الملياردير المغرّد يثير انقساما إعلاميا ومجتمعيا في مصر

أخبار البلد - تسببت تغريدة كتبها رجل الأعمال نجيب ساويرس حول حريق نشب في كنيسة مصرية الأحد في انقسام إعلامي ومجتمعي ممتد على وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح كلامه الباب أمام تشكيك بعض الإعلاميين في نواياه السياسية، مؤكدين أن حرصه على التواجد المستمر من خلال حسابه على تويتر الذي يتابعه نحو ثمانية ملايين متابع داخل مصر وخارجها يحمل أهدافا متباينة.

وأثارت التغريدة المفاجئة التي حملت معنى جنائيا متعمدا للحادث تساؤلات حول غرام الملياردير المصري بمنصة تويتر وحرصه على التفاعل الكبير مع متابعي حسابه وتبادل الآراء معهم، سلبا أو إيجابا، وحرصه الشديد على أن يدلي بآرائه في العديد من القضايا المطروحة على الساحة المصرية بلا سقف أو حواجز سياسية. ومكنته هذه الميزة من أن يصبح حسابه على تويتر من الحسابات الجذابة، حيث يكتب عبارات قصيرة ومبهمة أحيانا وتحمل تأويلات متفرقة، ولا يتقاعس عن الرد على متابعيه والدخول معهم في مناقشات ساخنة في موضوعات شتى.

وطالب الإعلامي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري النائب العام المصري الاثنين، بالتحقيق مع رجل الأعمال متهما إياه بإثارة الفتنة، قائلا "نجيب ساويرس يقوم بكتابة تغريدة عكس الرياح بهدف إثارة المشاكل والأزمات والفتنة.. وأن هناك فاعلا وراء الحادث دون أن يمتلك دليلا أو تصريحا صحافيا أو بيانا من الكنيسة أو من أي شاهد، وتحدث بصيغة وكأنه متحدث رسمي باسم الأقباط، وهذه اللغة غير مقبولة”.

وكان ساويرس قد كتب على حسابه على موقع تويتر "لم أرد أن أكتب تعزية قبل أن أعرف تفاصيل الحادث لأننا في صعيد مصر لا نقبل العزاء قبل أن نعرف التفاصيل وأن نعرف الفاعل! الله هو المنتقم! وهو الذي سيأتي بحق الضحايا.. عزائي لمصر كلها بكل المسلمين والمسيحيين لأن كل من يعبد الله حزين”.


ومنذ نشر هذه التغريدة وما حوته من تفسيرات تعرض الملياردير المصري للكثير من الانتقادات، من مسلمين ومسيحيين، وبدا متهما بإثارة الفتنة المجتمعية في نظر البعض، لكن شريحة قليلة أيدته بالنظر إلى ما حملته تغريدته من هواجس قيل إنها مشروعة.

وبالغ البعض في توجيه اتهامات صارخة ومبطنة، وجميعها حملت شكوكا في نواياه، خاصة وأن توقيت البث جاء في وقت متأخر من الليل (11 مساء بتوقيت القاهرة) وبعد أن كشفت وزارة الداخلية حقيقة الحريق الذي وقع نحو الثامنة صباحا بتوقيت القاهرة، ما جعل البعض يشير إلى أن تغريدته موجهة إلى الخارج، إذ راعى فارق التوقيت ليتمكن سكان الولايات المتحدة من متابعته.

وأكدت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها أن سبب الحريق الذي تعرضت له كنيسة أبي سيفين بحي إمبابة في القاهرة وراح ضحيته عشرات المواطنين يرجع إلى حدوث "ماس كهربائي”، وأن رجال الإطفاء تعاملوا مع الموقف وتمت السيطرة عليه.

وأخذت التعليقات منحى مختلفا عندما قال مغردون إنه كان الأولى بساويرس أن يبادر بالتبرع لأسر الضحايا بدلا من بث السموم، ما دفعه إلى التغريد مجددا وباختصار، قائلا "أنا لا أعلن عن تبرعاتي يا عزة”، ردا على تغريدة كتبتها فتاة مصرية اسمها عزة.


