القضاء الأردني مثال يحتذى
أخبار البلد-
إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن نرى تقرير البنك الدولي حول آخر ما وصل إليه القضاء من توسع وتقدم تكنولوجي، واستخدام لأحدث التقنيات التي من خلالها احتل الأردن المرتبة الثانية عربيا، فعلى الرغم من العقبات والآثار السلبية التي أنتجتها جائحة كورونا، إلا أن القضاء الأردني بقى شامخا أمام كل التحديات وحقق قفزة تكنولوجية غير مسبوقة.
ولا شك أن النجاحات التي حققها القضاء الأردني جاءت نتيجة تخطيط منهجي سليم، وحرفية عالية في التعامل مع المشكلات، كما أثبت المجلس خلال الفترة الماضية، قدراته العالية وكفاءته العملية، وذلك حين أطلعنا على تحقيق ما يقارب 95 % من توصيات اللجنة الملكية المختصة بتطوير القضاء وذلك خلال فترة زمنية بالغة القصر، وهو ما يدل على جدية الإنجاز وسرعة العمل وفعالية الأداء الذي لا يعد غريبا على القضاء.
وبنظرة سريعة على صعيد المحاكم، نرى أنه خلال العامين الماضيين بلغت الدعاوى والرصيد المدور قرابة 541 ألف دعوى، تم الفصل في ما يقارب 458 ألف منها، وهي ما تمثل نسبة 86.6 %، وهو ما يعد إنجازا ورقما قياسيا جديدا، صاحبه كذلك تقليل أمد التقاضي، حيث وجدنا أن مدة نظر الدعوى في 2021 منذ تاريخ تسجيلها وحتى الفصل فيها 55 يوما فقط، بنسبة انخفاض بلغت 15 % مقارنة بعام 2020.
وقد يظن البعض أن سرعة الفصل وتقليل أمد التقاضي قد يؤثر سلبا على جودة الأحكام، فالأخطاء البشرية واردة وهو أمر طبيعي، ولذا أعطى القانون الحق في الاستئناف والطعن على الأحكام، لكننا مع كل تلك الإنجازات وجدنا أن مؤشر جودة الأحكام قد ارتفع أيضا تزامنا مع تقليل أمد التقاضي وسرعة الفصل، وذلك بنسبة 1 % على العام الماضي، وهو ما يشير إلى جهد كبير بذلته الهيئات القضائية ونجاح ما بعده نجاح.
وانعكاسا لتوصيات اللجنة الملكية ورؤية الأردن 2025 والأوراق النقاشية الملكية، فقد أطلق المجلس القضائي ووزارة العدل استراتيجية قطاع العدالة للأعوام 2022 – 2026 ، حيث ستمر الإستراتيجية بمبادئ جوهرية تتمثل بالحوكمة الرشيدة، والعدالة الناجعة، وتخصص القضاء، وحساسية النوع الاجتماعي، وكذلك إرساء مبدأ سيادة القانون، وكلها عوامل رئيسية ارتكزت عليها استراتيجية قطاع العدالة.
وإمعانا في الشفافية والنزاهة، فقد وجه المجلس القضائي قبل أشهر مضت تعميما إلى كافة الصحف المحلية، يطالب فيها بمنع نشر أي مواد صحفية أو إعلانية تتضمن توجيه الشكر الشخصي بحق القضاة، وهو ما يأتي على ضوء المحافظة على خصوصية العمل القضائي، وحساسيته، وما يتطلبه الامر من ضرورة توفير البيئة المناسبة التي تمكن القضاة من العمل بكل حياد وتجرد دون التأثر أو التوجس من أي أمر، وهو ما يهدف للوصول لأعلى درجات الرقي والحياد في العمل القضائي، وهو ما يكشف أن مجلس القضاء يهتم لأدق التفاصيل التي من الممكن أن تكون لها آثار ولو بسيطة على شفافية العمل القضائي ونزاهته المعهودة.
ولأن الدور الانساني حاضر أيضا جاء إدخال تطبيق الأساور الإلكترونية على الموقوفين استجابة لتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 32 لسنة 2017 والذي تم بموجبه تعديل المادة 114 مكرر وإدخال تطبيق الرقابة الإلكترونية كأحد بدائل التوقيف القضائي، الذي هدفه جانب إنساني قبل أن يكون اكتظاظ السجون والدليل ان الأساور تطبق مجانا.
أما فيما يخص طريقة تعيين القضاة، فإن اختيارهم يتم بعناية فائقة من بين أوائل خريجي الجامعات والأساتذة المحامين، حيث يتم اجراء مسابقات قضائية تتمتع بأعلى معايير الشفافية والنزاهة، وهذا يدل على حرص القضاء ان تبقى نواته راسخة ونظيفة وأن يضم إلى فريق العدالة دوما أفضل العناصر وأكثرها إخلاصا وتفوقا وإيثارا.
علينا وبشكل مستمر وقوي أن ندعم السلطة القضائية ولأننا جزء منها فعلينا تعظيم الإنجاز الذي قدموه من خدمات جليلة وعدالة ناجزة وتطور مستمر، إضافة الى تحفيز باقي المؤسسات والسلطات الاقتداء بها وتسليط الضوء على أهمية الدور الذي تلعبه في المحافظة على الأمن والاطمئنان داخل المجتمع وتطبيق مبدأ سيادة القانون وحماية المقدرات والمال العام.