كل هذه «الهِستيريا» الأميركية: «أُوبك+» تحتَ القصف!

أخبار البلد-

 
لم يتوقّف سيل التهديد والوعيد الذي أطلقته الولايات المتحدة, بدءاً بالييت الأبيض مروراً بوزارة الخارجية وليس انتهاء بالسلطة التشريعية/الكونغرس بمجلسيه. ناهيك عما حفِلت به وسائل الإعلام الأميركية من تحريض وتشويه وشيطنة لدول أُوبك+ وقادتها. بعد قرار المنظمة تخفيض إنتاجها اليومي مليوني برميل. وهو ما رفضته واشنطن مُعتبِرة القرار في قراءة مُغرضة ومُسيّسة «انحيازاً من المنظمة لروسيا». في تكريس واضح وفجّ لنهج الأنانية ومزاعم «الاستثنائية الأميركية» التي «يجب» ان تحظى بها مصالح الولايات المتحدة دون غيرها. كونها قائدة العالم وكاتبة جدول أعماله تحت طائلة الغزو والاجتياح وفرض العقوبات والعزلة, وخصوصاً تشويه وشيطنة كل دولة أو حاكم أو مسؤول يتجرّأ على اتخاذ قرار حتى لو كان سيادياً ومتماشياً مع القانون الدولي ما دام لا يحظى بموافقة واشنطن.

وإذ ما يزال الارتباك يفرض نفسه على إدارة بايدن رغم مرور أربعة أيام على قرار أوبك+، ولم تتّضح بعد «التدابير» الجوابية التي ستلجأ اليها واشنطن, على ما كان هدّد رئيس الدبلوماسية الأميركية/بلينكن. خاصّة بعدما وصف الرئيس بايدن قرار اوبك + بأنه مخيّب للآمال وقصير النظر، لافتة ناطقة البيت الأبيض الى أنه «عازم على مشاورة الكونغرس حول تبنّي إجراءات ضد أوبك +, ومنها خصوصاً إعادة تفعيل القرار المسمّى «نوبك/» Nopec» الذي يسمح لوزارة العدل برفع دعاوى ضد أعضاء منظّمة الدول المصدّرة للنفط «أوبك+» وملاحقتهم بتهمة «انتهاك» مكافحة الاحتكار.

تتواصل تهديدات واقتراحات يطرحها اعضاء بارزون في الكونغرس, والتي تذهب في معظمها باتجاه التلويح بتعريض أمن بعض دول أوبك/البارزة واستقرارها الى الخطر, بل اقترح بعضهم القيام وعلى الفور بسحب قوات أميركية من تلك الدول وعدم تزويدها بقطع الغيار لطائراتها الحربية وخفض «حاد» في مبيعات الأسلحة معها. ما يؤشر من جملة أمور أخرى الى حجم «الضربة السياسية الكبيرة التي تم توجيهها للرئيس الأميركي شخصياً من قبل منظمة أوبك +, وهو الذي كان قام بجولات مكوكية من اجل زيادة الإنتاج لمجابهة روسيا", على ما قالت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية في معرض تحليلها لقرار المنظمة القاضي بتخفيض الإنتاج اليومي مليوني برميل.

كان لافتاً بل مثيراً ما جاء في البيانات الأميركية العديدة التي صدرتْ, والزاعِمة «حِرص» واشنطن على «الدول الفقيرة» التي ستتضرّر من قرار كهذا, ما سيُؤدي الى ارتفاع اكلاف الوقود، في الوقت ذاته الذي لم تُوفر فيه واشنطن أي فرصة من أجل «الانفراد» بحلفائها في أوروبا, ليس فقط عبر ما قيل عن دور أميركي في تفجير خطّيّ «نورد ستريم» في بحر البلطيق, بل خصوصاً في الارتفاع الحاد «جدّاً» لأسعار الغاز الأميركي المُسال الذي يتم توريده الى أوروبا. ما دفع الرئيس الفرنسي/ماكرون الى الإعلان بوضوح وفي انتقاد لاذع لواشنطن في معرض حديثه عن أزمة الطاقة مخاطباً الأميركيين أول أمس/الجمعة: أقول لأصدقائنا الأميركيين «والنرويجيّين» بروح الصداقة: أنتم رائعون تُزودوننا بالغاز, لكن ــ أضاف ماكرون ــ لا يمكن أن ندفع «4» أضعاف سعره لكم, هذا أمر لا يُمكن ان يستمر طويلاً فليس هذا ما تعنيه صداقتنا» خَتَمَ. وكان سَبقَه في الإنتقاد أيضا وزير الاقتصاد الألماني/هابيك الذي استنكر طلب دول «صديقة» في مقدمتها الولايات المتحدة من ألمانيا أسعاراً «خيالية»، لتوريد الغاز من أجل تعويض وقف الشحنات الروسية.

يبرز هنا بوضوح حجم النفاق والابتزاز الأميركيْين. إذ ما استعدنا نحن أبناء المنطقة العربية كيف كانت واشنطن/وأوروبا أيضاً تشتري نفط المنطقة بسعر التراب, وكيف جنّ جنونها بعد قرار حظر النفط خلال حرب أوكتوبر/1973. وكيف هرّول الأوروبيون الى دول المنطقة كما الولايات المتحدة, التي لم تتوقّف عن التلويح باستخدام القوة لكسر حظر النفط, ودعوتها الى عدم «تسييس» الطاقة, حيث يتّهم فيه المعسكر الغربي كله، روسيا بالتهمة ذاتها الآن.

من السابق لأوانه التكهّن بطبيعة القرارات/ردود الفعل الأميركية على قرار منظمة أوبك + تخفيض الإنتاج بمليوني برميل يوميَاً. إلاّ ان رائحة الارتباك والتردّد تفوح من بين ثنايا تصريح وزير الخارجية بلينكن الذي قال فيه:».... إننا ندرس عدداً من الردود المُحتملة بالتشاور مع الكونغرس.. ونحن حتماً – أضاف – لن نفعل أي شيء يتعارَض مع مصالحنا».