حبس البدن مقابل الدين.. لماذا؟!
تاجر صانع مكتب لتقديم خدمات.. وغير ذلك مما يسري عليه قانونٍ المهن التجارية و.غير التجارية. يفتح باب متجره، مصنعه، مكتبه، مطعمه، مقهاه، وغير ذلك من مهن مسجلة أم غير مسجّلة متعارف عليها أم.. غير في عصرنا هذا.. يأتيه الزبائن الزبونات.. البعض يدفع نقدًا أوَّل مرّة بلا فصال، وثاني مرّة وربما الثالثة.. صاحب المحل الوكالة الخان.. خان التجار؛ يرتاح إليه.
البعض يرى فيه زبونًا ممتازا مثاليًا فيسعى للحفاظ عليه وذلك... بإعطائه سعرًا أقل من غيره،. وبضائع ينصحه بها وتسليمًا أسرع ومعاملة.. ملوكية من جميع مستوظفيه.. آخرون.. طمّاعون... يستغلون تغفيل هذا الزبون (المغفّل في رأيهم!!)... يرفعون السعر عليه يسلمونه بضائع.. "نصّ كمّ" وهو.. يرضى.. لا يحتجّ، ويمضي.. هذان مثالان لصاحب البضاعة المصنع أو الخدمات المقدّمة.
نأتي للمشتري للبضاعة للخدمات أو للهواء!!. هنا أيضًا نوعان.. أولها تاجر مرّ يتعامل بحرّ ماله.. نقدًا... يقبّل وبرضًى بمبدأ الدفع قبل الرفع.. (كاش أند...كري).. ذلك يميزه عن غيره ممن يبتاع ديناً.. يختار أحسن البضائع بأقل الأسعار بأسرع أوقات التسليم ومُبدّى عن غيره من الذين يبتاعون.. على النوتة... على الدفتر.. دينًا، خاصة في الأزمان الصعبة ذات الأزمات.
هذا الرجل.. شريف عفيف في تعامله يربح أكثر من غيره ممن يستدين بضائعه بسعر أعلى وربما بفوائد مرتفعة ولبضائع صنف خاص عن الذين يشترون على النوتة على الكمبيالة أو شيكات مؤجلة.
الصنف الثاني.. ممن يدفعون نقدًا صنف (الچلا چلا).. يدفعون نقدًا.. أول مرة.. ثاني مرّة وربما ثالث مرّة.. وفي الرابعة قد.. ربما يقصّر عن ربع المبلغ... وفي سعادة غامرة يسارع البائع للتهليل والتكبير له وبابتسامة عريضة ويكاد يحمل البضاعة على كتفيه لوضعها على الدابة الميكانيكية التي تنقلها. "ولو يا أبو فلان.. تكرم.. أنت صاحب محل"، ويسارع بفتح صفحة في دفتر الذمم باسم سعادة المدين الجديد لكن بسعر أعلى من قبل، لا يحتجّ سعادة المدين.. هو يعي أن صاحبه الطماع.. قد بلع الطّعم.
خلال فترة قصيرة؛ يبادر سعادة المشتري إيّاه؛بسداد المبلغ كاملًا.. يرقص البائع ويتباهى أمام من قد يكون قد نصحه من بنيه موظفيه بتولي الحذر.. في المرة القادمة قد يؤخر المشتري المطموع فيه نصف المبلغ لبضاعة يرفع سعرها صاحبنا أكثر وأكثر... هذا زبون مغفّل.. بعد فترة أطول قليلًا.. يدفع المشتري بتاع الثلاث ورقات دينه.. في المرة القادمة؛ يطلب بضاعة بكميات مضاعفة عن عادته، يعتذر عن دفع قيمتها نقدًا.. يحمله التاجر الهمام!! ويسجّل.. لم يقم المشتري بدفع شيء من قيمة البضاعة كما عادته في أوقات قريبة.
يعود للتاجر البائع بعد وقت قصير... يتعذّر منه أن من باعهم بضاعته وهم (جماعة موثوق بهم) باعهم على مواعيد دفع لم تحنّ بعد. وهنا يطلب بضائع أخرى.. أمام البائع الصانع مقدم الخدمات.. حلّان؛ أن يعتذر.. فينزعج زبونه المفضّل، أو يرضيه ويحمله بضائع أخرى حتى لا يفقده.. تتراكم الديون على بتاع الثلاث ورقات.. ويصبح مدينًا لا يستطيع السداد.. بلجأ البائع الصانع الهمام للقانون.. يطالب بحبسه بعد أن يحمل هذا الممثل ديونًا للكثيرين من مثل هذا الدائن.
مثال آخر.. زبون ملتزم يشتري دينًا ويدفع في مواعيد ثابتة.. البائع قد تحرّى عنه قبل أن يبيعه دينًا.. هي مسؤوليته، يعجز عن السداد لظروف خارج إرادته، أو داخلها، لماذا يسجن؟!.. هي مسؤولية البائع. المدينون في معظمهم أناس شرفاء ملتزمون لكن... لا تعرف الظروف التي قد تودي بأحدهم لعدم الالتزام.. هو إنسان، رب عائلة، أو شاب يبني ذاته وهو في مقتبل العمر.
لماذا حبس ((البدن)) مقابل الدين.. لماذا لا يكون التحوّط.. لماذا لا يكون حبس المال.. بالمال بالعقار.. هي مسؤولية الدائن!!