أخبار البلد ــ بإرادة لا تلين وعزيمة لا تفتر وأيمان لا يتزعزع وبحكمة مشهودة وحنكة معهودة وإنسانية مثلى وبضمير يشع نورانية وطباع تقطر ايثارا وقناعة يملئها التواضع وتحيطها الرأفة المسيجة بمسئولية وامانة تتفرد بالقدرة والانجاز وتحتكر حصريا التطوير والابداع كلمتها الرقيقة كالبلسم الشافي ويدها الحانية كالدواء المعافي وهي تلامس اوجاع المرضى عطفا ولطفا ولسانها يلهج لهم بالدعاء لتشد عضدهم بعباراتها الصادقة التي حفرت في الذكرة واستقرت في الوجدان ( لا تيأسوا من روح الله فهو الذي احيا العظام وهي رميم قادر بحوله وقوته على ان يشفيكم ويذهب البأس عنكم )

ذلك نذر يسير من كلمات وعبارات جادت بها السليقة والقريحة تقديرا وتناءا مستحقين عن جدارة واهلية لصاحبة السمو ( الاميرة غيداء طلال ) رئيسة هيئة أمناء مؤسسة ومركز الحسين للسرطان والتي ربما لا توفيها بعضا من حقها في اعناقنا ونحن نرقب ونتابع بفخر واعتزاز مسيرة عملها الزاخرة بالنجاحات والابداعات وهي تقود ركب هذا الصرح الطبي الشامخ والمتميز محليا وإقليميا ودوليا برفقة ثلة مختصة من أمهر وأكفأ الطواقم الطبية والفنية والإدارية التي تغرس بانسانيتها وخبرتها في نفوس المرضى المتعبين كل الآمال الزاهية بالشفاء وعودتهم الى حياتهم الطبيعية

بالتزامن مع المشاركة العربية والدولية باعتبار شهر تشرين أول من كل عام شهرا عالميا للتوعية من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي حيث تحتفل المنظمات والجمعيات الخيرية المعنية بسرطان الثدي في جميع أنحاء العالم للتعريف بأهمية الكشف المبكر في تعزيز حظوظ الشفاء في عام 2016 انطلق التعاون المشترك في تنفيذ حملات التوعوية على مستوى الوطن العربي واليوم تشارك الأردن تسعة دول هي فلسطين والجزائر ومصر والعراق والإمارات العربية والسودان وليبيا والسعودية ولبنان بتنفيذ الحملة الثانية عشر محليا والسابعة عربيا في بداية شهر تشرين أول من كل عام

بعض استطلاعات الراي والعديد من اراء المختصبن حول الحملات السابقة أكدت على حقيقة مفادها أن سرطان الثدي ليس قضية المرأة وحدها فقط وإنما هي قضية المجتمع بأكمله لأنه يتأثر كاملاً في حال إصابتها وعلية ونظرا للخطورة الكبيرة يجب العمل على بناء استراتيجية وطنية شاملة لرفع مستوى الوعي المجتمعي لحماية ( أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا ) من شر هذا المرض اللعين وضرورة تغير الصورة النمطية السائدة حوله واعتماد الأمل والإيمان أساساً للشفاء منه خاصة وان هناك أكثر من 800 امرأة تصاب سنويا بسرطان الثدي أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء في الأردن

يوم الأربعاء الماضي 5 / 10 / 2022 اطلقت سمو الاميرة غيداء حملة وطنية ضمن فعاليات الحملة العربية السابعة للتوعية حول سرطان الثدي لهذا العام تحت شعار ( صورة للحياة ... افحصي ) تهدف إلى نشر الوعي عن سرطان الثدي وحض وتشجيع السيدات على إجراء الفحوصات الطبية الدورية والمنتظمة للكشف المبكر عن وجود سرطان بالإضافة الى محاولة التغلب على المخاوف والمعيقات التي تمنعهن من القيام بذلك مع التأكيد على انه كلما تم اكتشاف المرض مبكراً زادت فرص النجاة وتجنبنا العلاج القاسي والكلفة الباهظة

