خمسة، سادسهم جاكي شان
والمقصود بهذا العنوان هو الجموع التي احتشدت تتدافع أمام البيت الأبيض لإسقاط النظام الهاشمي في الأردن، بدعوة مما يسمون أنفسهم بمعارضة الخارج؛ والمقصود بالخارج هنا ما وراء حدود أردن الحشد والرباط، هناك في بلاد العم سام. فبعد أسابيع من التجييش وإصدار البيانات وتدوين المقالات وتزوير الحقائق لهذه المعارضة، والإغراءات في الإقامة بأرقى الفنادق، تحقق حلمهم ومسعاهم في أنهم نجحوا بلملمة( 5 نفر) والوقوف أمام البيت الأبيض ممثلين للمعارضة الأردنية في الخارج. خمسة وخميسة بعين الحساد وولاد الحرام كما يقال، خمسة ذاقوا صنوف التعذيب والإهانة فخرجوا بوطنيتهم يتاجرون فيها في بلاد الاغتراب بعد أن ضاق عليهم وطنهم، فلم يجدوا فيه متسعا لبعد نظرهم، ولا لكفاآتهم وما يتمتعون به من عبقرية سولت إليهم السعي إلى قلب النظام الهاشمي واستبداله بنظام جمهوري . فخرجت جموعهم تتزاحم لا يرى أولهم آخرهم لكثرة عددهم وعديدهم، وكأني بهم يتوافدون من كلّ حدب وصوب؛ من الزواريب الفرعية والشوارع الرئيسة لتتجمع هذه الحشود هاتفةً بإسقاط النظام الهاشمي في الأردن، وقد زلزلت أصواتهم ناطحات السحاب، وهدرت حناجرهم هديرا لا أقل من هدير المحيط الأطلسيّ؛ إنهم خمسة لا سادس لهم، هؤلاء هم الناطقون-في حدود أحلامهم- بلسان الأردنيين، هؤلاء هم من يريدون تحريرنا من الاستعمار والذل الذي نعيشه في الأردن. خمسة؛ كلّ واحد منهم يتكلم بلسان مليون أردنيّ، بل ويزيد.
لقد فضحتمونا بين الأجانب بطرحكم الهزيل الذي لا يستند إلى واقع أو مبرر؛ فإن كنتم خمسة لا يروق لكم النظام الهاشميّ، فإنّ هناك 7 ملايين أردني ناقص5 نفر ما زالوا على عهد ووفاء الآباء والأجداد لهذا النسل الطاهر من بني هاشم. وإن توهمتم يوما أن المسيرات والاعتصامات هي لإسقاط النظام فأنتم غافلون عن حقيقة ما يجري في الأردن من حراك هدفه رأس الفساد والمفسدين سواء أكانوا خارج الوطن أو داخله.
ومن المفارقات الأخرى لهذه المعارضة ما صرّح به-خُذْ نَفَسْ- فلان الفلاني رئيس اللجنة الإعلامية للمعارضة الأردنية في الخارج/ الناطق الإعلامي، في أن الاعتصام كان ناجحا بكل المقاييس، وبأن جميع الحاضرين طالبوا بإسقاط النظام؛ والمقصود بكلمة جميع هنا العدد5 على اعتبار أن ما يزيد على 2 فهم جماعة. كما لا نعرف على وجه التحديد نوع المقاييس التي اعتمدها في إطلاق الحكم على نجاح اعتصامهم وعددها. ولم ينس هذا الناطق الإعلامي استخدام كلمات رنّانة طنّانة على غرار؛ أحرار المعارضة، المناضل البطل الذي أحرق صورة الملك في لندن، إرادة وعزيمة وطموح، الأخوة الأحرار. وغير ذلك من مصطلحات ثورية نضالية بطولية عنترية من عنتريات الإعلام المأجور ومدفوع الثمن بالدولار واليورو والشيكل.
واستكمالا للمشهد الدرامي لهؤلاء المناضلين، فقد تم تزويدنا الآن بصورتين أخريين يظهر في إحداهما شاب صينيّ أو يابانيّ وقد يكون كوريّا أيضا؛ المهم أن ملامحه شبيهة بملامح جثلي أو جاكي شان. وهذا الشخص يقف منتصبا أمام عدسة أحد الأحرار وهو يلتقط له صورة من باب التوثيق للحدث الجلل، بحيث يكون ذاك الشخص- مارق الطريق- ممثلا لشعوب جنوب شرق آسيا في مساندتها للشعوب المقهورة في الأردن. ومن أجل المصداقية، فإن هذا الصيني أو الياباني أو الكوريّ لم يحتسب في عداد وعدّ المعتصمين الخمسة.
هذه هي المعارضة الأردنية في الخارج؛ فتعالوا أيها المناضلون إلى بلدكم؛ فمهما كنتم فلن تبلغوا جرأة سعادة ليث شبيلات في النّقد، وما زال سعادته في معان الشرف معززا مكرما من النظام الهاشمي من المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال وكذلك جلالة الملك عبد الله الثاني. تعالوا فالمعارضة الأردنية موجودة في الداخل يقودها دولة أحمد عبيدات، والأخوان المسلمون، والأحزاب اليسارية والقومية، والحراك الشبابي، تمارس كافة صنوف التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم، مع التأكيد على أن أعدادهم تتجاوز العدد5 الذي انقطع نَفَسُكُم وأنتم تلملمون به حتى جمعتموه في اعتصامكم والذي سيدوّن في مسيرة نضالكم من أجل التحرّر والتحرير والحرية.
رحم الله جريرا عندما قال في الفرزدق:
زعم الفرزدق أنْ سيقتل مربعًا أَبْشِرْ بطولِ سلامة يا مربعُ
ورأيتُ نِبلَكَ يا فرزدق قصَّرتْ ورأيتُ قوسَك ليس فيها منزعُ