استباقاً لمؤتمره الإقليمي نهاية الشهر.. بيان لمرفأ عن واقع التمييز ضد المهاجرين واللاجئين من وفي الوطن العربي
أخبار البلد ــ لا تمر فترة دون أن نسمع عن اعتداء يتعرض له المهاجرون واللاجئون من وفي المنطقة العربية، فبالإضافة إلى التقارير الواردة حول المعاملة التمييزية إزاء الأشخاص الفارين من أوكرانيا إلى البلدان المجاورة، ولا سيما المنحدرين من أصل أفريقي وآسيوي وشرق أوسطي، وردت إلينا في الآونة الأخيرة عدة تقارير عن ممارسات وحوادث تمييزية مؤسفة في المنطقة العربية؛ فمن تعرض سيدة سورية لاجئة في منطقة البقاع الغربي في لبنان للاعتداء والضرب هي وعائلتها في مطلع شهر أيار/مايو، إلى إصابة 12 عامل إفريقي بأعيرة نارية نتيجة إطلاق نار في ليبيا أواخر شهر يونيو/حزيران، فضلاً عن وفاة فتى سوري يبلغ من العمر 16 عاماً بعد تعرضه لضرب مبرح في جنوب لبنان إثر خلاف بينه وبين فتى لبناني في أواخر يوليو/تموز الفائت. كما طالعنا مؤخراً عملية التهديد بالقتل والتعذيب والضرب المبرح الذي تعرض له الطفل مازن آدم الذي يحمل الجنسية السودانية، على يد مسلّح بمنطقة ورشفانة الليبية يوم 30 آب/ أغسطس الفائت، لإجباره على دفع الأموال مقابل إطلاق سراحه، حيث ظهر الطفل البالغ من العمر 15 عاماً محتجزاً داخل غرفة مظلمة، فيما كان الجاني يضربه بواسطة أنبوب بلاستيكي على أنحاء مختلفة من جسده، بعد تجريده من ملابسه، لطلب فدية مقدارها 5000 دينار ليبي لإطلاق سراحه.
ونحن في ملتقى الهجرة واللجوء في العالم العربي "مرفأ" إذ تستنكر مثل هذه الجرائم، وآخرها الجريمة التي تعرض لها الطفل مازن آدم، فإننا نناشد الجهات المعنية في ليبيا بفتح تحقيق في ملابسات الحادثة وتوجيه الجهات الأمنية المختصة بالتحرك السريع وفتح تحقيق في الواقعة وضمان تحرير الطفل وضبط الجُناة وعدم إفلاتهم من العقاب.
وفي السياق ذاته، يؤسفنا ما رشح من أخبار عن تزايد الخطاب العنصري ضد اللاجئين السوريين في تركيا، والتلويح بالتخلص منهم واستخدامهم كورقة ضغط بيد الحزب الحاكم أو الأحزاب المعارضة. كما ساءنا ما قرأناه عن استمرار مخطط إعادة اللاجئين السوريين من لبنان رغم التحذيرات الدولية والأممية للحكومة اللبنانية بعدم الإقدام على هذه الخطوة. بالإضافة إلى المطالبات العنصرية اليمينية في أوروبا بإعادة اللاجئين السوريين قسراً إلى سوريا، حيث قامت السلطات الدنماركية بتصنيف بعض المناطق في سوريا باعتبارها "مناطق آمنة" لإبعاد اللاجئين السوريين. هذا بالإضافة لخطة الحكومة البريطانية لإبعاد طالبي اللجوء إلى أفريقيا.
هذا بالإضافة إلى تدني الدعم الدولي المقدم للاجئين في بلدان الجوار السوري والمنطقة ككل، مما يزيد من الضغوطات على البلدان المضيفة واللاجئين، ويضعف من أواصر التماسك الاجتماعي فيها. ويدفع اللاجئين للتفكير باللجوء مجدداً إلى أي مكان آخر يشعرون فيه بالأمن والاستقرار ويجعلهم عرضة للاحتيال والمتاجرة بالبشر.
وعليه، نشدد على ضرورة العمل المشترك من أجل ضمان الدعم الدولي اللازم للاجئين في المنطقة وللمجتمعات المستضيفة. وندعو مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين لإطلاق نداء عاجل لتوفير الدعم الاقتصادي الضروري للاجئين في المنطقة، كما تدعو المنظمة جامعة الدول العربية للإسراع بتوفير مقومات عمل آلية الإغاثة الإنسانية العربية للبلدان الأكثر تضرراً من الأزمات الاقتصادية مثل لبنان.
كما ندعو الجهات المعنية في الدول العربية، والمجتمع الدولي ككل لمناقشة الواقع الذي يعيشه المهاجرين واللاجئين بصدق في المنطقة العربية والاتحاد الأوروبي وغيرها من دول اللجوء، والتحرك الفعلي لوقف الممارسات والانتهاكات الجسيمة ضدهم، والحفاظ على حياتهم وسلامتهم البدنية والنفسية، ووقف كل أشكال التمييز، والاستغلال، والاضطهاد، وسوء المعاملة بحقهم، وفي مقدمة ذلك ما يتعرضون له من ابتزاز واحتجاز بقصد الحصول على مبالغ مالية أو أعمال خدمية نظير حُصولهم على حُريتهم.
هذا، ونطالب جميع الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والدول المضيفة ودول العبور، إلى اتخاذ تدابير لمنع جميع أشكال التمييز العنصري ومكافحتها والمعاقبة عليها، ولا سيما العنف المبني على كره الأجانب والعنصرية وخطاب الكراهية ضد الأشخاص الفارين من النزاع، واتخاذ إجراءات حازمة من أجل حماية جميع الأشخاص من العنف العنصري وخطاب الكراهية على وسائل الإعلام والإنترنت، وإدانة خطاب الكراهية العنصرية علنًا والابتعاد عنه، بما في ذلك في وسائل الإعلام ومن قبل المؤثرين الاجتماعيين والسياسيين.
أخيراً، يحق للمهاجرين واللاجئين، بغض النظر عن وضعهم، التماس الحماية والتمتع بها. كما أن لديهم الحق في تقييم ظروفهم وفقاً للقانون الدولي، إذ يعد الحق في الحياة، والتحرر من التعذيب، والإعادة القسرية، والطرد الجماعي، ووقف جرائم التمييز ضدهم، من جملة الحقوق غير القابلة للتقويض، والتي يجب أن تقود أي سياسة حكومية. وهذا يعني أنه لا يمكن إيقاف هذا الحقوق مطلقاً، ولا حتى في حالة الطوارئ.
عن مرفأ
ملتقى الهجرة واللجوء في العالم العربي (مرفأ) هو شبكة مستقلة من الأكاديميين العرب ونشطاء حقوق الإنسان والمحامين والتي نشأت استجابة للحاجة الماسّة إلى نهج جماعي لمناصرة حقوق المهاجرين واللاجئين والتوعية بالقضايا الملحة ذات الصلة في المنطقة بما في ذلك قضايا انعدام الجنسية والشتات العربي والإجراءات والممارسات التمييزية ضدهم.