البرنامج الاردني لسرطان الثدي تأسس عام 2007 وهو يعمل بدعم وقيادة مؤسسة ومركز الحسين للسرطان ووزارة الصحة ضمن مبادرة وطنية شاملة تهدف الى رفع مستوى الخدمات والتّقنيات المقدمة للمرضى والارتقاء بمستوى الوعي لدى المجتمعات بأهميّة اجراء الفحوصات وتقديم خدمات الكشف المبكر عن سرطان الثدي لجميع النساء في مختلف أماكن المملكة

لقد تمكن القائمون على هذا البرنامج من تحقيق نجاحات كبيرة على ارض الواقع اسهمت في زيادة نسبة الوعي لدى كثير من الاناث بأهمية اجراء الفحوصات الطبية اللازمة بشكل دوري لضمان سلامتهن وعدم اصابتهن بالمرض والانتقال من تشخيص المرض في مراحله المتأخرة الى تشخيصه في مراحل مبكرة والتي تساعد على الشفاء بنسبة عالية وتخفض معدل الوفيات الناتجة عن سرطان الثدي

كما استطاعوا من خلال حملات التوعوية المتواصلة وعبر عقد المحاضرات الثقيفية ووضع أكشاك التوعوية في المولات وإقامة أيام حوار مفتوحة في مختلف محافظات المملكة وتقديم عرض مسرحي بقالب كوميدي هادف لإيصال رسالة بأن الكشف المبكر ينقذ الحياة بالإضافة إلى تنظيم الإعلانات المكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي والمرئي والمسموع والمطبوعات بأنواعها وكذلك التنسيق المسبق مع الجهات الطبية لتقديم فحوصات مجانية للسيدات الأقل حظاً وعمل تخفيضات على تكلفة فحص الماموجرام خلال ايام الحملة في شهري تشرين اول وتشرين ثاني

من اكبر العقبات واكثر التحديات التي لا زالت تواجه الأطباء والمشرفين على تنظيم الحملات التوعوية الضغط الكبير على مشافي وزارة الصحة التي تعد أكبر مزود لخدمة صور الماموجرام بالإضافة الى وجود ضعف وتردد كبيرين في اقبال النساء على اجراء الفحوصات الطبية اللازمة للكشف المبكر عن سرطان الثدي حيث كانت معظم الحالات التي تراجع مركز الحسين للسرطان قبل اطلاق البرامج التثقيفية تتعلق بمصابات بسرطان الثدي بمراحل متقدمة مما يجعل عملية العلاج كناخرة وصعبة

هذه المقالة بمثابة رسالة ودعوة مباشرة لكل سيدة وصلت سن الأربعين او دونه او فوقه لان تتغلب بالأمل والإرادة والقوة والإيمان على الخوف النفسي من الفحص ونتائجه وأن تتوجه عاجلا للكشف المبكر حفاظا على سلامتها فالأمر جد خطير ( لا تستني الأعراض افحصي ) فالمرض لا يرحم واغلبه يأتي فجأة

بادري عاجلا الى اخذ صورة ( الماموجرام ) للثدي التي تعد طريقة الفحص الاكثر فعالية وأمان للكشف المبكر عن سرطان الثدي في مراحله الأولى وقبل الشعور بالأعراض وهي نوع من صور الأشعة السينية إلى جانب عمل الفحوصات المساعدة كالفحص الذاتي الشهري وإجراء الفحص السريري السنوي ولو لمرة واحدة عند الطبيب بهدف اكتشاف المرض مبكراً وللعلم إن نسب الشفاء من سرطان الثدي المشخص في المرحلتين الأولى والثاني تصل الى %95 وأن الأردن اصبح يضاهي الدول المتقدمة في نسب الشفاء من سرطان الثدي

