الإخوان يفشلون في الترويج لمصالحة ويحرّضون ضد النظام المصري
اخبار البلد - تدير قنوات جماعة الإخوان على يوتيوب حملة إعلامية هدفها الإيحاء بتزعم موجة تذمر شعبي ضد النظام المصري، بعد تجاهل مبادرتها بشأن استعدادها للتخلي عن المنافسة السياسية، ورفض مشاركتها في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وعقب غلق بعض القنوات التي تبث إرسالها من إسطنبول بناءً على توجيهات من حكومة العدالة والتنمية التركية عاد التنظيم الدولي للإخوان إلى البث من لندن عبر قنوات عديدة فضائيا وعلى يوتيوب، وانضمت قناتا "مكملين” و”الشرق” إلى قناة "الحوار”.
وآخر تجليات الحملة التي ينشط فيها إعلاميون موالون للجماعة، في مقدمتهم محمد ناصر ومعتز مطر وأسامة جاويش وطارق اللبان، تعمد النيل من سمعة سياسات الحكومة المصرية فيما يخص ملف حقوق الإنسان عبر ترويج مزاعم تتعلق بأوضاع السجون وإدارة الأزمة الاقتصادية وما تواجهه من تحديات صعبة.
الجماعة متشبثة بالعودة إلى المشهد المصري وتُراوح بين طرح المبادرات والدعوة إلى المصالحة والضغط عبر التحريض
واستغل إعلام جماعة الإخوان الذكرى التاسعة لفض اعتصام أنصارها بميداني رابعة العدوية والنهضة في الرابع عشر من أغسطس الماضي لزيادة جرعة التحريض ضد الشرطة والجيش المصري.
ولاحظ مراقبون تصاعد حدة هجوم القنوات التي تبث من الخارج مؤخرا عبر التهويل من مستويات التراجع الاقتصادي مقابل التقليل من جدوى المشروعات القومية التنموية التي حققتها الحكومة في السنوات الماضية.
وتحولت الجماعة، التي فشلت حركيًا وتنظيميًا خلال فترة ما بعد يونيو 2013 في تعطيل عملية الإصلاح الاقتصادي عبر هجمات تخريبية مباشرة لمرافق الدولة وأبراج الكهرباء، إلى سياسة تشويه أي منجزات من خلال الفضائيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ورسم خبراء ملامح سياسة جماعة الإخوان الإعلامية الجديدة؛ حيث تبيّن أنها تركز على تشويه المشاريع الكبرى التي دشنتها الحكومة، والتشكيك في جدوى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة وشبكة الطرق والكباري والمطارات وبرنامج "حياة كريمة” الموجه إلى تحسين أوضاع الأسر الفقيرة.
ولفت هؤلاء الخبراء إلى استغلال إعلام الإخوان بعض الثغرات في أداء الإعلاميين المصريين لصرف نظر المواطنين عن الإنجازات الحقيقية.
وأوحى إعلاميو الإخوان بأن الأوضاع في مصر وغلاء أسعار بعض السلع ليست لهما علاقة بالأزمة الاقتصادية العالمية، وخطر الإرهاب لا يزال ماثلًا وسوف يستهدف مرافق مهمة في الدولة، من بينها قناة السويس.
وتركز فضائيات الجماعة على استغلال تأثر دول العالم، ومن ضمنها مصر، بالأزمة الاقتصادية العالمية لتشكيل جبهة معارضة لأداء الحكومة المصرية من أجل الإيحاء لعناصرها في الداخل والخارج بأنها لم تنتهِ إلى غير رجعة.
وتتشبث جماعة الإخوان بالعودة، بأي ثمن، إلى المشهد المصري كسبيل أوحد لحل أزمتها المتشعبة والمعقدة، وتراوح بين طرح المبادرات والدعوة إلى المصالحة والضغط عبر التحريض لإثبات أنها قادرة على إلحاق أضرار بالغة بالنظام المصري، على الرغم من الضربات القاسية التي تلقتها.
السيسي يستثني جماعة الإخوان من الحوار الوطني
السيسي يستثني جماعة الإخوان من الحوار الوطني
وفشلت محاولات جماعة الإخوان الأخيرة للمشاركة في الحوار الوطني والعودة إلى المشهد السياسي لأنها منبوذة شعبيًا ومن مؤسسات الدولة على خلفية الجرائم التي ارتكبتها وانقسامها الذي أثبت أن مبادراتها ليست من منطلق تحولات جوهرية بل مجرد مناورات براغماتية مكشوفة.
