصادية التي تعصف بنا وتوفر بيئة خصبة للاحتجاجات الشعبية.‏
‏ فلا مشاريع حكومية داعمة ومشجعة لإقامة المشاريع الفردية الصغيرة التي ‏تساهم في تعزيز بنية الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع المعتقدات الدينية، فتجدها إذا ‏استهمت لعمل مشروع رائد في هذا المجال، قالت إنها تمنح التمويل بفوائد بسيطة ‏جدا، وتتجاهل إن مبدأ الفائدة مرفوض، ولا يقدم على مثل هذه المشاريع إلا من لا ‏يحل حلالا ولا يحرم حراما، وتكون النتيجة خسائر وديون متعثرة. ‏
‏ ثم إن قوانين العمل الناظمة للعمل الخاص لا زالت متأخرة عن الركب، فكيف ‏تريد تشجيع العمل في القطاع الخاص والأجر المعلن في حدوده الدنيا مئة وخمسون ‏دينارا، ويضاف له ضمان اجتماعي إلزامي يتحمل العامل تغطية مبلغ اقتطاعه، ‏وبدون أي التزام تجاه العامل بالرعاية الصحية التي لا زال الحلم بان تكون في ‏المستشفيات الحكومية مجانية للجميع، لما ستحققه من ميزة اقتصادية ضمنية مشجعة ‏للانخراط في الأعمال الخاصة، تفوق تلك الإيرادات المحاسبية التي تحققها وزارة ‏الصحة، وعند تعذر ذلك فما المانع من شمول موظفي القطاع الخاص بالتأمين ‏الصحي الحكومي، واستيفاء قسط التامين عن طريق مؤسسة الضمان الاجتماعي ‏بالاتفاق مع الشركات الخاصة.‏
‏ ثم إن الحكومة غير قادرة حتى هذه اللحظة من استقطاب استثمارات في المناطق ‏التي صنفتها جيوب فقر، لكي تقدم أي نوع من الخدمة الاجتماعية لهذه المناطق، ولا ‏زالت الحكومة تتطلع إلى استثمارات أمريكية و أوروبية في المجالات الصناعية ‏والخدمية، ولا تبذل الجهد المطلوب في استقطاب الاستثمارات العربية التي تطوف ‏في كل أرجاء الدنيا تبحث عن فرص استثمارية مناسبة، فلماذا لا يكون هناك إعادة ‏تقييم للرؤية الاستثمارية الأردنية للاستفادة من الإمكانيات المالية العربية، فالمغريات ‏التي تقدم للأجنبي من الممكن أن تقدم للعربي، وهذه المغريات الاستثمارية أيضا ‏لماذا لا تقدم لصاحب رأس المال الأردني، الذي يتوفر عنده رأس المال الكافي لإقامة ‏مشروع في الأردن، فالأموال المكنوزة في البنوك داخل الأردن وخارجه إذا ‏استطاعت الحكومة أن تعمل برامج تشجيعية لها ستخرج، وتجر هذه الأموال أموال ‏تعود على الوطن والمواطن بالفائدة.‏
‏ فالدعوة التي كانت مفتوحة للأجنبي طويلا، يجب أن تفتح للاستثمار العربي ‏والوطني أيضا، وبتشجيع اكبر لرأس المال الوطني في مشاريع وطنية إستراتيجية، ‏وبدعم الحكومة الجاد ستكون النتائج ايجابية أكثر بكثير.‏


kayedrkibat@gmail.com