تصلب شرايين أوروبا يحولها إلى عجوز مريضة

أخبار البلد-

 
انحسرت انهار اوروبا عن أحجار الجوع والتي كان أشهرها حجر نهر (البه) في جمهورية التشيك بدعوته من يراه الى البكاء.
صيف اوروبا حول انهارها الى معلم سياحي يفد اليه الزائرون من مختلف انحاء القارة لمشاهدة الاحجار في التشيك والمانيا في نهر الراين وغيره.
تحول الانهار الى معلم سياحي ليست المفارقة الوحيدة لجفاف الانهار في اوروبا؛ ذلك ان المفارقة الاقوى تمثلت بالقلق الاوروبي من عجز انهار القارة عن ايصال شحنات الفحم الى محطات توليد الكهرباء نتيجة انخفاض منسوب الانهار، وتعطل حركة الشحن فيها؛ فشرايين اوروبا الطبيعية معطلة، كما هي شرايينها الصناعية الممثلة بأنابيب الغاز الروسية.
اوروبا لم تعد قلقة من جفاف الانهار والتغيرات المناخية وارتفاع نسبة الكربون في الجو بقدر قلقها على شحنات الفحم، الملوث الاول المسؤول عن انبعاث الغازات الدفيئة الذي تستعد القارة الاوروبية لمواجهته في مؤتمر شرم الشيخ للمناخ (كوب 27) في نوفمبر/ تشربن الثاني المقبل.
العالم بات يعج بالتناقضات والمفارقات؛ مفارقات ستزداد حدة وقوة في الشتاء المقبل حيث ستواجه القارة نقص امدادات الغاز الروسي بمزيد من الاعتماد على الفحم والنفط لتوليد الكهرباء وكل وسيلة ممكنة لتجاوز الشتاء القاسي في القارة العجوز التي تعاني من تصلب في الشرايين الطبيعية والصمامات الصناعية.
فشتاء اوروبا بلا غاز رغم الحديث المتكرر لقادة الاتحاد الاوروبي عن رفع مخزوناتها من الغاز، ورغم التفاؤل ولغة التحدي الفارغة؛ فادعاء باريس بلوغها 90% من طاقتها التخزينية للغاز محاولة لطمأنة الجمهور الفرنسي، كما أن تأكيد ألمانيا انها بلغت نسبة معقولة وآمنةلا تفسر تخفيض الاستهلاك الى مستويات كبيرة تصل الى 15% في الشتاء المقبل.
تخفيض الاستهلاك وتدفق الطاقة في شرايين الحياة الاوروبية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية سينعكس على مستوىات الخدمات والحياة العامة والاجتماعية والنشاط التجاري والصناعي؛ فبدون تدفئة ستقل ساعات العمل، وتتقلص الانتاجية والنشاطات الترفيهية والحيوية في القارة العجوز التي ستنام مبكرًا أملًا في نهار مفرط بالنشاط.
من المبكر الحديث عن تداعيات نقص امدادات الغاز في الشتاء؛ فهناك الكثير من التفاصيل اليومية والمفاجآت التي لا يرغب المسؤولون الاوروبيون في الحديث عنها، إلا ان المؤشرات الأولية تؤكد ان اوروبا عانت من ركود طويل سيتحول مع مجيء الشتاء الى انكماش اقتصادي لا يختلف في مظاهره عن مظاهر الحجر التي تبع تفشي وباء كورونا في القارة العجوز.