من ينصف المرأة!

أخبار البلد-

 
أين الحركة النسوية ومؤسسات حقوق وحماية المرأة من ظاهرة تعري الانثى بشكل ملحوظ وغير مسبوق في العالم الرقمي وعلى منصاته! دائماً نردد ونقول بأن الانثى ليست سلعة وذلك في تربيتنا للاطفال في المنزل والمدارس ونشدد بأن للفتاة دورا مهما في المجتمع كما الشاب، ونحاول بالقوانين وتعديل التشريعات أن نحقق العدالة بين الجنسين، لذلك تقام مؤتمرات واجتماعات ولقاءات تشدد على المساواة بين الرجل والمرأة في كل مناحي الحياة. بالمقابل، نشهد ضخاً في محتوى المنصات الرقمية- الشوشيال ميديا- يتعلق بعرض المرأة كسلعة متوفرة وشبه عارية غالباً لتسويق المنتجات المتنوعة والمتعددة والتركيز المبالغ به على المظهر الخارجي للمرأة، ومؤخراً -وكأنه الموضة الجديدة - يتم نشر وتداول بشكل مكثف مقاطعاً مصورة تشجع على تعنيف المرأة، ضربها إهانتها و وأكثر !
هذا الضخ والتكرار بوجود فيديوهات تركز على الخارج وتجمله لدرجة التزييف تتأثر به صغار العمر من الفتيات بنفس مستوى كبار العمر من النساء لذا نرى بان سن المراهقة قد امتدت فترته فلم يعد هناك عمر محدد تنتهي به هذه السن وللجنسين. وهذا الضخ على المواقع الافتراضية للتركيز على الخارج الزائل تم استخدام بعض من يطلق عليهم مؤثرون وبعض المشاهير من مطربين وممثلين وغيرهم لجعل هذا الامر ليس فقط محبذاً بل وضرورياً ومن أساسيات الحياة للمرأة بالذات. انظروا الان، ما هي التجارة الرائدة في وقتنا؟ ومن هم اشهر التجار في زمننا ؟ اوليس كل من يعمل في مجال التجميل. لست ضد، ولكن مع الاعتدال وعدم استغلال هيبة الانثى ومكانتها العالية لامور تجارية هدفها خربطة منظومة اخلاقية بنيت عليها المجتمعات، لدرجة أننا فقدنا البوصلة في التمييز بين الصواب والخطا فيما يتعلق بحرية المرأة ووجودها بوفرة على المواقع الوهمية.ومن ثم نسمع عن عمليات استغلال وابتزاز الكتروني، وتنمر وتحرش، ونسمع عن حالات انتحار ومشاكل عائلية لا حصر لها.
أما الفيديوهات المنتشرة مؤخراً تدعو إلى تعنيف المرأة لدرجة التشجيع على كسر كرامتها وإهانتها فهو حدثٌ جديدٌ في هذا العالم الوهمي، والتكلم عنه بحرية ودون حساب أو عقاب من ادارة بعض المنصات الافتراضية هو لانه يندرج تحت مسمى «حرية التعبير» حسب قوانينهم المُحدّثة !
يأخذنا هذا المشهد لنتساءل عن غاية وجود الانسان؟ ولماذا هذا التدمير المباشر الذي يطال المرأة وبالتالي كرامة الرجل، وتفتيت الاسرة بشكل مباشر والمجتمع بشكل غير مباشر،؟ أوليس عمل الصلاح ومحاربة الشر وارتقاء الانسان لما هو فوق الغريزة الحيوانية هو هدف الانسانية والبشرية، والذي هو قناعة المؤمن بوجود الله تماماً كالذي لا يعترف بوجود العلي القدير أيضاً.
يقول الاديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة: « الرجل والمرأة جناحا طائر واحد هو البشرية، وكفتا ميزان واحد هو النظام السرمدي فما صفقت البشرية بجناح إلا صفق اخوه معه، ولا هوت كفّة الرجل يوماً إلا هوت في الحال كفّة المرأة إلى مستواها، أو إرتفعت كفّة المرأة إلا ارتفعت كفّة الرجل فوازنتها.»
قريباً سوف نُدخل الفلسفة في مناهجنا وهذا أمرٌ محبذٌ من الغالبية وفي غاية الضرورة، فلا حبذا لو ابتدأنا بهذا المشوار قبل عشر سنوات ماضيات، لانه في وقتنا الحالي، ومع مرور الايام نشهدُ تغيراً على الفكر والقناعات بشكل جذري أصبح من الضرورة إعادة البوصلة الفكرية إلى منحنى يقبل فيه الطفل فكر الفلسفة العميق الذي يستند بالاساس على ثوابت وأساسيات حياتية مُعاشة ومنظورة، وهي غير متوفرة في العالم الافتراضي الرقمي، ومنها هوية الاسرة وترابط المجتمعات بمنظومة أخلاقية واضحة.
عودة الى الحركة النسوية، التي هي الداعم الاول في تحقيق العدالة للمرأة منذ انطلاقتها الاولى وكم عملت تغييراً ايجابياً في حياة المرأة والرجل والمجتمعات، فهل تتوقف الان ونحن نرى المرأة تستغل كسلعة للعرض والاغراء والذل والانحناء !
صحافية وكاتبة مختصة في شؤون حوار الثقافات والسلم المجتمعي.