باكستان نقطة لقاء استثنائية لدول خليجية متنافسة

أخبار البلد - تحولت باكستان إلى نقطة لقاء استثنائية لمصالح دول خليجية متنافسة اختارت ضخ مليارات الدولارات في اقتصاد البلد خلال السنوات الماضية، سواء في شكل قروض أو عبر استثمارات.

وفي ما تبدو مصر المرشح الطبيعي لهذا التوافق في الدعم بحكم العلاقات الخاصة التي تربطها بدول الخليج، خاصة بعد التقارب مع قطر، أصبحت باكستان أهم نقطة لانعدام الصراع بين دول لطالما تنافست لضمان علاقة مع الدول الإسلامية الكبرى.

وتعهدت قطر الأربعاء باستثمار ثلاثة مليارات دولار في الاقتصاد الباكستاني المثقل بالديون، في أحدث مساعدة تقدّمها دولة خليجية إلى سلطات البلد الحليف في جنوب آسيا.

وكانت باكستان تسعى جاهدة للحصول على تمويل في الأشهر الأخيرة، فيما من المقرر أن يعقد صندوق النقد الدولي اجتماعا الاثنين المقبل لمناقشة إحياء برنامج قرض معلّق بقيمة ستة مليارات دولار.

وسبق أن أعلنت الإمارات هذا الشهر أنّها ستستثمر مليار دولار في باكستان، فيما تدرس السعودية تمديد مدة قرض طارئ قيمته مليارا دولار قدّمته إلى إسلام أباد العام الماضي.

مشاكل باكستان تنبع من عقود من الإدارة الاقتصادية السيئة من قبل الحكومات المتعاقبة والحكام العسكريين الذين فشلوا في معالجة ملفات الفساد وانتشار التهرب الضريبي

وبالإضافة إلى ذلك فإن باكستان مدينة للإمارات بما يزيد على مبلغ ملياري دولار كانت قد حصلت عليه عام 2019، وقد قامت الإمارات في أبريل الماضي بتأجيل سداد الدين لمدة عام واحد.

وفي السنوات الأخيرة قدمت المملكة العربية السعودية إلى باكستان دعما بقيمة 4.2 مليار دولار في شكل قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار تم إيداعها لدى البنك المركزي، بالإضافة إلى 1.2 مليار دولار من مدفوعات النفط المؤجلة.

ويلاحظ مراقبون أن حالة المد والجزر، التي تسم العلاقات بين دول خليجية متباينة المصالح ومختلف حكومات باكستان، عادة ما تنتهي بتعزيز الدعم والتعاون، على العكس من انعكاسات أي توترات سياسية في العلاقات مع الدول الأخرى، والتي عادة ما تجر إلى قطيعة طويلة.

وجاءت المساعدة القطرية الأخيرة إثر محادثات بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في الدوحة الأربعاء، حسب ما أفادت به وسائل الإعلام الحكومية القطرية.

وفي هذا الصدد أعلن جهاز قطر للاستثمار عن عزمه استثمار ثلاثة مليارات دولار في مختلف القطاعات التجارية والاستثمارية في باكستان.

وقال بيان إن الاجتماع ناقش أيضا التعاون في مجالَيْ الدفاع والرياضة، لكنّه لم يؤكّد تقارير إعلامية باكستانية تفيد بأن باكستان سترسل قوات إلى قطر من أجل المساعدة على تأمين منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستبدأ في 20 نوفمبر.

وذكرت صحيفة "إكسبرس تريبيون” اليومية الباكستانية أن مجلس الوزراء وافق على مشروع اتفاق بين باكستان وقطر يقضي بإرسال قوات عسكرية باكستانية إلى قطر للمشاركة في تأمين ذلك الحدث الضخم.

وقالت الصحيفة إن مجلس الوزراء وافق على مشروع الاتفاق قبل أن يزور رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف قطر.

kk

وأعانت المساعدات المقدّمة من دول الخليج، إلى جانب قرض بقيمة 2.5 مليار دولار من الصين، باكستان على تجنب أسوأ أزمة اقتصادية شهدت تجاوز التضخم السنوي مستوى 20 في المئة.

ولم يتم تنفيذ حزمة الإنقاذ التي قدّمها صندوق النقد الدولي بقيمة ستة مليارات دولار، والتي وقّعها رئيس الوزراء السابق عمران خان في عام 2019، بالكامل لأنّ الحكومة فشلت في تنفيذ تخفيضات وعدت بها حيال الدعم الذي تقدّمه لعدد من المواد وعجزت عن تحسين آليات تحصيل الإيرادات.

ورغم ذلك أظهر الاقتصاد علامات تحسن مؤخّرا، فتعزّزت العملة المحلية وحقّقت سوق الأسهم مكاسب في الأسبوعين الماضيين.

ويقول محلّلون إن مشاكل باكستان تنبع من عقود من الإدارة الاقتصادية السيئة من قبل الحكومات المتعاقبة والحكام العسكريين الذين فشلوا في معالجة ملفات الفساد وانتشار التهرب الضريبي.

وتأتي زيارة شريف إلى قطر قبل اجتماع لصندوق النقد الدولي الأسبوع المقبل من المتوقع أن يوافق خلاله على تمويل لإسلام أباد (يزيد عن مليار دولار) متعثر منذ بداية العام.

ودعا شريف الثلاثاء جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي القطري الذي تبلغ قيمة أصوله 450 مليار دولار) إلى الاستثمار في قطاعيْ الطاقة والطيران في باكستان.

وكان قد قال في وقت سابق إنه سيسلط الضوء على قطاعات مثل الطاقة المتجددة والأمن الغذائي وتطوير الصناعة والبنية التحتية والسياحة والضيافة.

وقال مصدران مقربان من شريف إنه من المتوقع أن يعرض على الدوحة حصصا في شركات مملوكة للدولة، مثل الخطوط الجوية الدولية الباكستانية التي تعاني خسائر وفندق روزفلت في نيويورك.