أحزاب الأنابيب
أخبار البلد-
في الآونة الأخيرة أطلق بعض السياسيين مصطلح «أحزاب الأنابيب» حول حركة تشكل الأحزاب الحالية والتي من شأنها أن تعمل على تجديد وتحديث منظومة الإصلاح السياسي المأمول بحسب الأوراق النقاشية ومخرجات اللجنة الملكية، والملبية لتطلعات المواطن للوصول لمستوى المشاركة الحزبية الحقيقية في العملية الديمقراطية، الا انه كتعبير كان واضحا وجليا ان هدفه الاستخفاف بعملية السير التحديثي للمنظومة الحزبية، والتي نأمل ونسعى جميعا من خلالها لترسيخ قواعد الازدهار والاستقرار لبناء غد أفضل.
التشبيه الذي أريد به باطل أتى لضرب تحرك الشارع المتعطش لمشاركة حزبية فعالة وحقيقية وبناءة، والذي اطلق في البداية بغية دك عملية التحديث والترميم السياسي للمنظومة الديمقراطية، إلا أنه جاء صحيحا ودقيقا، وذلك للتشابه الأصيل بين عمليات أطفال الأنابيب وعمليات تأسيس تلك الأحزاب، فقد تم اختيار أقوى نطفة لأكثر البويضات صحة، على أمل علاج العقم الحزبي، والخروج بوليد جديد للعالم الديمقراطي على أمل أن يكون قائدا للعملية الديمقراطية في المستقبل.
لقد تضمنت الأوراق النقاشية الملكية حول تعميق تجارب الحكومات البرلمانية، أن تولي الكتل الحزبية أو الائتلافية ذات الأغلبية النيابية المسؤولية يضع أساسا لممارسة حزبية حقيقية وفعالة، لكون المسيرة الإصلاحية لا يمكن أن تمضي لتحقيق أهدافها إلا بتلبية وتحقيق تطلعات وآمال شعبها، وبالتالي فإن إعادة تحديث المنظومة الحزبية يأتي في المرتبة الأولى في أولويات الإصلاح السياسي والعمل الحزبي.
واذا نظرنا هنا الى نماذج حية وناجحة في الدول الغربية، لرأينا أن أغلب الأحزاب التي تقود العمل السياسي هناك لا تتعدي 2-3 % من نسبة عدد السكان، وهو ما يعكس أن أعداد ونسب المنضمين والمسجلين بالأحزاب السياسية وتأثيرهم على العملية الديمقراطية لا يعد مقياسا لنجاح تشكيل الأحزاب.
النقطة الجوهرية الأخرى هي أن القاسم المشترك بين الأحزاب السياسية التي تقود الدول الغربية هي أنها لا تسمح أبدا بتفريغ العملية الديمقراطية أو قصر تولي المناصب القيادية فيها على فئة معينة من الناس، لأن الأساس في نجاح الحزب واستمراره قويا هو قربه من الشارع ومطالب المواطنين وتحقيق آمالهم وطموحاتهم بصرف النظر عن عدد أعضاء الحزب سواء قلوا أو زادوا، فالمقياس هنا هو الكفاءة والفعالية وليس الكثرة.
وبالعودة الى تاريخ تأسيس الدولة فقد كان حزب الشعب هو أول حزب دعا إلى تكوين مجلس نيابي ولم يكن بحجم تعدادي ضخم كما يعتقد البعض لكنه أكد أن الأحزاب ركيزة أساسية لانتخاب مجالس وحكومات مسؤولة امام الشعب، ومن ثم خرجت من بعده حركات وأحزاب على الساحة السياسية كحركة الإخوان المسلمين والحزب الشيوعي الأردني وحزب التحرير والحزب الوطني الاشتراكي وغيرها من الحركات والأحزاب التي شاركت في بناء وتأسيس الدولة الأردنية.
تلك الحركات والأحزاب خلقت التنوع الحقيقي في الحياة السياسية من تيارات وائتلافات كالتيار الإسلامي أو ما يسمى باليمين، والتيار القومي واليساري وهذا التعدد إن دل على شيء فإنما يدل على أن الساحة الحزبية بحاجة الى إعادة تحديث وترميم وليس بناء كما هو رائج.
في نهاية المطاف وإن اختلفنا في الطرح او التقديم حول طريقة التشكيل السياسي إلا انه من واجبنا المشاركة في تحديث المنظومة السياسية وذلك بالانضمام للحزب السياسي الذي يحمل افكارا واهدافا تبني مستقبلا واعدا لأبنائنا وأحفادنا.