وحدة الكشف المبكر في مركز الحسين للسرطان توفر حزمة متكاملة من الفحوصات للكشف عن العديد من أنواع السرطانات للرجال والنساء مثل الكشف المبكر عن سرطان الثدي والقولون وغير ذلك كما انها ترعى الجانب النفسي بطريقة علمية وعملية حيث تضع بين ايديكم مشاعر الامل ومعالم التفاؤل وتقدم لكم النصائح والمعلومات الشاملة حول طرق الوقاية من السرطان ولهذا فأننا ننصح الاخوة والاخوات الى الاسراع بحجز موعد للفحص مرة واحدة حتى لوكنتم تتمتعون بصحة جيدة في الظاهر

هنالك أكثر من 90 وحدة لتصوير الثدي موزعة بين القطاع العام كوزارة الصحة ومركز الحسين والخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية وغالبية المستشفيات الخاصة وصورة ( الماموجرام ) مجانية لكل سيدة مؤمنة وفي القطاع الخاص يوجد عدة تأمينات تشمل هذه الصورة وهناك أيضا أسعار مخفضة تقدم من قبل المراكز الخاصة خلال فترة الحملة وأيضا خدمة الكشف السريري مجانية خلال الحملة في كافة محافظات المملكة وقد انضمت مؤخرا مجموعة من المستشفيات والأطباء من القطاع الخاص لتوفير فحوصات الماموجرام بأسعار مخفضة ومقبولة

المتابع يلاحظ ان مشاركة العديد من الوزارات والمؤسسات والقطاعات الرسمية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني والبنوك والمدارس والجامعات في هذه الحملات تأتي في إطار مساعيها لإدامة التفاعل مع المجتمع المحلي وكجزء اصيل من مسؤوليتها المجتمعية ومن منطلق حرصها على تنظيم الدعم المستمر بمختلف اشكاله لمساعدة مركز الحسين للسرطان في مكافحة المرض وتوفير الرعاية الطبية المتقدمة للمرضى من خلال برامجه ونشاطاته المتعددة حيث تعتبر هذه الحملات من أهم الفعاليات الصحية على المستوى الوطني والإقليمي وأكثرها وصولاً لمختلف شرائح المجتمع الأردني في كافة المحافظات

حملات التوعية المختلفة من سرطان الثدي التي يطلقها مركز الحسين للسرطان في كل عام تهدف في الأساس الى تغيير ثقافة الناس بمفهوم سرطان الثدي بأنه مرض قاتل فهذا المفهوم خاطئ ويمكن اليوم التغلب عليه بالكشف والعلاج المبكر والدعم النفسي واتباع نمط غذائي وصحي عالي الجودة وممارسة الرياضة كالمشي والجري والألعاب الموجهة مع التركيز على أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي وان فعاليات هذه الحملات لا تقتصر على شهر تشرين أول فقط وأن العمل في هذا المضمار مستمر طيلة العام من خلال برنامج الأردن لسرطان الثدي الذي يقوم بتدريب عشرات الآلاف من المتطوعات الّاتي يتكفلن بالذهاب إلى المنازل في مختلف مناطق المملكة للتوعية من خطر الإصابة بسرطان الثدي

الاهداف الانسانية في هذه الحملات كبيرة واملها الاسمى ان تصل الى كل بيت والى كل امرأة في المحافظات وفي القرى والبوادي والمخيمات وكذلك الى كل رجل كي يشجع زوجته او اخته او ابنته لأجراء الفحوصات التي ستسهم بإنقاذ حياة نساء كثيرات اكتشفن اصابتهن بالمرض في مراحله الاولى وتمكن من التغلب عليه والعودة من جديد لحياتهن الطبيعية بعد ان مررن بهذه التجربة القاسية وادركن ان الفحص المبكر يعني الكثير لهن ولنسب شفائهن من سرطان الثدي

إحصائيات السجل الوطني للسرطان التابع لوزارة الصحة تبين أن نسبة الوفاة بسرطان الثدي بين السيدات المصابات سنويا تتراوح بين 10% إلى 12% من إجمالي الإصابات الجديدة المسجلة في كل عام وتصل نسبة الوفاة بين جميع النساء المصابات في شتى الأعوام إلى 24% ولم تنخفض تلك النسب منذ عام 2008 وحتى 2016 وهو آخر عام توافرت فيه الإحصائيات بهذا الخصوص حيث أن تحليل البيانات يتطلب وقت طويل ولهذا يتأخر إعلانها وقد بلغ عدد الحالات المصابة بسرطان الثدي 1174 حالة في عام 2014 بينما كانت 1145 حالة في 2015 وقد ارتفعت إلى 1263 حالة عام 2016 ويشخص سنوياً 1000 إلى 1200 سيدة مصابة بهذا المرض