وطرحت جبهة لندن بزعامة إبراهيم منير مبادرة تقضي باستعداد الجماعة للتخلي عن التنافس السياسي وإلغاء الشكل القديم للتنظيم والاقتصار على العمل الدعوي والاجتماعي، وقد رفضتها جبهة إسطنبول بزعامة محمود حسين باعتبارها خيانة لثوابت الجماعة ولا تمثل غالبية أعضائها.
ولا يعبر هذا المشهد عن تمايز بين جناح منفتح يبدي المرونة ويجتهد في التطوير وآخر منغلق ومخلص لمناهج الجماعة الجامدة بقدر ما يعبر عن تكتيك متوارث في تبادل الأدوار والإمعان في المناورة وقت الأزمات.
ولئن كان هناك فرع محدد هو الأكثر تورطًا في الإرهاب (جبهة محمود حسين) فإن التنظيم الدولي وجبهة لندن يوفران الدعم الأيديولوجي والمادي لأي فرع يرتكب العنف ويستفيدان منه بشكل غير مباشر.
وأدرجت محكمة جنايات القاهرة مؤخرًا 20 قياديًا من جماعة الإخوان على رأسهم محمود حسين ومدحت الحداد على قوائم الإرهاب، على خلفية قضايا غسيل أموال وتهريب نقد أجنبي لتمويل أنشطة إرهابية وعمليات مسلحة ضد مؤسسات الدولة.
ولا تختلف جبهة إبراهيم منير عن جبهة محمود حسين على مستوى ارتكاب العنف وتبني النهج التكفيري الإرهابي، ولم يبادر الأول بغلق المنابر الإعلامية التي تحضّ على العنف وانتقلت من إسطنبول إلى لندن لإثبات صدق نواياه في الانسحاب النهائي من السياسة.
وقد ترك منير لإعلاميي الجماعة في قناة "مكملين” المجال واسعًا للشحن ضد الدولة والحضّ على العنف، معلنا في مقابلة له مع وكالة رويترز أن جماعته ترفض العنف تمامًا ولا تنافس على السلطة في مصر.
محاولات الإخوان للمشاركة في الحوار والعودة إلى المشهد السياسي فشلت لأنها منبوذة شعبيًا ومن مؤسسات الدول
ويعود عدم تجاوب النظام المصري مع أطروحات إبراهيم منير إلى إدراك الأجهزة الأمنية أن الجماعة بكل أجنحتها تتبنى نفس القناعات والمناهج، وإن لجأت في مراحل معينة إلى المناورة بهدف تلميع السمعة والعودة إلى المشهد.
وتجد جماعة الإخوان نفسها في مرحلة من المراحل بحاجة إلى الفصل بين التنظيم والحركة لتمكين الفروع من الإدعاء بأنها ليست جزءًا من التنظيم الدولي أو تنظيم الإخوان المصري.
ووراء مبادرات إبراهيم منير رغبة في جعل الانتماء إلى الجماعة فضفاضًا بغرض توفير الحماية الأمنية للقيادات والعناصر غير المدرجة على قوائم الإرهاب وغير المسجلة في قضايا عنف للعودة بهم كلبنة لبناء الجماعة مجددًا بعد أن باتت حطامًا في مصر وخارجها.
وفي ظل الصراع على القيادة بين جبهتي إسطنبول ولندن تقدم مبادرات منير ميزة لجبهته بتصويرها أكثر رباطة للجأش في مواجهة التحديات.
ولا يبحث الرجل فقط عن مصالحة مع النظام المصري تمكنه من إعادة بناء تنظيمه المفكك، بل يبحث أيضًا عن تثبيت وضعه والحفاظ على حضوره في دول أوروبا والولايات المتحدة.
ولذا كان ينظر إلى رغبته في اعتراف الحكومة المصرية به عبر إشراكه في جولات الحوار السياسي كشهادة بالشرعية ورأس مال سياسي يواجه به خطط بعض الحكومات الغربية لتقييد نشاطات جماعته وتقليص نفوذها.
ويستخدم إبراهيم منير لتحقيق أهدافه تلك كل الوسائل المتاحة في يده علاوة على كل ما ورثه عن زعماء الجماعة السابقين من أساليب خداع ومناورة.
وتعزف جبهة منير على وتر وجود أجنحة متصارعة زاعمة أنها تمثل التيار السلمي المعتدل داخل الجماعة مقابل جناح تكفيري قطبي (نسبة إلى منظر الجماعة سيد قطب)، علاوة على توجيه خطاب إلى الأنظمة الأوروبية ووسائل الإعلام الغربية مختلف عن الخطاب الموجه إلى الداخل المصري.