"الملياردير المغرد" كتاب يلفت الانتباه إلى تفاعل رجل الأعمال المصري ساويرس على تويتر

ولفت الإعلامي المصري عمرو أديب في برنامجه "الحكاية” على قناة "أم بي سي مصر” مساء الأحد، الانتباه إلى كلام ساويرس بعد بثه بقليل، وقال "أنا مش (غير) فاهم المنشور وإيه يقصد المهندس نجيب، بعض الجمل مش قادر على فهمها.. واضح إن القصد مش سهل، طبعًا الانطباع إنه غاضب وهو أمر طبيعي، لكن هناك انطباعات أخرى، إنه ربما يعرف حاجة إحنا ما نعرفهاش”.

وعاد التفاعل مرة أخرى مع الهواجس التي بثها ساويرس على مواقع التواصل عقب تشكيك البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في الدور الذي تلعبه المنصات وما تحفل به من شائعات وأكاذيب.

وأوضح البابا تواضروس في تعليق هاتفي له الاثنين مع برنامج "مساء dmc” أن "الأكاذيب التي تطرح على صفحات السوشيال ميديا وبعض الصفحات الأخرى لا تليق بحرمة الموت والحادث، والألم الموجود في القلوب، والمفروض إحنا (نحن) بشر نضمد الجراح بالأفعال الطيبة في مثل هذه المواقف، لكن فيه ناس أثارت الشر وتتحدث عن أكاذيب وإشاعات وكلها غير حقيقية، وفيها شكل من أشكال توجيه التقصير والاتهام إلى الناس، ونحن لا نقبل هذه الأمور في الكنيسة على الإطلاق”.

وبصرف النظر عن أن المقصود من كلام البابا تواضروس هو ساويرس نفسه أم غيره، يُعد الكتاب الذي أعده الصحافي المصري محمد رفعت في عام 2019 بعنوان "الملياردير المغرد” صرخة تحذير من تغريدات ساويرس، حيث لفت الانتباه إلى الدلالات التي تحملها الكثافة المبالغ فيها من تفاعل رجل الأعمال المصري على تويتر.

وقال الصحافي محمد رفعت في تصريح خاص لـ”العرب” "لم أندهش أو أتعجب كما تعجب الكثيرون من تغريدة الملياردير المريبة حول حادث حريق كنيسة أبي سيفين، لأنها تتسق مع مجمل تغريداته السابقة التي قمت بتحليل مضمون المئات منها”.

الملياردير المصري حريص على الإدلاء بآرائه في القضايا المطروحة على الساحة المصرية بلا سقف أو حواجز سياسية

وأضاف أنه اكتشف أن رجل الأعمال "شخصية استعراضية مدمنة على حب الاختلاف والبحث عن الأضواء، ونزعته المتأصلة لتشجيع ودعم كل ما يمس ويهدم الثوابت المجتمعية، مثل تشجيعه لمطربي المهرجانات وتبنيه لموضة الفساتين المكشوفة في مهرجان الجونة السينمائي”، وقد أعلن عن تأجيل دورته القادمة إلى أجل غير مسمى.

وأوضح "على المستوى السياسي لا يمكن أن ننسى الدور الغامض الذي قام به عقب ثورة 25 يناير 2011 في مصر من خلال قناته التي كان يمتلكها في ذلك الوقت (أون تي في) وتبنيه لبعض الإعلاميين المثيرين للجدل”.

وذكر محمد رفعت لـ”العرب” أنه "بعد تقليم أظافر ساويرس سياسيا وإجباره على بيع القناة والتخارج منها والتخلي عن حزب المصريين الأحرار الذي كان يرأسه ويسعى ليكون ذراعه السياسي للقيام بدور مؤثر في الحياة المصرية أصبح وجوده على تويتر هو منصته الإعلامية المفضلة لإطلاق صواريخ تشكيك وإثارة فتنة بين المصريين”.

وتظل حالة ساويرس نموذجا لرجال أعمال وسياسيين في العالم يجيدون التفاعل مع تويتر من خلال تغريدات تثير جدلا بسبب صراحتهم الكبيرة في التعبير عن مواقفهم.