الحرب قادمة والشتاء القادم الأسوأ اقتصاديا

أخبار البلد-

 
تسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا في اضطرابات في الأسواق المالية، وزاد بشكل كبير من حالة عدم اليقين بشأن تعافي الاقتصاد العالمي. فارتفاع أسعار السلع يؤدي إلى تكثيف خطر التضخم المرتفع طويل الأمد الذي يزيد من مخاطر الركود التضخمي والاضطرابات الاجتماعية. ومن المرجح أن تعاني قطاعات معينة مثل النقل والطيران من ركود عميق بنسبة 7.5٪ في نهاية العام ٢٠٢٢ واوائل العام ٢٠٢٣.

ستؤدي الأزمة الروسية الأوكرانية إلى إبطاء النمو العالمي وزيادة التضخم حيث ترتبط مخاطر النمو العالمي باضطراب إمدادات الطاقة في روسيا التي تمثل أكثر من 10٪ من إنتاج النفط والغاز الطبيعي العالميين. فمع تقليص إمدادات الطاقة الروسية لأوروبا ستشهد أكثر من ٣٢ دولة انكماشا حادا في صادراتها بل وفي عملياتها الإنتاجية.

ويهدد الصراع بزيادة الضغط على أسواق الطاقة والسلع إذ تعد روسيا ثالث منتج للنفط في العالم، وثاني منتج للغاز الطبيعي، ومن بين أكبر 5 منتجين للصلب والنيكل والألمنيوم والموارد النادرة التي تستخدم في التكنولوجيات الحديثة وصناعة محركات الطائرات والصواريخ وقطع الكمبيوتر. كما أن روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم (حوالي 20٪ من التجارة العالمية). من جانبها، تعتبر أوكرانيا منتجا رئيسا للذرة إذ تحتل المرتبة السادسة عالميا، كما أن انتاجها من القمح يأتي في المرتبة السادسة والقمح في المرتبة السابعة وعباد الشمس في المرتبة الأولى عالميا ناهيك عن سلع استراتيجية أخرى مثل السكر والشعير وفول الصويا.

من الواضح أن الأزمة تؤثر بشدة على قطاع السيارات المتوتر بالفعل بسبب النقص المتنوع في الموارد وضعف وارتفاع أسعار السلع والمواد الخام: فالمعادن وأشباه الموصلات والكوبالت والليثيوم والمغنيسيوم وغيرها من المواد المستخدمة في الصناعات التكنولوجية باتت شحيحة وهي جزء مهم في صناعات السيارات الحديثة.

ستعاني شركات الطيران وشركات الشحن البحري أيضا من ارتفاع أسعار الوقود، وستكون شركات الطيران الأكثر عرضة للخطر. أولاً، يقدر الوقود بحوالي ثلث تكاليفها الإجمالية. ثانيا، حظرت الدول الغربية وصول شركات الطيران الروسية إلى أراضيها، وبدورها عمدت روسيا الى إجراء مماثل. هذا يعني تكاليف أعلى لأن شركات الطيران ستضطر إلى اتخاذ مسارات أطول. وفي نهاية المطاف، ليس لدى شركات الطيران مجال كبير لمواجهة ارتفاع التكاليف.

الاقتصادات الأوروبية هي الأكثر عرضة للخطر نظرا لاعتمادها على النفط والغاز الطبيعي الروسيين، ويبدو أن أوروبا هي المنطقة الأكثر تعرضا لعواقب هذا الصراع. من المستحيل استبدال كل إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا على المدى القصير إلى المتوسط، وسيكون لمستويات الأسعار الحالية تأثير كبير على التضخم. فمن المتوقع ان يرتفع معدل التضخم في أوروبا الى مستويات قياسية في هذا الشتاء ما يؤدي الى تآكل القوة الشرائية للأفراد ونفص الإنتاج لدى المصانع والشركات. ففي العام ١٩٩٠، كان سعر ألف متر المكعب من الغاز الطبيعي ٤٠ دولارا وفي العام ٢٠٠٨ ارتفع الى ٢٠٠ دولار واليوم ومع نهاية الشهر يصل الى مستوى ٢٦٠٠ دولار. هذا يعني ان اقتصادا بحجم المانيا (٣ تريليون دولار) قد فقد أكثر من ٢٠٠ مليار دولار. فما بالكم والدول الأوروبية الأخرى؟

في بقية العالم، ستظهر العواقب الاقتصادية بشكل رئيس من خلال ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية القائمة بالفعل. كما هو الحال دائما عندما ترتفع أسعار السلع، سيتأثر المستوردون لمنتجات الطاقة والغذاء بشكل خاص، مع شبح حدوث اضطرابات كبيرة في الإمدادات في حالة حدوث تصعيد أكبر للصراع. كما سيؤدي انخفاض الطلب من أوروبا إلى إعاقة التجارة العالمية.

في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، سيظهر التأثير على الفور تقريبا من خلال ارتفاع أسعار الواردات، لا سيما في أسعار الطاقة، مع كون العديد من الاقتصادات في المنطقة مستوردا للطاقة.

وللخروج من تلك المعضلة، فلا بد من ان تضغط الشركات المصنعة للسلاح عالميا على حكوماتها للبدء بالحرب العالمية الثالثة لتحريك عجلة اقتصاداتها الهرمة وللخروج من عنق الزجاجة.