وفي حين زعمت الجماعة للمصريين والعرب أنها بصدد إقامة خلافة إسلامية تستعيد أمجاد الخلافة الراشدة تحدثت للغرب عن كومنولث للدول الإسلامية، وأعلنت للجماهير العربية عن سلطة تطبق الشريعة الإسلامية بينما روجت في الأوساط الغربية لدولة مدنية بمرجعية إسلامية.
ويعبر أداء الإعلام الإخواني الحالي، سواء من خلال الفضائيات أو على وسائل التواصل، عن نفس التكتيكات القديمة.
ويصور الإعلاميون الموالون للإخوان الحضّ على العنف والإرهاب للغربيين والأميركيين على أنه نضال ثوري ضد نظام دكتاتوري فاسد.
ويناقض حديث إبراهيم منير لوسائل إعلام غربية عن نبذ العنف واعتزال السياسة ما تروجه الفضائيات التي تبث من لندن من تشويه وتحريض وتثوير للجماهير المصرية.
وينم الجمع بين طرح مبادرات وتنازلات براغماتية وتوجيه خطاب ثوري تحريضي عبر الإعلام عن تخبط جماعة الإخوان التي تمر بمنعطف خطير يهدد وجودها، ما يجعلها غير متزنة في تصرفاتها حيث تجمع بين الشيء ونقيضه أملًا في إنقاذ التنظيم المنهار.
ويتعامل النظام المصري مع تلك الألعاب من موقع قوة حيث تكاد تكون جميع حكومات الشرق الأوسط ضد جماعة الإخوان رافضة عودتها، وانخفض الدعم الشعبي لها إلى أقل نسبة تأييد منذ تاريخ تأسيسها.
ورغم العديد من الثغرات في الأداء الإعلامي الوطني يظل هناك هامش قدرة على إيصال الوعي الشعبي إلى المستوى المطلوب من اليقظة حيال مخططات إفشال الدولة وتشويه ما تحقق من إنجازات واستغلال الأوضاع السيئة التي يمر بها العالم لتأجيج الغضب الشعبي والعودة إلى مربع الفوضى.
إعلام جماعة الإخوان يستغل الذكرى التاسعة لفض اعتصام أنصارها بميداني رابعة العدوية والنهضة لزيادة جرعة التحريض ضد الشرطة والجيش المصري
وتحصنت الدولة المصرية بخبرات متراكمة تجعلها عصية على الانخداع بحيل الإخوان، فلم تكن الجماعة صادقة يومًا في مزاعم التخلي عن العنف والسلاح، ولم تكن صادقة يومًا في وعودها بالاقتصار على العمل الدعوي والاجتماعي واعتزال السياسة.
ولا يرتبط رفض المصالحة مع الإخوان فحسب بفشلها وفسادها المالي والسياسي وعلاقاتها بقوى خارجية، بل قبل ذلك بما يعنيه التجاوب مع دعوات كهذه من إحداث خلخلة على المستوى الشعبي والمؤسسي.
وارتكبت جماعة الإخوان وأذرعها العسكرية العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت المرافق العامة والمدنيين، كذلك ضباط جيش ورجال شرطة وقضاة، علاوة على الهجمات ضد الأقباط والكنائس.
وقُتل العشرات من الضباط وأفراد الشرطة أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة وما تلاه من اقتحام لمراكز الشرطة، ولم يُستثنَ القضاة وقادة الجيش من الاستهداف، وهو ما يجعل عودة الإخوان والصلح مع جماعتهم غير مرهونيْن بمجرد قرار من القيادة السياسية.
ولذلك استثنى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي جماعة الإخوان من الحوار الوطني، حيث سبق أن دعاها في يونيو 2013 إلى إجراء انتخابات رئاسية ولم تستجب له منحازة إلى لغة العنف، لافتًا إلى أن الأرضية المشتركة للحوار والنقاش ليست موجودة.
ويعكس تلويح جماعة الإخوان بالعنف عبر فضائياتها مدى إحباطها بعد التغيرات في موازين القوى الدولية والإقليمية، ما جعلها تفقد مكانها كورقة ضغط رئيسية في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة.
وأقصت الانقسامات والصراعات الداخلية جماعة الإخوان من المعادلة السياسية المحلية والإقليمية، وهو ما حال دون وجود أي استجابة لمبادرات يطرحها التنظيم.