يمكن تجاوز الأزمة إذا كان لدينا الشجاعة للإصلاح


عنوان المقال مقتبس من تصريح للرئيس الفرنسي ساركوزي في رد فعله منذ يومين حول تخفيض التصنيف الائتماني لفرنسا ضمن تبعات الأزمة التي تواجهها منطقة اليورو والتي انتقلت عدواها عبر دول منطقة أوروبا. 

وقد أشار الرئيس الفرنسي الى ضرورة الحديث الى الشعب الفرنسي عن قرارات مهمة لا بد من اتخاذها دون إضاعة الوقت. الشاهد في حديث الرئيس الفرنسي أمران مهمان , الأول يتعلق باتخاذ قرارات شجاعة صعبة للوصول الى الإصلاح الاقتصادي المطلوب والثاني ضرورة التحرك الفوري وعدم إضاعة الوقت فكل يوم يمر يعني ارتفاع ثمن وفاتورة الإصلاح الذي لا مفر منه.

الوضع في الحالة الأردنية ليس بأفضل مما هو الحال في فرنسا وغيرها من الدول, فنحن ما زلنا نعاني من آثار الأزمة المالية العالمية, وقد أضيف إليها تبعات فوران المنطقة واضطراباتها الاجتماعية والسياسية, حيث تم تخفيض التصنيف الائتماني للأردن من موجب الى مستقر الى سالب, وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية الى أدنى مستوى لها منذ 7 أعوام, وتشير أرقام الموازنة القادمة الى عجز مالي كلي, حكومة ومؤسسات مستقلة, يصل الى نحو 3 مليارات دينار وبنسبة قد تصل الى نحو 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة لم تسجلها المملكة من قبل على مدى التاريخ الاقتصادي الحديث.

ويشكل رقم المديونية العامة للدولة (داخلية وخارجية) وهيكلها ونسبتها الى الناتج المحلي كابوسا يدعو للأرق, وأخيرا وليس آخرا فان حالة البطالة ونسب النمو المتوقعة المتواضعة ومعدل التضخم المتصاعد تشير الى ظاهرة تضخم ركودي لا مندوحة منه.

نحن بحاجة لقرار جريء وسريع, لم يفت الأوان عليه بعد, للبدء اليوم قبل الغد في عملية إصلاح حقيقي من خلال برنامج تصحيح اقتصادي يهدف الى إصلاح التشوهات الكلية وتأسيس بيئة جاذبة للاستثمار تخلق فرص العمل وتولد الدخل الذي سيحقق إيرادات ضريبة وغير ضريبة لخزينة الدولة, وهو ما طالب به منتدى دعم السياسات الاقتصادية منذ يومين. 

الرئيس الفرنسي علق الجرس منذ اللحظة التي سمع بها بتراجع تصنيف بلاده, فهل نطمع بقرار شجاع لتشكيل قوة تدخل سريع (Task Force) من الفريق الاقتصادي الوزاري, ومختصين من القطاع الخاص والخبراء من الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني وغيرهم لتنبري للبدء بعملية الإصلاح الجريء والشجاع?!!. هذا ما نأمل قريبا. 

* ملاحظة أخيرة أرد عليها على تعليقات بعض قراء موقع الصحيفة الالكتروني على مقالاتي السابقة حيث ورد أكثر من مرة الحديث عن أن تعديل قانون الضمان الاجتماعي تم في فترة خدمتي في المؤسسة كمدير عام, والحقيقة أن تعديل القانون تم بعد تركي المؤسسة بنحو عامين, فأرجو توخي الدقة فليس لي علاقة بتعديلات القانون لا من قريب ولا من بعيد.