الحقيقة انه على الرغم من أهمية تكوين الوعي المجتمعي بأهمية الفحص المبكر لمحاربة المرض الا ان الأمر يحتاج إلى تهيئة البيئة المناسبة التي تساعد السيدات على ترجمة وعيهن ورغباتهن إلى أفعال خاصة وأن 60% من الأردنيات أصبح لديهن الوعي الكافي بأهمية إجراء الفحص المبكر لكنهن لا يقمن بالفحص لأسباب ودواعي مختلفة

في استطلاع غير قياسي اجري مؤخرا شمل 100 سيدة كانت إجابة 76 سيدة من اللواتي شملتهنّ العينة بأنهن لم يجرين أي فحص شعاعي للثدي سواء ( ألتراساوند أو ماموغرام) بينما بلغ عدد من أجرينه 24 سيدة فقط 15 منهن أجرينه في مركز أو مشفى خاص و9 سيدات في مشفى حكومي في حين أجابت 77 سيدة شاركن في الاستطلاع بأنهن لم يجرين الفحص وان 15% منهن لم يقمن به لأسباب مادية كونهن لا يمتلكن تأميناً صحياً وان 41% منهنّ لم يجرين الفحص لعدم وجود أعراض وكان السبب لدى 13% منهن أن المشافي التي يتوافر فيها الفحص بعيدة عن مكان إقامتهن يضاف الى كل ذلك إجراءات الفحص الطويلة التي تعتبر طاردة لطالبي الخدمة في المشافي العامة بسبب المواعيد البعيدة التي تحصل عليها السيدات لإجراء الفحوصات المطلوبة

ختاما ,,, كل الشكر والتقدير والعرفان لصاحبة السمو الاميرة غيداء طلال على دورها الطليعي والرائد في رعاية ودعم هذه الفعاليات والنشاطات النوعية ونشر سبل التوعية والتثقيف الهادفة والشكر الموصول دائما وابدا لجميع الايدي الخيرة ( أطباء ممرضين فنيين صيادلة اداريين عمال وغيرهم ) الذين يحملون في اعماقهم الم ومعاناة الاخرين وهم يدركون بإنسانيتهم العظيمة وضمائرهم الحية معنى ان يصاب الانسان او الطفل بمرض السرطان او ان تشعر المرأة بان حياتها تغيرت بسبب اصابتها بسرطان الثدي مقابل كل ذلك يؤدون واجباتهم بكل متطلبات الجهوزية والرفق

اليوم وبهذه الذكرى السنوية المتجددة نشد على اياديهم ونبارك خطاهم لكياستهم ولطفهم وحسن معاملتهم وهم يستقبلون الالاف الحالات التي تقصد مركز الحسين للسرطان نظرا لسمعته الطيبة وكفاءته المهنية العالية وتقدمه الطبي المشهور في مجالات علاج السرطان وكذلك بسبب علم المرضى واهاليهم المسبق بان من يشرفون على مؤسسة الحسين للسرطان ومركز الحسين للسرطان يتفانون في الخدمة ويعملون بشكل دائم وحثيث لتوفير احدث التقنيات وافضل الخدمات للجميع كما يخصون قطاع النساء بالمساعدة والتوعية الدؤوبة بأهمية اجراء الفحص المبكر لسرطان الثدي للمحافظة على حياتهن واسرهن باعتبار ان الصحة حق للجميع وكل سيدة من حقها أن تأخذ العناية الطبية اللازمة لأن صحة المرأة الركن الاساس في بناء المجتمع

عافانا الله واياكم من شر الاسقام والعلل ورحم انات المعذبين وشافي كل مريض مبتلى اته ولي ذلك والقادر عليه

mahdimubarak@gmail.com