إشكالية الموازنة

إعادة تموضع أرقام الموازنة لا يحتاج الى سحبها وإعادة بنائها من جديد  فتعديلها ممكن بينما لا  تزال بين يدي  اللجنة المالية في مجلس النواب ,  وبالتالي تقديمها للمجلس بنسختها الجديدة , دون أن يعطي ذلك إنطباعا بأن هذه الموازنة نسفت من أساسها , بما يفضي الى تقديم موازنة ذات شكل وملامح وأرقام جديدة مخفضة .
الدستور منح مجلس النواب صلاحية خفض الموازنة ولم يمنحه حق زيادتها  , وتعديلها إن كان محقا  قبل أن تصبح قانونا نافذا سيعفي  الحكومة من  إصدار ملاحق تصويبية , في حال إصطدمت التقديرات بمتغيرات طارئة كما سبق وأن حدث في موازنتي العامين الماضيين .
التغيير الذي يطرأ على الموازنة لا يحدث  فقط في بند النفقات الجارية , فهو غالبا ما يمس النفقات الرأسمالية وهي بشكل أو بأخر تعادل العجز  ’ وفي حال تم شطب المزيد  منها فلن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم التضحية بها , لحساب النفقات الجارية التي تتزايد لأسباب شعبية .
سبق وأن خضعت موازنة عام 2010 , للمراجعة  وسبق وأن تم  تغطية نفقات طارئة بملاحق في موازنة العام الفائت وفي كل مرة لم تفض هذه التصويبات  الى ضبط للإنفاق الجاري , والسبب هو إلتزامات لا يمكن شطبها في بندي الرواتب والتقاعدات التي تناهز 3 مليارات دينار فبينما ترتفع هذه البنود لا تنمو الإيرادات المحلية بذات الوتيرة , إضافة الى ذلك فثمة  فرضيات لم يكن ممكنا تجاوزها , من ناحية ومن ناحية أخرى تولد أبواب جديدة للإنفاق مثل كلفة الطاقة  , وهي زيادة لا يمكن للمالية العامة  أن تجد مهربا منها  كإستحقاق فرضته تطورات واقعية تجاوزت قلم المخطط  وتقديرات المحاسب .
لم تسجل أية موازنة على مدى سنوات مضت  إلتزاما حرفيا بالتقديرات فثمة أمور طارئة , لا يد  لبانيها مهما بلغت درجة الدقة في التقديرات , من مواجهتها  ومهما كانت التقديرات التي  بنيت على أساسها  متحفظة , فباستثناء توسع غير محسوب في موازنات الرخاء  2005 و2006 , فليس صحيحا أن الموازنة دائما  تنطوي على مبالغة في التقديرات بقدر ما تواجه مفاجآت بعضها سار وأخرى ليس كذلك .
بقي أن تأخير إقرار الموازنة سيحتاج لإصدار أمر مالي لتغطية نفقات الشهر الأول من السنة الجديدة فالرواتب على الباب !.